في أول خطاب له منذ أن اقترعت الأكثرية الساحقة في جنوب السودان لمصلحة الانفصال، حاول الرئيس عمر البشير، أمس، التقليل من التداعيات المتوقع حصولها على الشمال أو على نظام حكمه. وأكد البشير، خلال زيارة لولاية نهر النيل، أن الانفصال «لن يكون نهاية التاريخ، بل بداية لثورة جديدة نبني من خلالها سوداننا الجديد الذي نرفع راياته»، متعهداً بإحداث ثورة تنموية شاملة مع توفير الخدمات للمواطنين والاهتمام بالطفرة الزراعية.
وتطرق البشير إلى دعوات إطاحة نظامه، مشيراً إلى أن «الشعب السوداني خيّب آمال الواهمين الذين يظنون أن زيادة أسعار الوقود والسكر ستؤدي إلى اندلاع التظاهرات في الشوارع كما حدث في تونس»، وذلك بالتزامن مع كشف مصادر طبية عن وفاة الشاب السوداني الذي أضرم النار في نفسه، الأسبوع الماضي، في وسط أحد شوارع منطقة أم درمان.
وأضاف البشير «نحن شعب الانتفاضات، وتعلّم الناس ذلك منّا، ولم نكن مقلّدين»، في إشارة إلى الانقلاب الذي نفذته «جبهة الإنقاذ» في عام 1989، قبل أن يتعهّد بأنه «في اليوم الذي نشعر فيه بأن الشعب رافض لنا، سنخرج له في الشوارع ليرجمنا بالحجارة، ولن نذهب خارج السودان بل سندفن فيه».
من جهةٍ ثانية، طالب البشير الشماليين بالتعامل بواقعية مع نتائج الاستفتاء، معترفاً بأن الانفصال «أصبح واقعاً»، ومطمئناً إلى أنه سيدعم «الدولة الجديدة في الجنوب ويتمسك باستقرارها».
كذلك دعا أنصاره إلى عدم الحزن، والتوجه عوضاً عن ذلك إلى الجنوب والاحتفال مع سكانه باستقلالهم، على الرغم من التناقض الذي أظهرته النتائج الأولية لاستفتاء جنوب السودان، بعدما تبيّن أن أكثر من 100 في المئة من الناخبين المسجّلين أدلوا بأصواتهم في سبع من المقاطعات الجنوبية.
وهوّن نائب مفوضية الانتخابات، تشان ريك مادوت، من هذا التناقض، قائلاً إنه لن يؤثر بأي حال على نتيجة الاستفتاء، بعدما وضعه في سياق «الخطأ اللوجستي».
من جهةٍ ثانية، قدّر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجديد، أفيف كوخافي، أن منطقة شمال السودان ستتحول إلى قاعدة أخرى لتنظيم «القاعدة».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن كوخافي قوله، خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، إنّ «منطقة شمال السودان قد تتحول إلى منصّة أخرى لتنظيم القاعدة على غرار أفغانستان»، لافتاً إلى أن «الشرق الأوسط يتجه نحو الأسلمة، ويعرب عن استعداد أقلّ للتوصل إلى تسويات».
إلى ذلك، تجدّدت الاشتباكات بين القوات المتمردة في دارفور والجيش السوداني، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل. وأعلن المتحدث باسم «حركة تحرير السودان ـــــ جناح عبد الواحد نور»، آدم صالح أبكر، أنّ قوة مشتركة من حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وقوات نور، إضافة إلى قوات حركة التحرير والعدالة بقيادة علي كاربينو، اشتبكت مع قوات من الجيش السوداني في منطقة تابيت بالفاشر.
وأوضح أن الحركات المتمردة نجحت في إسقاط طائرة مروحية حربية على مشارف مدينة الفاشر، ما أدى إلى مقتل 3 من طاقمها وجرح شخص رابع.
بدوره، كشف مناوي أن قواته شنّت، بالتعاون مع عدد من الحركات المتمردة الأخرى، عمليات مشتركة في الأسابيع الماضية في هذه المنطقة، واضعاً الاشتباكات الأخيرة في خانة الردّ على هجوم السلطات السودانية على معكسر زمزم الذي يُعدّ معقلاً لقواته في نهاية الأسبوع الماضي. وفي غضون ذلك، أكّد متحدث باسم قوة حفظ السلام المشتركة، المؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، وقوع مواجهات في تابيت بالفاشر، مشيراً إلى أنه لا يمكن تأكيد أو نفي سقوط المروحية.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)