غزة ــ الأخبار التزمت حركتا «فتح» و«حماس» الصمت إزاء الاحتجاجات الشعبيّة المستعرة في مصر، التي أطلقتها مجموعة من الشباب في 25 من الشهر الماضي للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية، وتطوّرت حدّ الدعوة إلى إزاحة نظام الرئيس حسني مبارك الممسك بالسلطة منذ 30 عاماً.
لكلّ من «فتح» و«حماس»، وهما الحركتان الأكبر على الساحة الفلسطينية، وتتنازعان منذ أربعة أعوام على قيادة الفلسطينيين، مبرراتهما لعدم التعليق وإبداء آراء علنية إزاء الأحداث في مصر.
عدم «التعليق» علناً على هذه «الثورة» يعكس حساسية العلاقة مع مصر بالنسبة إلى الحركتين اللتين تتابعان عن «كثب» تطورات الأحداث لحظة بلحظة، ترقباً لأي تغيّرات «جوهرية». قيادة «فتح» التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، تربطها علاقة قوية بالنظام المصري، وتعدّه مرجعيتها السياسية. وقد استمرّ عباس على نهج الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي كانت القاهرة «محطة» رئيسية بالنسبة إليه. وقال قيادي في الحركة رفض الكشف عن اسمه إن «شبح» الموقف الفلسطيني من اجتياح العراق للكويت مطلع تسعينيات القرن الماضي لا يزال «هاجس» الحركة والقيادة الفلسطينية، التي تفضل «التريّث» قبل إبداء أيّ موقف رسمي ومعلن. وتسبب موقف الراحل عرفات المساند للعراق في اجتياحه للكويت عام 1990، في قطع الكويت علاقتها بمنظمة التحرير، وطرد آلاف الفلسطينيين العاملين في الكويت.
وذكر القيادي الفتحاوي أن «عباس والأطر القيادية في الحركة والسلطة الفلسطينية، يتابعون ويراقبون بأهمية شديدة تطورات الأحداث الجارية في مصر»، فيما لم يخف قيادي آخر في «فتح» مساندة القاعدة الجماهيرية للحركة «عدالة المطالب الشعبية» المصرية، بعكس رؤية القيادة التي تبدو «قلقة» من مستقبل الخريطة السياسية في مصر، وترى في النظام المصري القائم داعماً وحاضناً لها. في المقابل، ترى «حماس»، التي تتعرض لقيود مصرية شديدة منذ فوزها في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، أن «سقوط» النظام المصري يصب في مصلحتها. وتقول أوساط في الحركة الإسلامية إن «سقوط النظام المصري سيخفف الضغوط المفروضة عليها، ويساهم في كسر الحصار والتواصل مع العالم بحرية عبر معبر رفح، المنفَذ لسكان القطاع».
لكن «حماس» تخشى فشل «أمانيها» وبقاء «قبضة» النظام المصري والسيطرة على الأوضاع. لذلك لم تكتف بعدم التعليق، بل منعت أي تظاهرة تضامنية مع «ثورة» الشعب المصري في غزة. وقبل يومين، منعت قوة من المباحث العامة والشرطة النسائية تظاهرة سلمية في غزة تضامناً مع المتظاهرين المصريين. وقالت أسماء الغول، وهي كاتبة صحافية ومراسلة مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية «سكايز»، إن عناصر من الشرطة النسائية «قمن باحتجازي مع أربع مدونات وصحافيات لعدة ساعات عندما جئنا للمشاركة في تظاهرة بدعوة من مجموعة فلسطينية على موقع الفايسبوك، للتضامن مع انتفاضة الشعب المصري».
وتابعت الغول «هددتني شرطيتان، إحداهما ملثمة، وضربتاني بعنف على وجهي ورأسي في قسم المباحث الجنائية، وشككت إحداهن في ديني، وبعد أربع ساعات أخلوا سبيل الصحافيات والمدونات الأربع وبعدهن بساعة أخلي سبيلي».
بدوره، قال الناشط الحقوقي مصطفى إبراهيم، وهو شاهد عيان على الحادثة، إن عناصر الشرطة تعاملوا بقسوة وخشونة شديدة، ولم ينتظروا سماع أحد في المكان. وذكر أن «حكومة حماس غير مقتنعة بحق التجمع السلمي، وتمنع دائماً الناس والفصائل الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني من حق كفله القانون للناس بالتجمع السلمي»، من دون أن «تستخلص العبر مما يجري في محيطنا العربي».
وأنشأ ناشطون على موقع «فايسبوك» صفحة بعنوان «ثورة الكرامة في غزة»، تدعو إلى «الثورة» على حكومة «حماس» في 11 من الشهر الجاري، وقد جذبت الصفحة آلاف الأعضاء في غضون أيام قليلة.
وقالت الغول إن المحققين في المباحث اتهموها بالعمل على «زعزعة الاستقرار في البلد».