عندما اعتزل بيني غانتس الحياة العسكرية قبل نحو شهرين، لم يكن يخطر في باله أن تشهد قضية تعيين رئيس جديد للأركان خلفاً لغابي أشكينازي قدراً من التعقيدات ستؤدي في نهاية المطاف، إلى عودته إلى ارتداء الزي العسكري في منصب القائد العشرين للجيش الإسرائيلي. التعقيدات التي قادت إلى إطاحة يوآف غالنت قبل أسبوع من تسلّمه منصبه، جعلت تعيين غانتس مكانه أشبه بخيار الضرورة، في ظل تشبث وزير الدفاع، إيهود باراك، بعدم التمديد لغريمه أشكينازي من جهة، وتعرضه لانتقادات حادة بسبب اقتراحه تعيين رئيس أركان بالوكالة لمدة أشهر من جهة أخرى. مهما تكن الحال، فإن تسلّم غانتس مقاليد الجيش الإسرائيلي، بعد أقل من يوم على إقراره رسمياً من جانب الحكومة، يؤشر قبل أي شيء آخر إلى حجم «أزمة الحكم» التي تنتظره داخل صفوف الجيش، في أعقاب الهزات المتعاقبة التي تعرّض لها من أشهر على خلفية تعيين غالنت. بيد أنه بالرغم من ذلك، يرجّح أن تكون هذه الأزمة شيئاً عابراً بالقياس، إلى حجم التحديات التي يواجهها الجيش في ضوء الزلزال المصري، وهي تحديات من المؤكد أنها لن تمنح رئيس الأركان الجديد ترف التمتع بفترة سماح يتطلبها تكيفُه مع المنصب. وقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واضحاً في إشارته إلى هذا الأمر عندما قال في جلسة الحكومة أمس، إن تعيين غانتس «سيساعد على تثبيت الاستقرار في الجيش الذي هو أمر مهم دائماً، لكنه أصبح بالغ الأهمية نظراً إلى الهزات العميقة التي تشهدها منطقتنا». مهمّات سيتصدى لها غانتس مظلَّلاً بقدر لا بأس به من الشكوك التي تحوم حول كفاءاته القيادية والعسكرية، إذ رغم كونه محسوباً على مدرسة أشكينازي، فإن حضوره لا يزال ضعيفاً بالقياس الى الجنرالات المتصارعين من أمثال باراك وأشكينازي وغالنت، فضلاً عن أنه لا يتمتع بشخصية كاريزماتية، مع أن الجميع يثني عليه باعتباره «جندياً جيداً».
وبحسب العديد من المحللين الإسرائيليين، يجب على غانتس مراجعة كل الخطط الاستراتيجية لمواجهة الواقع الاستراتيجي الجديد في الشرق الأوسط، فيما تسود خشية لدى أجهزة التقدير الإسرائيلية من أن يتكرر سيناريو إيران على الساحة المصرية، إذا تمكّن «الإخوان المسلمون» من الاستفادة من الوضع الجديد لتولي السلطة في القاهرة، أو لممارسة نفوذهم لإلغاء اتفاقية كامب ديفيد.
التحق غانتس، الذي يبلغ من العمر 51 عاماً، بالجيش عام 1977، ثم تسرح منه عام 2010، بسبب عدم تعيينه رئيساً للأركان، واختيار اللواء يوآف غالنت للمنصب. وقد تولى العديد من المناصب خلال خدمته العسكرية، بدأها في سلاح المظليّين الذي أصبح قائداً له في مرحلة لاحقة، ثم أصبح قائداً للمنطقة الوسطى، التي تضم الضفة الغربية، عام 1994، وكان يتولى قيادة فرقة لبنان خلال الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، ثم أصبح عام 2002 قائداً للمنطقة الشمالية، ثم قائداً لسلاح البر عام 2005، وأصبح عام 2007 ملحقاً عسكرياً في الولايات المتحدة قبل عودته الى إسرائيل عام 2009، ليصبح نائباً لرئاسة الأركان.
يحمل غانتس شهادة بكالوريوس في التاريخ من جامعة تل أبيب، والماجستير في العلوم السياسية من جامعة حيفا، ويحمل إجازة في إدارة الموارد القومية من جامعة الأمن القومي في واشنطن.