القاهرة ــ الأخبار كان يوم أمس درامياً بامتياز. الجمهور الكبير شاهد ثلاثة من نجوم نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك بملابس السجن البيضاء. أبرز هؤلاء النجوم كان أحمد عز، ملياردير الحديد وقرين جمال مبارك، الذي استحوذ على الاهتمام الأكبر، وسط سيل من الشتائم ولقطات توثّق لحظة وقوف رجال النظام المخلوع خلف القضبان. «سيّارة الترحيلات» حملت عز، وبرفقته كلّ من وزير الإسكان السابق أحمد المغربي، ووزير السياحة السابق زهير جرانة، ليقفوا جميعاً أمام محكمة شمال القاهرة لمناقشة قرار تجميد أموالهم.

بدا عزّ مرتبكاً، فيما كان جرانة شارداً. وحده المغربي كان مبتسماً، وردّد أنه «واثق من البراءة»، بينما كان المصريون يهتفون: «الحرامية أهم»، و«واحد اتنين فلوسنا راحت فين».
الجلسة استغرقت ٢٠ دقيقة. لا يعرف أحد كيف مرّت هذه الدقائق على من كانوا يوماً ينعمون بجنة نظام مبارك، لا تؤذيهم شوكة، ويتحكمون في مصائر شعب نجح في إسقاط النظام، فتداعت حلقاته الواحدة تلو الأخرى.
مسلسل اصطياد الفاسدين شهد أمس حلقة مثيرة عندما أصدر النائب العام قراره بمنع عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين، إضافة إلى رجال أعمال، من السفر والتصرّف بأموالهم. على رأس هذه المجموعة عاطف عبيد، رئيس الوزراء الذي بيعت في عهده أكثر من ٧٠ في المئة من شركات القطاع العام، وعُدّ وقتها «قنّاص الخصخصة».
هناك أيضاً فاروق حسني، وزير الثقافة، الذي ظل تحت جناح النظام طيلة ٢٢ عاماً. وربما ظل المهندس أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، الشخصية المؤثرة حتى اليوم، وكان وجوده على رأس السلطة الإعلامية مثيراً للقلق، وخصوصاً بعدما غيّر المذيعون والمذيعات خطاباتهم بين ليلة وضحاها.
الشيخ متهم بالفساد وإهدار المال العام. أما رجال الأعمال، وأشهرهم محمد أبو العنيين، مليادرير السيراميك ورئيس البرلمان الأورومتوسطي. رغم أن القرار يتعلق بالفساد المالي، إلا أن أبو العينين متهم أيضاً بالمشاركة في استدعاء بلطجية «موقعة الجمل» الشهيرة.
الدراما في معسكر الثورة المضادة لم تخل من «لعب أسود» في ملفات جهاز مباحث أمن الدولة طوال ربع قرن. هكذا عُثر على قسّ في مدينة صغيرة قريبة من أسيوط (عاصمة الصعيد)، مقتولاً منذ عدة أيام، لتعود معه نغمة الفتنة الطائفية. ورغم أن أسباب القتل غير معروفة، إلا أن بعض الأقباط هناك لجأوا إلى إشعال تظاهرات للمرة الأولى. كذلك انتشرت على مواقع قبطية شائعات عن اقتحام الجيش لدير الأنبا بيشوي بالدبابات، من دون شرح الأسباب. وردّ المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالرسالة الرقم ١٣ على موقع المجلس على «الفايسبوك»، قال فيها: أولاً، لم تقم القوات المسلحة بأي اعتداءات على دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون. ثانياً، لا نيّة مطلقاً لهدم الدير، إيماناً منا بحرية وقدسية أماكن العبادة للمصريين. ثالثاً، إن ما جرى التعامل معه من قبل القوات المسلحة هو بعض الأسوار التي بنيت على الطريق وعلى أراض مملوكة للدولة من دون سند قانوني. ونطلب من أبناء هذا الوطن العظيم عدم الاستماع أو ترديد الشائعات التي تضرّ بأمن ووحدة النسيج الوطني لهذه الأمة العظيمة في هذه اللحظات الحاسمة».
من جهة أخرى، تقدمت جبهة الدفاع عن المتظاهرين المصريين ببلاغ إلى النائب العام ضد اللواء محمود وجدي، وزير الداخلية، بعد تصريحات تلفزيونية عاد فيها الحديث بمنطق المؤامرة الأجنبية والأجندات الخارجية إلى ما سمّاه البيان «نغمة ممجوجة ظنناها قد رحلت مع من رحل».
وكان الوزير قد لمّح في حوار تلفزيوني إلى وجود عناصر أجنبية، هي التي أخافت المتظاهرين في ميدان التحرير، وأطلقت عليهم الرصاص الحي. وأكد أن «الاعتداء على الأقسام والسجون حصل بتدبير مجرمين جنائيين وسياسيين، وأن لا علاقة لأجهزة الأمن بذلك، وهي بريئة منه، وأن حالات استخدام الرصاص الحي أمام الأقسام كانت بدافع الدفاع عن النفس والممتلكات».
الوزير من وجهة نظر البلاغ لم ينتظر نتيجة التحقيقات، ولم يكن هدفه سوى تبرئة أجهزة الأمن. وبينما دخل وزير الداخلية الجديد محمود وجدي في مرمى البلاغات، كان ٤ آلاف من أمناء الشرطة المفصولين يشعلون النار في أحد مباني وزارة الداخلية، بفعل الانتقام أو في إطار عملية إخفاء المستندات، كما رأت قطاعات من ثوار 25 يناير. هؤلاء رأوا أن هناك محاولة لإمرار عودة الشرطة بكامل طاقمها القديم، بعد إضافة «مكياج» على طريقة «عفا الله عمّا سلف».
من جهة أخرى، بدأت سلسلة استقالات رؤساء تحرير وإدارة الصحف الحكومية باستقالة علي هاشم رئيس مجلس إدارة دار التحرير، ومحمد علي إبراهيم رئيس تحرير الجمهورية، وعبد القادر شهيب رئيس مجلس إدارة دار الهلال. وينتظر حصول استقالات جديدة خلال الساعات المقبلة.