نفت جمعية «الوفاق» الإسلامية البحرينية، أكبر كتلة سياسية معارضة، أن تكون المعارضة منقسمة على نفسها بالنسبة إلى مطالب الثورة، التي تتمثل بالملكية الدستورية، لا بإسقاط الملكية. ورغم مؤشرات التهدئة، فإن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، في ظل تفاعل العاملين المحلي والإقليمي، ولا سيما بعد زيارة الملك البحريني حمد بن سلمان آل خليفة للسعودية. وفي هذه الأثناء، خرج المعتقلون السياسيون إلى الحرية تباعاً منذ ساعات الفجر الأولى، ليشهدوا ما فعلته ثورة 14 شباط في الساحات، ولينضموا إلى المتظاهرين.
وأكّد النائب الوفاقي علي الأسود، في لقاء مع «الأخبار»، أن الجمعية بثقلها السياسي والشعبي قادرة على إقناع الشارع برؤيتها السياسية وعملها الذي يهدف إلى تحقيق المطالب المشروعة للشعب.
ورغم أن حركة «الأحرار» كانت قد أكدت أن زعيم حركة «حق» حسن مشيمع لن يشارك في هذه المشاورات أو في الحوار، إلا أن النائب الوفاقي، الذي يزور بيروت، قال إن مشيمع سيشارك. وكان مشيمع قد حط في بيروت آتياً من لندن وبقي لمدة 24 ساعة قبل أن يغادر إلى المنامة. لكن الأسود لم ينف أن حركة «الأحرار» التي تنشط من لندن، إضافة إلى مجموعات صغيرة، لن تشارك في الحوار، مشيراً إلى أن هذه الحركات تبقى فئة قليلة.
وأجرى النائب البحريني زيارة لبيروت بناءً على دعوة قناة «العالم» الإخبارية، وقال إنه لم يلتق خلال الزيارة أي مسؤولين سياسيين أو حزبيين لبنانيين. وأوضح أن الاجتماعات المفتوحة لقوى المعارضة متواصلة لبحث مبادرة الحوار التي قدّمها ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. لكنه أضاف أن هذه المشاورات لم تطرح بعد تفاصيل أو شروطاً للانطلاق في الحوار. وأشار إلى أن الاتصالات المباشرة وعبر وسطاء مع السلطة الحاكمة لا تزال قائمة، وكانت بهدف سحب الجيش من الشارع وإطلاق سراح المعتقلين، أما المشاورات التي تشمل الجمعيات السياسية السبع (التجمع القومي الديموقراطي، المنبر الديموقراطي التقدمي، الإخاء الوطني، التجمع الوطني الديموقراطي، العمل الإسلامي، الوفاق الوطني الإسلامية والعمل الوطني الديموقراطي «وعد») فهدفها البحث عن الأسس المناسبة للحوار، وتعريف الحدّ الأدنى للمطالب، مشدّداً على أنّ التظاهرات ستتواصل حتى تحقيق هذه المطالب، ومشيراً إلى أن ولي العهد طرح المبادرة، لكنه لم يدع حتى الآن أي جهة سياسية رسمياً.
ورغم ترحيبه، فإن النائب الوفاقي يتشكك في نيات حركة التجمع الوطني، أو ما يسمى لجنة الحكماء، التي تألفت قبل أيام من مجموعة من العلماء ورجال الدين والسياسيين، معظمهم من السنة، برئاسة عبد اللطيف محمود، كي تكون جزءاً من الحوار الوطني. وقال إنه «يجب التريث لرؤية أعمالها، ولا سيما أنها طرحت مطالب محقة، من ضمنها الإفراج عن المعتقلين، وقد قرر الملك الاستجابة لطلبها هذا عبر عملية الإفراج».
ورأى الأسود أن الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات و«يمكن أن تكون هذه الجبهة بداية لعملية تعقيد الحوار، أو ربما تسهيل مبادرة ولي العهد». ولمّح إلى «وجود جهاز داخل السلطة الملكية لا يريد خير الوطن ويعمل للتفتيت الطائفي، لكن ولي العهد واع
لذلك».
وعن المواقف الإقليمية والدولية في التعاطي مع الأزمة، قال إن دول الخليج تتبع منهجية غير واضحة، فالإمارات دعمت السلطة مباشرة منذ بداية الانتفاضة لقمع المتظاهرين، ثم عادت ورحبت بمبادرة الحوار، بعد إعلان الملك قبول مطالب المعارضة، مستغرباً هذه المواقف المبهمة. وأضاف أن السعودية وضعت جيشها تحت إمرة السلطة في البحرين، رافضاً أن ينفي أو يؤكّد ما تردّد عن مشاركة قوة عسكرية سعودية في عمليات قمع المتظاهرين. أما المعارضة، بحسب الأسود، فهي لم تتلق أي دعم من إيران أو لبنان أو أي دولة أخرى، وولاؤها للبحرين. ورغم ذلك، أشار إلى السعودية بأنها «الجارة الأم».
وتحدث الأسود عن تطورات مفصلية خلال الساعات المقبلة نتيجة زيارة الملك البحريني للسعودية، لحضور حفل استقبال نظيره السعودي عبد الله بن عبد العزيز. ويبدو أن عنوان الزيارة هو «الاطمئنان إلى صحة الملك»، لكن يتوقع أن يبحث الملك مع «الجارة» تطورات الوضع البحريني.
ورحّب الأسود بالإفراج عن المعتقلين، وقال إن ذلك لا يعني إسقاط حقهم في محاسبة من أصدر الأمر ونفذ عمليات التعذيب الجسدي والمعنوي بحقهم على مدى شهور.
وكان المعتقلون قد بدأوا بالخروج إلى الحرية تباعاً بعد منتصف ليل أمس. وفيما فضل بعضهم التوجه مباشرة إلى ساحة اللؤلؤة للاحتفال مع المتظاهرين، آثر البعض الآخر التوجه إلى المنزل مع العائلة قبل الانضمام في الصباح إلى المحتجين في الساحة.
ومن ضمن هؤلاء كان متهمو مجموعة الـ25. وشمل العفو الملكي الذي تحدث عن «بعض الموقوفين وبعض المحكومين» 308 أشخاص. وقال المفرج عنه، المدون علي عبد الإمام، لـ«الأخبار»، إن القرار لم يشمل كل الموقوفين، لذلك فإن المطالبات ستستمر للإفراج عن الجميع. وأوضح أن هناك آخرين سيُفرَج عنهم، قدّر عددهم بثلاثين شخصاً.
وتحدث علي عن تجربته، وقال إنه خرج في الثالثة فجراً مباشرة إلى ساحة الاعتصام، معبراً عن فرحته وفخره بهذا الشعب وثورته. وأشار إلى أن سبب اعتقاله يعود إلى نشاطه كمدون إلكتروني، وهو ما أغضب السلطة، موضحاً أنه اتُّهم بأنه عضو في خلية تتضمن 25 شخصاً، لا يعرف منهم سوى 5 أشخاص، وبعض هؤلاء لم يلتق بهم منذ فترة طويلة.
وتطرق الناشط البحريني إلى فترة حبسه، وتعرضه للتعذيب الجسدي ثم النفسي، وحرمانه لفترات من الزيارات. وعن الظروف القاسية التي كانوا يعيشون بها داخل السجن قال، إنه وُضع في حبس انفرادي لمدة شهرين قبل أن يفصل إلى غرفة كان فيها معتقلان اثنان متهمان بالانضمام إلى التنظيم نفسه. ولفت إلى أنه لم يعلم بأخبار ثورة 14 شباط إلا قبل يومين، وحينها أخبروهم أن عدد القتلى والجرحى بالعشرات، لذلك قرروا تنظيم إضراب احتجاجي. وأكّد أنهم رغم الإفراج عنهم لن يتنازلوا عن حقهم في محاسبة من عرضهم للتعذيب والإهانات ومن انتهك أبسط حقوقهم.
ومن بين المتهمين الـ25 حسن مشيمع، الذي يُتوقع أن يصل إلى البحرين اليوم.