أحيت دول العالم يوم الـ 20 من الشهر الحالي اليوم العالمي لحقوق الطفل، بحسب الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، الذي دعت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989، والموقّع من 191 دولة، والبحرين إحدى الدول الموقّعة على هذه الاتفاقية عام 1990. والسؤال هو، هل تنفذ السلطات البحرينية تعهداتها وفق ما جاء في هذه الاتفاقية الأممية.. ولا سيّما بعد 14 شباط 2011؟
في خضّم ما شهدته البحرين من احتجاجاتٍ شعبية منذ 14 شباط 2011، وفي زحمة الصور والمشاهد المختلفة، فرض أطفال البحرين وجودهم في هذا الحراك بأشكالٍ مختلفة. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية من عمر الثورة البحرينية، انتقل الطفل البحريني بفضل الاستهداف المباشر وغير المباشر على يد السلطات لمرتبة الإعتقال أو القتل أو إسقاط الجنسية. وبحسب إحصاءات المنظمات الحقوقية الأهلية والدولية، سقط ما لا يقل عن 13 طفلاً بحرينياً شهيداً برصاص أجهزة النظام الأمنية، أو مختنقاً بسموم الغازات، فضلاً عن مئات الأطفال الذين تعرّضوا للتحرش الجنسي والتعذيب خلف قضبان الدكتاتور، وعشرات دفعوا ضريبة إسقاط الجنسية البحرينية عنهم بعد إسقاطها عن آبائهم المعارضين.
وإحياء ليوم الطفل العالمي، نظم عددٌ من المنظمات الحقوقية حملة تضامنية لإيصال رسالة للمجتمع الدولي، أملاً في إنهاء معاناة مئات الأطفال من دائرة الانتقام والاستهداف السياسي، وتخليصهم من قبضة دكتاتور أحرق كل الحقوق.
وكشف المسؤول الإعلامي في "منتدى البحرين لحقوق الإنسان"، باقر دوريش في تصريح لـ"الأخبار" أن المنتدى قدّم تقريراً إلى المسؤولين في الأمم المتحدة، يوثّق تورّط السلطات البحرينية في فقدان 49 طفلاً «بينهم أجنة في بطون أمهاتهم»، وتعرّض نحو 720 طفلاً للاعتقال التعسفي منذ عام 2011، ما يعكس أن السلطات البحرينية تحوّلت إلى بيئة عدائية للأطفال بما يخالف التوصية الرقم 29 التي قدمت للسلطة في جنيف. ورأى المنتدى في تقريره أن يكون هناك ضرورة ودورٌ أكثر فاعلية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمنظمات الناشطة في حماية حقوق الطفل لإيقاف استخدام سياسة الانتهاك بحق الأطفال على يد السلطة كورقة ضغط على المعارضين لها.
بدوره، كشف عضو "مركز اللؤلؤة لحقوق الإنسان"، عيسى الغايب، أن اللجنة المعنية بحقوق الطفل في الأمم المتحدة أبدت قلقها بشأن ما ورد من تقارير تثبت ممارسة التعذيب ضد الأطفال، إبان الأحداث السياسية التى شهدتها البحرين. وبيّن الغايب في حديثه لـ"الأخبار" أن اللجنة الدولية أوصت بالتحقيق الفوري في مزاعم التعذيب، واتخاذ التدابير القانونية لمقاضاة الجناة، كما أوصت بأن تشمل التدابير الوقائية الرصد المستقل لأماكن الاحتجاز.
فيما لفت الأمين العام لـ"جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان"، نادر السلاطنة إلى أنه بالرغم من صدور قانون عام ٢٠١٢، وتوجيهات لحماية أطفال البحرين، إلا أن هذا القانون أصبح دون قيمة، في ظل عدم تفريق السلطات بين الكبير والصغير أمام المحاكم أو أسلحة أفراد الشرطة.
ويؤكد رئيس "مركز البحرين لحقوق الإنسان"، نبيل رجب، أن جيلاً كاملاً من أطفال البحرين، بات ضحية بين قضبان السجون، و"أكثرهم من المتفوقين في دراستهم، إلا أنهم أصبحوا الآن مستهدفين في أمنهم واستقرارهم وتعليمهم ومستقبلهم، لأنهم أصبحوا جزءًا من حراكٍ يطالب بالحرية والعدالة والديموقراطية". وأوضح رجب في حديثه لـ"الأخبار" أن أطفال البحرين يعيشون وضعا بائسا يستدعي التحرك على كل المستويات لإنقاذهم منه، وإعادة تأهيلهم ليكونوا أفراداً فاعلين كما كانوا في مجتمعهم.
نحو 720 طفلاً تعرضوا للاعتقال التعسفي منذ 2011


من جهته، شدد الأمين العام لـ"الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان"، أحمد الحجيري على أنه "من المؤسف أن نشاهد العديد من الأنظمة السياسية على إمتداد العالم لا تزال تنتهك مضامين إتفاقية حقوق الطفل، ولا تتورع عن تعريض الأطفال للتوترات العرقية والدينية والسياسية وتزج بهم في السجون؛ الأمر الذي يخلق تشوهات نفسية لدى الأطفال، وقد تقودهم لممارسة العنف والتمرّد على القوانين، وكثيراً ما يذهبون ضحية للعنف المعاكس التي تتجلى مظاهره في العديد من المجتمعات العربية سيّما بعد إنطلاق شرارة ما يسمى الربيع العربي".
أما المنسقة العامة في "مرصد البحرين لحقوق الإنسان"، جليلة السلمان، فقد شددت على أن السلطات البحرينية انتهكت مجمل الحقوق الواردة في اتفاقية الطفل، وعمدت إلى حرمان الأطفال الحديثي الولادة لآباء أُسقِطَتْ جنسياتهم حقهم في الحصول على الجنسية، وبالتالي حرمانهم كل ما يترتب على هذا الانتماء، ولا سيّما الرعاية الصحية المبدئية، وهذا خرقٌ لحق الحياة والبقاء، فضلاً عن معاملة الأطفال الذين تعتقلهم السلطات تعسفيّاً، ومحاكمتهم تندرج تحت قوانين مكافحة الإرهاب، ومعاقبتهم بسنواتِ سجنٍ طويلة. حتى وصل الأمر إلى إسقاط الجنسية وتقارير عن اعتداءات وتحرشات جنسية.
عضو "منظمة سلام لحقوق الإنسان"، ابتسام الصايغ، أكدت بدورها سقوط العديد من الأطفال ضحايا للممارسات القمعية على نحو انتقامي، كما أن الجنسية أصبحت أداة تهديد تلّوح بها السلطة في كل مناسبة.
من جانبها، كشفت مسؤولة الرصد في "المنظمة البحرينية لحقوق الإنسان"، فاطمة الحلواجي، عن أن المنظمة لا تزال تسجّل ارتفاعاً متصاعداً على مستوى اعتقال الأطفال، واعتقالهم إما من الطريق أو المدارس أو الاستدعاء بمذكرات أمنية.
وأضافت الحلواجي في حديث لـ"الأخبار" أن تقارير أخرى أثبتت "تعرّض الأطفال المعتقلين للضرب المُبرح والتحرّش الجنسي في مراكز تعذيب أمنية مجهولة، وإلقاءهم في أماكن نائية عن المساكن بعد تعذيبهم"، ولفتت إلى أن المنظمة وثقت حالات لأطفال تعرّضوا لإصابات بالرصاص الانشطاري المحرّم دولياً.