الاستفتاء الذي أجراه السودانيون في كانون الثاني لم يحل كافة الصراعات القائمة بين الأطراف المتناحرة، حيث لا تزال مشكلة ابيي والعصابات المتمردة في الجنوب تذكّر بأن الحرب الأهلية واقعةقُتل أكثر من 40 من رجال الميليشيات وجنديان حين هاجمت ميليشيات متمردة عاصمة ولاية أعالي النيل المنتجة للنفط في جنوب السودان، ملكال، حيث احتجزت الميليشيات أكثر من 100 طفل رهائن في ملجأ للأيتام.
وأعلن جيش جنوب السودان أن مقاتلين متمردين هاجموا ملكال يوم السبت الماضي، في أحدث أعمال عنف، ما أذكى مخاوف على استقرار الجنوب قبل استقلاله عن الشمال في التاسع من تموز. وقال مسؤولون في الأمم المتحدة وعمال إغاثة والمتحدث باسم الجيش الجنوبي، فيليب أغوير، إن بعض المهاجمين احتموا بملجأ للأيتام واحتجزوا نحو 130 طفلاً بداخله رهائن لفترة وجيزة.
وأضاف أغوير «المهاجمون كانوا يحاولون الاختباء هناك. أفرج عن الأيتام والموظفين في وقت لاحق ولم يصبهم سوء». وقال عمال إغاثة إن قسّاً قاد المفاوضات للإفراج عن الأطفال. وأشار إلى أن الجيش الجنوبي اشتبك مع الميليشيا ونجح في إخراجها من البلدة في نهاية المطاف. وقال إن اكثر من 40 من أفراد الميليشيا المتمردة وجنديين جنوبيين قتلوا ولم تتوفر لديه معلومات عن سقوط قتلى من المدنيين.
وهذه الأرقام هي تقريباً ضعف التقديرات لعدد القتلى التي أعلنت في اليوم الذي جرت فيه الاشتباكات.
في المقابل، أعلن زعيم الميليشيا المنشق، جورج أثور، المسؤولية عن الهجوم، قائلاً إن أحد نوابه تحرك لمصادرة السلاح وصد هجوم من الجيش على رجاله. وتمرد أثور وهو ضابط سابق في جيش جنوب السودان، العام الماضي قائلاً إنه «خسر منصب حاكم ولاية جونقلي في انتخابات نيسان بسبب مزاعم تزوير».
وانسحب ساسة جنوبيون أول من أمس من محادثات عن الاستعدادات للاستقلال عن الشمال، واتهموا الرئيس السوداني عمر حسن البشير، بتسليح أثور وميليشيات أخرى لإطاحة حكومة الجنوب قبل الانفصال. لكن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال رفض الاتهامات ووصفها بأنها سخيفة. وصوّت ما يقرب من 99 في المئة من الناخبين الجنوبيين مع إعلان الاستقلال في استفتاء أجري في كانون الثاني بموجب اتفاق السلام الموقع 2005، والذي أنهى عقوداً من الحرب مع الشمال.
من جهة ثانية، قال خبير حقوق الإنسان، محمد تشاندي عثمان، إن تصاعد العنف في منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها في السودان، قد يخرج عملية السلام بين الشمال والجنوب عن مسارها.
وأضاف عثمان، الذي عيّنه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لمراجعة أوضاع السودان في عام 2009، إن خمسة اشتباكات كبيرة وقعت في أبيي منذ صوّت الجنوبيون على إعلان الاستقلال عن الشمال في الاستفتاء.
وقال في بيان في ختام زيارته الثانية للسودان منذ تعيينه «لا تزال أبيي نقطة ساخنة يحتمل أن تخرج عملية السلام بأكملها عن مسارها». وأشار تشاندي أيضاً إلى أن الخرطوم لا تزال تحتجز عدداً من زعماء المعارضة والطلبة والنشطاء من دون توجيه اتهامات لهم.
الى ذلك، وصل إلى العاصمة الجزائرية المبعوث الخاص للرئيس السوداني، حليم إسماعيل المتعافي، الذي قال عقب وصوله إنه يحمل رسالة من الرئيس السوداني إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من دون أن يكشف عن مضمونها.
(رويترز، يو بي آي)