القاهرة ــ الأخبار فوجئ المصريّون، أمس، بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تتجول في ميدان التحرير قلب الثورة، توزع ابتساماتها على المارة وتصافح كل من تقابله، رغم الحراسة المشددة التي كانت تسير معها، في محاولة لإظهار أميركا في صورة الشريك الداعم لثورة المصريين. لكن رغم الابتسامات، لا تزال هناك مشاعر كراهية تجاه الإدارة الأميركية التي ساندت ودعمت نظام حسني مبارك قبل الثورة. وخلال جولتها التي استغرقت 15 دقيقة، تحدثت كلينتون إلى الصحافيين في ميدان التحرير قائلةً «إنه لشيء مؤثر بالنسبة إلي أن أتوجه إلى التحرير، وأتلمس تلك الأيام المذهلة هنا في القاهرة».
وكانت كلينتون قد استبقت جولتها في التحرير بلقاء القائد العام للقوات المسلحة، رئيس المجلس العسكري الحاكم، المشير محمد طنطاوي. وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن اللقاء الذي لم يستغرق سوى ٣٠ دقيقة تركز على خطوات مصر في المرحلة المقبلة نحو الديموقراطية، وسبل تحقيق الاستقرار في البلاد. وقدمت كلينتون للمشير عرضاً من أجل المساعدة في عملية الإصلاح، قبل أن تتوجه إلى لقاء رئيس مجلس الوزراء عصام شرف. ورأت كلينتون، في كلمة ألقتها من السفارة الأميركية، أنه «لضمان ألّا يذهب كل العمل وكل التضحيات هباءً، وألا يسمح لأي أحد باختطاف هذه الثورة، ليس مسموحاً لأحد بأن يدير الساعة إلى الوراء ضد هذه الثورة، وليس مسموحاً لأي أحد أن يزعم أحقيّة فئة واحدة من المصريين ومحاولة إقصاء غيرها من المصريين. هذا سيكون التحدّي... سنساعد بكل طريقة ممكنة».
ورغم عرض الوزيرة ووعدها بتقديم مساعدات عاجلة لمصر في المرحلة المقبلة، إلا أنها فوجئت بهجوم ممثّلي منظمات المجتمع المدني الذين التقتهم أول من أمس، حين هاجم الحضور موقف الإدارة الأميركية من ثورة 25 يناير، والدعم المتواصل من جانبها للرئيس المصري السابق ونظامه. وحاولت كلينتون، التي رفض ائتلاف شباب الثورة لقاءها، الدفاع عن وجهة النظر الأميركية في أن أوباما يرى ما جرى في مصر انتصاراً للإرادة الإنسانية، إلا أن هذا المديح لم يمنع النشطاء من مواصلة الهجوم على السياسات الأميركية في المنطقة، وسط اعتقاد واسع لدى كثيرين بأن الزيارة ليست سوى محاولة لمعرفة ما يجرى في مصر عن قرب، وجسّ نبض المجلس العسكري والقوى السياسية ومعرفة موقفها من ظهور الإسلاميين وعدد من الحركات الراديكالية الإسلامية على السطح مرة أخرى، وإعلان عدد من هذه الحركات تأسيس أحزاب سياسية ودفع مرشحيها إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وكانت كلينتون قد اجتمعت بعدد من فعاليات المجتمع المصري السياسية والحقوقية، إضافة إلى أعضاء من حركة الشباب، بينهم إسراء عبد الفتاح وأسماء محفوظ، إلى جانب شخصيات من المجتمع المدني، حيث استُكمل الهجوم على سياسات الإدارة الأميركية. في بداية اللقاء طالبت جميلة إسماعيل باعتذار الإدارة الأميركية للشعب المصري عن دعم نظام مبارك، مؤكدة أن «الشعب المصري لن ينسى موقف الإدارة الأميركية الداعم لمبارك. ونتمنى عدم تكرار الموقف في اليمن وليبيا والبحرين والسعودية»، فيما طلب رئيس حزب الجبهة الديموقراطية، أسامة غزالي حرب، «التدخل الإيجابي لمصلحة الثورة في ليبيا»، فردّت كلينتون بأن «التدخل مشروط بعدة حساسيات في المنطقة».
من جهته، طالب الناشط الحقوقي أحمد نجيب بإسقاط الديون عن مصر، فيما تقدم الناشط حسام بهجت بملف أحد المسجونين المصريين في معتقل غوانتنامو، وطالب بالإفراج عنه.
من جهةٍ ثانية، كشفت السلطات المصرية عن «شبكة تجسّس لمصلحة إسرائيل». وحسب المعلومات المتداولة حتى الآن، فإنه قد ألقي القبض على شخص أجنبي قبل خمسة أيام يجمع معلومات لمصلحة إسرائيل عن تطورات الأوضاع في مصر بعد ثورة 25 يناير، إلى جانب جمع معلومات عن أماكن حيوية وأماكن تجمع عدد من الشخصيات العامة المعارضة.
وقد أمرت نيابة أمن الدولة العليا، مساء أول من أمس، بحبس المتهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجريها معه بتهمة التخابر لحساب إسرائيل بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد. وقال مصدر قضائي، لـ«الأخبار»، إنه حتى الآن لم يصدر قرار من النيابة بشأن ضبط متهمين آخرين وإحضارهم، ولم تُحدّد هويات الشخصيات التي تعاونت مع المتهم وجنسياتها، فيما أكدت مصادر أخرى في نيابة أمن الدولة أن المتهم كان يساعده 3 أشخاص آخرين، إلا أنه لم يُقبض عليهم. كذلك أشارت المصادر إلى أن المتهم جمع معلومات عن خريطة خطوط أنابيب الغاز في مصر، موضحةً أنه كان يحاول تضليل الأمن من خلال السفر أكثر من مرة إلى إيران، وأن أجهزة الأمن تمكنت من تسجيل بعض المكالمات الهاتفية للمتهم بينه وبين أحد شركائه خارج مصر.