أبدت إسرائيل قلقها من احتمال إنهاء الانقسام الفلسطيني مع بدء ترتيبات زيارة الرئيس محمود عباس لغزّة، فلم يكن منها إلّا أن بدأت تمارس الضغوط في المحافل الدوليةاستبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتمال أن ينتج شريك سلام موثوق به عبر اتفاق وحدة فلسطينية بين السلطة وحركة «حماس». وأعلن، في مقابلة بثّتها قناة «سي إن إن» الإخبارية، أنه «مستعدّ للتفاوض مع حماس إذا تخلّت عن تهديدها بالقضاء على الدولة العبرية»، موضحاً في الوقت نفسه أن ذلك من «المستحيلات». وسأل: «هل تتصوّر اتفاق سلام مع القاعدة؟ بالطبع لا. هل يمكنك أن تصنع السلام مع عدوّ إذا تخلّى العدوّ عن فكرة تدميرك، هذا اختبار دقيق». وأضاف «أظنّ أننا نواجه في الشرق الأوسط أيديولوجيا تعارض السلام والتعايش كلياً وهي حماس».
وتابع نتنياهو أن «لدى حماس ميثاقاً يشير إلى إبادة إسرائيل ونشر الإسلام المتطرف في المنطقة. إذا تخلصوا منه أستطيع التفكير في ذلك». وأضاف «إذا توقفوا عن إطلاق الصواريخ أو عن استيرادها لإطلاقها على مدننا، إذا توقفوا عن الإرهاب وعن الدعوة إلى القضاء علينا، نعم بالطبع سنكون سعداء بالتحدث إليهم».
وأشار «بيبي» إلى أن إسرائيل «لن تكون قادرة على التفاوض مع أي إدارة فلسطينية تضم حماس»، متسائلاً «على ماذا سأتفاوض معهم؟ الطريقة التي سيقطعون بها رؤوسنا؟ طريقة إبادتنا؟ بالطبع لا. أي دولة ستتخذ إجراءات ضد أي شخص يعمل على محوها».
ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على إحباط احتمالات المصالحة الوطنية الفلسطينية في أعقاب المطالب الشعبية الفلسطينية الواسعة بإنهاء الانقسام بين حركتي «فتح» و«حماس»، وخصوصاً أنها تخشى إمكانية تأليف حكومة وحدة فلسطينية تشارك فيها الحركتان. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، قولهم إن نتنياهو ومستشاريه رون دريمر ويتسحاق مولخو، بدأوا بإجراء محادثات بهذا الخصوص مع الإدارة الأميركية وجهات دولية أخرى، بينها دول مركزية في أوروبا.
وطالب نتنياهو ومستشاروه هذه الجهات الدولية بأن تمارس ضغوطاً على عباس كي يمتنع عن تأليف حكومة وحدة وطنية مع حماس. وقالت مصادر في مكتب رئيس الوزراء إن «بيبي يعتزم طرح الموضوع خلال محادثات سيجريها مع زعماء أجانب في الأيام القريبة». ويتوقع أن يكرر نتنياهو على مسمع الزعماء الأجانب، وبينهم الأميركيون، ما قاله في المقابلة مع الـ«سي إن إن».
ولفتت «هآرتس» إلى أن المسؤولين في مكتب نتنياهو «رفضوا القول ما إذا كان تأليف حكومة وحدة فلسطينية سيجعل إسرائيل تفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية أو توقف التعاون الأمني معها». وأضاف المسؤولون أن الجهود الإسرائيلية «ستتركز في الفترة القريبة المقبلة على المستوى السياسي، ونحن سنطالب المجتمع الدولي بأن يوضح للفلسطينيين أن تأليف حكومة وحدة مع حماس سيكون خطوة تدل على عدم الاهتمام باستمرار عملية السلام».
في هذا الوقت، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس «تكليف وفد قيادي بالتوجه إلى قطاع غزة لبحث ترتيبات زيارته المرتقبة»، فيما دعا قيادات من «حماس» في الضفة إلى لقائه في رام الله. وقال المستشار السياسي لعباس، نمر حماد، «كلف الرئيس وفداً التوجه إلى قطاع غزة لبحث الترتيبات الخاصة بذهابه»، مضيفاً أنه «تقرر إجراء الاتصالات على مستوى القيادة الفلسطينية مع الأطراف العربية والإقليمية بشأن المبادرة».
ولفت حماد إلى «دعوة قيادات من حماس في الضفة الغربية إلى لقاء الرئيس تمهيداً لذهابه إلى قطاع غزة وتحقيق الأهداف المرجوة من المبادرة»، مشدداً على أن هذه الخطوات تأتي «في سبيل متابعة تنفيذ مبادرة الرئيس بشأن إنهاء الانقسام».
وفي وقت سابق، طالب عباس وزير الشؤون المدنية الفلسطينية، حسين الشيخ، إعداد الترتيبات الأمنية واللوجستية لذهابه إلى قطاع غزة.
وكان عباس قد أعلن خلال كلمته في افتتاح أعمال المجلس المركزي يوم الأربعاء الماضي، استعداده للذهاب إلى قطاع غزة لإنهاء الانقسام، داعياً رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية إلى إجراء ترتيبات زيارته للقطاع واستقباله في معبر بيت حانون بالتنسيق مع فصائل العمل الوطني والفعاليات الشعبية. وبيّن عباس أن ذهابه للقطاع لن يكون للحوار بل من أجل الاتفاق على تأليف حكومة تكون من أولويات مهماتها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
(أ ف ب، يو بي آي)