بالتوازي مع تصاعد التوتر بين الدول الخليجية وإيران على خلفية أزمة البحرين، والذي تمثل أمس بطرد القائم بالأعمال الإيراني، عقب الهجوم على السفارة السعودية في إيران، جدّدت قوى المعارضة دعوتها السلطة إلى تهدئة الأجواء عبر سحب الجيوش وإطلاق سراح المعتقلين، تمهيداً للحوار.
ودعت الجمعيات المعارضة السبع (الوفاق، وعد، العمل الإسلامي، الإخاء الوطني، الائتلاف الوطني، المنبر التقدمي، التجمع الوطني والتجمع القومي) في بيان الى «الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، ومن بينهم قادة الجمعيات السياسية المعارضة، والإفصاح عن مواقع احتجاز كل المفقودين والمختفين»، والتوقف عن «مهاجمة المستشفيات وفك الحصار عنها والكشف عن مصير الجرحى»، وسحب «قوات الأمن والجيش إلى ثكنها وإعادة قوات درع الجزيرة من حيث أتت». وطالبت أيضاً بسحب الميليشيات المسلحة، وإيقاف «حملة الحقد والكراهية» التي يمارسها الإعلام الرسمي، والتوقف عن تطييف «الأزمة السياسية»، في إشارة إلى ما قاله الداعية يوسف القرضاوي عن أن الثورة في البحرين شيعية ضد السنة، على عكس ثورات مصر وتونس وليبيا. ودعت أخيراً الى «تهيئة الأجواء الصحية والسليمة للبدء في الحوار السياسي».

من جهة ثانية، نفت جمعية «الوفاق» أن تكون قد تسلّمت أو رفضت مبادرة سياسية تركية لحلحلة الوضع في البحرين، كما كانت قد نقلت قناة «العربية» عن مصادر تركية. وأكدت في بيان أن «قوى المعارضة حريصة على التفاعل الإيجابي مع أي مساع حميدة فاعلة، من شأنها تحقيق طموح شعب البحرين». وشددت على أنها «تثمّن الموقف التركي مما يجري في البحرين»، مؤكّدةً «أنها لو تلقت أي دعوة تركية فإنها ستتعاطى معها بكل ترحاب وإيجابية».
وفي إشارة إلى إرتفاع وتيرة التوتر مع إيران، أكد مصدر دبلوماسي أن البحرين طردت القائم بالأعمال الإيراني. وقال، السفير الإيراني غادر في وقت سابق».
كذلك طلبت السلطات الإيرانية من دبلوماسي بحريني مغادرة إيران، رداً على إجراء المنامة، حسبما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).
في المقابل، ندّدت السعودية بالاعتداء على بعثتها الدبلوماسية في طهران. ونقلت وكالة الأنباء السعودية «واس» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله إن السعودية «تستنكر بشدّة الاعتداءات التي تعرّضت لها بعثتها الدبلوماسية في جمهورية إيران الإسلامية». وأوضح أن «وزارة الخارجية احتجّت رسمياً لدى الحكومة الإيرانية، وستنظر في أي خطوات تتخذها على ضوء الرد».
وفي موقف لافت، رأى وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أن وجود قوات «درع الجزيرة» في البحرين شرعي في إطار اتفاقيات دول مجلس التعاون الخليجي، وليس احتلالاً. وقال إن موافقة البحرين نفسها على دخول هذه القوات تمثّل الأساس الشرعي لوجودها. ووصف العلاقات السورية السعودية بالاستراتيجية. وأكد أنه نقل رسالة من الرئيس السوري بشار الأسد إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد خلال زيارته لطهران، وهي تتعلق بالتطورات الراهنة وخصوصاً في البحرين. وشدّد على أهمية التوصل إلى أرضية مشتركة مع الإيرانيين يمكن البناء عليها مستقبلاً، مشيراً إلى أنه جرى التشديد خلال البيان المشترك الصادر عن اجتماعاته في طهران على التزام سوريا وإيران بسيادة البحرين واستقلالها، ودعم الأمن والاستقرار فيها. ونوّه بأهمية مبادرة الحوار الذي دعا إليه الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
كذلك رأت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في مؤتمر صحافي في باريس، أن من حق البحرين السيادي طلب مساعدة جيرانها من دول الخليج «تنفيذاً لاتفاقيات الأمن والدفاع» التي وقّعتها. لكنها أعربت عن قلقها «حيال الإجراءات التي اتخذت حالياً». وأكدت أن «هدفنا هو عملية شرعية وذات صدقية في مناخ سلمي، إيجابي، يحمي حرية التجمع»، وأن «نظرائي في مجلس التعاون الخليجي أبلغوني أنهم يسعون الى تحقيق الهدف نفسه». ودعت السلطة في البحرين الى تنفيذ عروضها للحوار مع المحتجين.
من جهة ثانية، تقدم نائبان كويتيان سلفيان هما، وليد الطبطبائي ومحمد هايف، بطلب لاستجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح بشأن أسباب عدم إرسال قوات الى البحرين، فيما انتقدا «التدخل الإيراني» في شؤون المملكة الخليجية الاستراتيجية. وتحتاج هذه المذكرة إلى أصوات 25 نائباً في مجلس الأمة، الذي يضم 50 نائباً منتخباً، بينهم عضو في الحكومة لا يحق له التصويت على المذكرة.
وتجمع السلفيون أمام مقر الحكومة في مدينة الكويت، منتقدين بشدة رئيس الوزراء. وقال هايف إن «الشعب الكويتي لن يقبل بقرارات القادة الإيرانيين، ويطالب بأن تنتشر القوات الكويتية قريباً في البحرين»، داعياً رئيس الحكومة الى الاستقالة.
وبدلاً من القوات، قررت الكويت إرسال قافلة طبية تضم «54 عضواً من أطباء استشاريين وفنيي طوارئ طبية ومسعفين وهيئة تمريضية ترافقها 21 مركبة» الى البحرين، بحسب وكالة الأنباء الكويتية.
إلى ذلك، ارتفع عدد القتلى منذ بداية الانتفاضة الى نحو 20 شخصاً، فضلاً عن مئات الجرحى والإعاقات، بحيث تكاثرت أخيراً الإعلانات عن اختفاء أشخاص بدل الاتصال بالأهل لتسلّم الجثة. وعمدت السلطات البحرينية الى اعتقال رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، نبيل رجب، نحو ساعتين قبل أن تفرج عنه.
(الأخبار، أ ف ب)