كنا في ما سبق نتندر بقولنا سمعنا الخبر في الجريدة وقرأناه في الراديو، لكن هذه المرة سيكون بثاً على الورق من فلسطين، لذا هنا فلسطين المحتلة عام 1967، آخر الأنباء لبثّ قسم المخيمات في صفحة مجتمع لجريدة الأخبار. مع التفاصيل:
رام الله: مدينة في وسط فلسطين التاريخية أصبحت مركزاً لسلطة الحكم الذاتي القائمة على أساس اتفاقية أوسلو، وهي بمثابة عاصمة لما يسمى الدولة الفلسطينية. كل المراكز والمرافق الأمنية تتربع فيها، والمطاعم تتزاحم على كل مكان شاغر. الناس يتحركون بغير هدى، كل يمضي الى عمله ووظيفته في مراكز الدوائر الرسمية، وما زالت مخيمات رام الله كما هي الملصقات المتزاحمة على الجدران المتهالكة ما زالت على حالها، تبهت الألوان يوماً بعد يوم في صور شهداء كانوا قد ابتسموا قبيل التقاط الصورة وبقيت الابتسامة بالرغم من رحيل أجسادهم.
بيت لحم: مدينة المسيح ومدينة المهد، حيث المغارة التي التقط فيها المسيح الإنسان أول أنفاسه...الفلسطينية، في كنيسة المهد وأمام المغارة يقبع الرهبان اليونانيون على مدخل المجاميع السياحية التي لا تبخل بالمبالغ الطائلة للهبات وبيع الشموع والتذكارات من مدينة مقدسة تحجّ إليها الآلاف المؤلفة من الخلق، والراهب اليوناني البغيض يصرخ بصوت عال على أحد الزوار، فما كان مني إلا أن طلبت منه أن يخفض صوته في كنيستنا، وكأن الأمر لم يرق له فقال بالإنكليزية: ومن أنتم؟
كان يتوقع أن أقول له نحن المسيحيون، وكان على ما يبدو يتمنى أن أكون يونانياً أو حتى أرثوذكسياً «روم» فأجبته: «نحن الفلسطينيون».
نعم هذه الكنيسة فلسطينية لأن المولود فيها من العذراء مريم هو يسوع الناصري والناصرة من أعمال الجليل.
نابلس: مدينة ما زالت روح التجار فيها تخنق روح المدينة، بل لا أبالغ إذا قلت إنها قتلتها، والمخيمات أصبحت مجرد ضواح ينخرها الفقر والجوع، والجدران غطتها صور الشهداء في الشق العلوي منها، والشق السفلي من الجدران تغطيه عبارات الترحيب بالأسرى المحررين من السجون بعدما أمضوا مدداً قصيرة وبقي الكثير في غياهب السجن يقضون أحكاماً طويلة.
الغلاء الفاحش في الأسعار يجعل الحياة الكريمة شبه مستحيلة للطبقة المتوسطة فما بالك بالفقيرة.
القمع السياسي في الضفة أشد من قمع أشد دولة بوليسية عربية، تخيل يا رفيقي أن الناس في فلسطين يخافون الكلام في السياسة؟
كل هذا وأكثر في ظل العهد العباسي، أقول قولي هذا وأنا على يقين من استدعاء الاستخبارات الفلسطينية لي عند زيارتي مرة أخرى إذا كُتبت لنا مرة أخرى.
هذه فلسطين فرع الضفة قسم 1967 فهل ما زلت تشتاق لزيارتها.