تطورات عديدة شهدها اليمن خلال الأيام الماضية، بعضها سياسي يحصل داخل غرف مغلقة بين ممثلين عن السلطة والمعارضة أملاً في إنهاء الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد، فيما البعض الآخر عسكري مثير للتساؤلات، ولا سيما بعد التصاعد المفاجئ في حدّة الاشتباكات بين الجيش اليمني وعناصر من «القاعدة» من جهة، وتعمّد انسحاب الجيش من بعض المحافظات من جهةٍ ثانية، مخلّفاً وراءه أسلحته الثقيلة. وأعلن مصدر أمني أمس سيطرة عناصر مفترضين من تنظيم القاعدة على مدينة جعار في محافظة أبين جنوب اليمن بعد مواجهات عنيفة مع الجيش، مؤكداً أنه «لم يعد هناك وجود للسلطات المحلية في جعار، حيث سيطر مقاتلو القاعدة على المباني العامة، وبينها إذاعة محلية، إضافة إلى ثكنة».
ولم يكن إعلان سقوط جعار هو الأول من نوعه خلال الأيام الماضية، بعدما سقطت محافظات الجوف وشبوة ولودر في أيدي عناصر مسلحة، فيما أحكم الحوثيون منذ أيام سيطرتهم على محافظة صعدة بالكامل، بعد هروب محافظها وتعيين تاجر السلاح، فارس مناع، محافظاً بديلاً له.
ووسط تكرّر السيناريو في أكثر من محافظة، اتهم القيادي في الحراك الجنوبي، العميد علي السعدي، «النظام بأنه يلجأ إلى إضعاف قدرات وحدات الجيش في الجنوب عامةً، وتحديداً في محافظة أبين، بهدف إيهام العالم بأن القاعدة في طريقه إلى الإمساك بزمام الأمور في اليمن».
وتحدث السعدي عن وجود «معلومات أكيدة تفيد بأن الرئيس صالح أصدر أوامره إلى قيادات عسكرية متعددة تقضي بتسليم مواقعها إلى الجماعات المسلحة»، موضحاً أن «الكثير من هذه القيادات رفضت هذه الأوامر، وطلبت من الأهالي في أبين التعاون معهم بهدف حماية هذه المواقع العسكرية».
واتهم السعدي صالح بأنه «أراد إرسال رسالة إلى العالم بأن البديل لنظامه هو القاعدة، لكي يدعمه المجتمع الدولي في الاستمرار بالسلطة، ظناً منه أن ألاعيبه ستمر كالعادة».
في غضون ذلك، أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، أمس، أن سقوط الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وتسلّم حكومة أكثر ضعفاً مكانه سيطرحان «مشكلة فعلية» للولايات المتحدة في مكافحة تنظيم «القاعدة»، مبرراً الأمر بأن «الجناح الأكثر نشاطاً، وقد يكون الأكثر عنفاً في القاعدة، تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، يتحرك انطلاقاً من اليمن، وبأن الإدارة الأميركية لديها تعاون وثيق مع الرئيس اليمني وأجهزته الأمنية في مكافحة الإرهاب». وجاءت تصريحات غيتس غداة تحذير صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية من أن التنظيم قد يكون على وشك القيام باعتداء إرهابي، مستفيداً من الاضطرابات القائمة في عدد من الدول العربية، وخصوصاً في اليمن.
وأفادت الصحيفة بأن «أجهزة الاستخبارات الأميركية جمعت معلومات جديدة تفيد بأن فرع القاعدة في اليمن قد يكون على وشك توجيه ضربة إرهابية» إلى مصالح غربية لم تحددها الصحيفة. لكنّ مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى أكدوا للصحيفة أن هذه المعلومات مجتزأة، وهم لا يملكون معلومات كافية لإعلان حالة تأهب أو لاتخاذ إجراءات محددة ضد هذا التهديد المحتمل.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)