واشنطن | ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، أنه رغم أن الحكومة الأميركية مشغولة بالدفاع عن الحرب التي تشنها وحلفاؤها على ليبيا، فإن محللين يعتقدون بأن تزايد الفوضى في سوريا خصوصاً يمكن أن يبدد أي آمال باقية في ما يتعلق باتفاق سلام في المنطقة، ويمكن أيضاً أن يبدل المنافسة الأميركية مع إيران في التأثير في المنطقة، ويمثّل تحديات أمام إسرائيل الحليف الأكبر للولايات المتحدة.ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «الانتفاضة واسعة النطاق على ما يبدو، وتشمل جماعات دينية مختلفة في المناطق الجنوبية والساحلية لسوريا، بمن فيهم المسلمون السنّة الموالون في العادة للرئيس السوري بشار الأسد، فيما يتواصل السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد بهدوء مع الأسد لحثه على وقف إطلاق النار على الشعب».
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي يواجه فيه مسؤولون أميركيون الانتفاضة الشعبية في سوريا ومطالبها في التغيير، فإنهم يقولون إنهم بين نار المخاوف من إمكان أن تؤدي مشاكلها إلى زعزعة استقرار دول مجاورة مثل لبنان وإسرائيل، ونار الأمل في إمكان أن تضعف أحد حلفاء إيران الأساسيين.
وقالت الصحيفة إنه على مدى عامين حاولت الولايات المتحدة استمالة دمشق للتفاوض حول اتفاق سلام مع إسرائيل والتحول عن إيران، وهو مسعى غير مثمر أدى إلى تعرض أوباما لانتقاد داخلي، وخصوصاً من اليمين الجمهوري في الكونغرس وخارجه، بأنه يعزز ما يصفونه بأحد الأنظمة الأكثر قمعاً في العالم العربي. كما يخشى مسؤولون أميركيون أن يؤدي الاضطراب في سوريا والأردن إلى مزيد من عزلة إسرائيل، وأن الحكومة الإسرائيلية أصيبت بانزعاج بالفعل من إطاحة الرئيس المصري حسني مبارك والقلق من إمكان عدم التزام حكومة جديدة باتفاقية الصلح بين النظام المصري وإسرائيل عام 1979 المعروفة باسم معاهدة كامب ديفيد.
ورأى مسؤول أميركي أن الاضطراب في الأردن، التي لديها معاهدة صلح خاصة بها مع إسرائيل وقعت في عام 1994، تعرف باسم معاهدة وادي عربة، يثير أيضاً قلقاً بالغاً. وقالت الصحيفة إن سوريا مع ذلك هى الأزمة الأكثر إلحاحاً والتي يمكن أن تشكل ورطة شائكة للحكومة الأميركية إذا ما أمعن الأسد بعمليات القمع. وذكرت الصحيفة أنه بعد التدخل الأميركي في ليبيا لتفادي ما وصف بمجزرة في بنغازي، فإن بعض المحللين يتساءلون كيف يمكن حكومةَ أوباما ألا تفعل الشيء نفسه في سوريا؟
وإذ أشارت الصحيفة إلى أن أحداً لا يتحدث بعد عن فرض حظر جوي فوق سوريا، إلا أن مسؤولين أميركيين يعترفون بوجود موازاة مع العقيد معمر القذافي. وتوقع محللون أن تكون الحكومة الأميركية حذرة في الضغط على الأسد خوفاً مما قد يأتي بعده، أي احتمال قيام حكومة بقيادة سنية أصولية وإسلامية. لكن بعد موجة العنف التي شهدتها سوريا، قال المسؤولون الأميركيون إن مستقبل الأسد ليس واضحاً. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي رفيع المستوى، لم تفصح عن هويته، قوله إن الرئيس الأسد فقد على الأرجح صفة شريك سلام لإسرائيل. وبينما أقرّ المسؤول ذاته بأنه «لا يمكن التوصل إلى سلام شامل من دون سوريا»، فإنه قال إن «من مصلحتنا المضي في اتفاق، لكن لا يمكن القيام بذلك مع حكومة فقدت الصدقيّة وسط شعبها».