القاهرة | نجحت ثورة 25 يناير في تغيير الخريطة السياسية المصرية تغييراً كبيراً. لم تتوقف عند إزاحة الرئيس السابق حسني مبارك وحاشيته، بل امتدت إلى الحياة الحزبية. وصارت ساحة العمل الحزبي اليوم تستقبل وجوهاً جديدة، أبرزها حزب «التحالف الشعبي» الممثل الجديد لليسار، وحزب «الحرية والعدالة»، التنظيم السياسي الجديد للإخوان المسلمين، وحزب «المصري الديموقراطي» الذي يحمل صبغة ليبرالية، إضافة إلى حزب «ائتلاف الغد المدني الحر»، الذي أعلنه أيمن نور قبل أيام.الخريطة تتغير. يتغير معها ميزان القوى السياسية. فالأحزاب القديمة مثل التجمع والوفد والناصري وغيرها تعاني الآن حالة من الفراغ بسبب هجرة عدد ليس بالقليل من أعضائها وإعلانهم الانضمام لأحزاب ما بعد الثورة. أين تقف هذه الأحزاب الآن؟ تبدو على مسافة بعيدة جداً من زخم الحياة السياسية، رغم محاولات رؤسائها إعادتها إلى الواجهة خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية. محاولات تكسرت أمام رغبة الناس في خلق حياة حزبية تعبّر عن الثورة. لكن ما الجديد الذي تنوي هذه الأحزاب الجديدة تقديمه للمصريين؟
عقب إعلان الرئيس السابق تنحيه وتسليم سلطاته وصلاحياته للمجلس العسكرى، أعلن عدد من رموز اليسار وقياداته تأسيس حزب جديد اتُّفق على تسميته حزب «التحالف الشعبي»، يضم قوى اليسار المصري ورموزه، سواء من كانوا في تنظيمات يسارية وانفصلوا عنها، أو أعضاءً في حزب «التجمع» (يساري) الذين خرجوا منه اعتراضاً على سياساته المهادنة لنظام مبارك. عقب هذا الإعلان، خرجت أصوات تسأل: لماذا حزب يساري رغم وجود «التجمع»؟ جاءت الإجابة من خلال وثيقة الإعلان التأسيسي، التي قالت إن هذا الحزب الجديد ولد من رحم الثورة، وجميع المشاركين فيه أسهموا فيها، سواء بالتظاهر أو الاعتصام أو الدعاية والتعبئة. ويراهن الحزب على الحالة الثورية التي تعيشها الطبقات الشعبية في التأثير على مستقبله. ويبدو أن هذا الحزب يسعى إلى «استعادة اليسار» بعد انضمام عدد من الأسماء إليه، مثل القيادي البارز عبد الغفار شكر، والاقتصادي إبراهيم العيسوي، وأحمد بهاء الدين شعبان وآخرين.
أيضاًً، انضم حزب «الحرية والعدالة» إلى أحزاب ما بعد الثورة، الذي يراهن الخبراء والسياسيون على أن يكون إطاراً تعمل من خلاله الجماعة في الحياة السياسية المصرية من خلال برنامج سياسي واضح لا يستند إلى الدين، بل يعمل وفق آليات السياسة ومحدداتها. ومع أن الجماعة لم تعلن حتى الآن برنامج الحزب، ثمة تخوف من أن يكون البرنامج مطابقاً للبرنامج الذي خرجت به الجماعة عام 2007، وانتُقد بشدة لأنه لا يعطي الحق للمرأة فى تولي مناصب داخل الحزب ولا في الحياة السياسية، ورفض تولي المرأة والقبطي الرئاسة.
من جهة أخرى، أعلن أستاذ العلوم السياسية عمرو حمزاوي، انضمامه إلى الحزب «المصري الديموقراطي»، أول من أمس، وقال إنه «لن ينشئ حزباً جديداً، على اعتبار أن هذا الحزب يعبّر عنه وعن طموحه»، وهو يضم شخصيات هامة، ويقوم على ترسيخ مبادئ الديموقراطية في المجتمع، ويركز من خلال بيانه التأسيسي على كيفية نشر مفهوم المواطنة وعدم التفرقة بين المصريين.
أحدث التجارب الحزبية هي حزب «ائتلاف الغد المدني الحر»، بقيادة أيمن نور، الذي أعلن أن حزبه الجديد يضم عدداً من الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية، موضحاً أنه لا يتعارض مع حزب «الغد» القائم بالفعل. يبقى السؤال: هل تكون هذه الأحزاب بديلاً للأحزاب القديمة، وتعبّر عن آمال وطموحات المصريين ما بعد الثورة؟