القاهرة | رغم تأكيد المجلس العسكري أكثر من مرة أن المؤسسة العسكرية لن تقدّم مرشحاً لانتخابات الرئاسة، تقول الإشارات العكس، وظهور رئيس الأركان الحالي الفريق سامي عنان وارد في أي لحظة. فالرجل القوي في الجيش، كما يصفه الكثيرون، مرشح من عدّة جهات لدخول سباق الرئاسة ومنافسة محمد البرادعي وعمرو موسى وآخرين أعلنوا ترشحهم.
واذا وضعنا في الاعتبار عامل السنّ (63 عاماً)، نكون أمام مرشح محتمل، ولا سيما أنه لم يتخطّ السبعين. وقد يدعم هذا التصور حديث الولايات المتحدة أخيراً عن تقديرها لشخص رئيس الأركان، وقولها إنها «تراهن عليه في نقل مصر إلى العصر الديموقراطي»، وتضع آمالاً كبيرة على الرجل «لاستمرار تحرك البلاد بعد ثورة 25 يناير
باتجاه الديموقراطية»، وهذا يعني أن أميركا تدفع بقوة في هذا الاتجاه. فهي تعرف الرجل جيداً، ولا تحبّذ المفاجأة بأن يُختار رئيس من خارج الجيش.
ومع إعلان الفريق مجدي حتاتة، رئيس أركان القوات المسلحة السابق، أول من أمس، ترشحه للانتخابات الرئاسية، بعدما سبقه بذلك رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق والمساعد الأسبق لرئيس الأركان اللواء محمد علي بلال، يكون هناك ثلاثة مرشحين بسجل عسكري حتى اللحظة. ويشترك المرشحون الثلاثة في أنهم تخطّوا السبعين، ولديهم
تاريخ عسكري حافل، لكنّ المؤسسة العسكرية لن تراهن على أيّ منهم إذا أرادت التقدّم بمرشح للرئاسة، لأنهم خارج المشهد السياسي الآني، ولأن لديها طرقاً أخرى في طرح مرشح، ليس من بينها اللجوء إلى قادة سابقين.
مرشح آخر للجيش غير عنان جرى تداول اسمه أخيراً، وهو مسؤول التطوير التكنولوجي اللواء محمد العصار. سُرّبت معلومات عن أنه يحظى بتقدير كبير داخل القوات المسلحة.
وإذا جرى الربط بين ما أعلنته جماعة الإخوان المسلمين (عن أنها لن تطرح مرشحاً في انتخابات الرئاسة، ولا تخطط للسيطرة على الدولة في الفترة المقبلة، وأنها تتطلع فقط إلى الحصول على الشرعية بعيداً عن مضايقات الأمن) وموقفها المساند مساندة مطلقة للمجلس العسكري من خلال الموافقة على التعديلات الدستورية في الاستفتاء الأخير، نجد أن هناك خيطاً ما قد يوضح الصورة. الحديث عن وجود اتفاق بين الجماعة والمجلس العسكري ليس خافياً، وهو اتفاق يرى البعض أن هدفه حصول الجماعة على مكاسب سياسية، في مقابل دعم قرارات الجيش، والترويج لها والدعوة إلى موافقة الناس عليها.
وتتفق مع الإخوان في الموقف من الاستفتاء الجماعة السلفية، التي كانت طرفاً فاعلاً في حشد المصريين للموافقة على المواد المعدّلة من أجل الحصول على رخصة سياسية.
وهذا يعني أن قوى اليمين في المجتمع المصري تركت اختيار الحاكم الجديد لمصر في أيدى العسكر.
بفعل هذه الإشارات، هل الطريق ممهّد أمام عنان أو أيّ من قادة المجلس العسكري لاعتلاء سدّة الحكم؟ المصريون لديهم مخاوف وهواجس من وجود «مبارك آخر» يحكم مصر مجدّداً، مستنداً إلى سطوة الجيش، وبالتالي العودة إلى المربع الصفر، وضياع كل مكاسب الثورة التي كان على رأس مطالبها وجود شخصية مدنية لا عسكرية، تحكم البلاد مستندة إلى القانون والدستور.
تدعم هذه الهواجس حالة البطء الغريبة التي يتعامل بها الجيش الآن مع الملفات بعد الثورة، حيث يرى البعض أنّ هذا البطء متعمّد لخلق حالة يأس بين الناس، والتلويح دائماً بأن الأمور غير مستقرة، وتستدعي وجود شخصية قوية تستطيع العبور بمصر إلى برّ الأمان.