القاهرة | أعلن المجلس العسكري في مصر، أمس، تفاصيل الإعلان الدستوري الذي سينظّم شؤون البلاد خلال الفترة الانتقالية المقبلة. ويتضمن هذا الإعلان 62 مادة دستورية، تنص على الإقرار بنقل صلاحيات المجلس العسكري إلى رئيس الجمهورية فور انتخابه. وقد احتفظ الإعلان الدستوري بنسبة الـ50 في المئة للعمال والفلاحين في انتخابات مجلس الشعب، مع تقليص صلاحيات مجلس الشورى، إضافة إلى إقراره بأن يشترك المجلس العسكري مع مجلس الوزراء في رسم السياسات خلال الفترة المقبلة.
وتضمن الإعلان أيضاً رفع حالة الطوارئ قبل إجراء انتخابات مجلس الشعب، على أن تنص إحدى المواد على أنّ الإسلام دين الدولة، مع إلزام رئيس الجمهورية المنتخب بتعيين نائب له خلال شهرين من تولّيه للسلطة. وبهذا الإعلان يدعم المجلس سيطرته على مقاليد الأمور في البلاد.
وقال عضو المجلس العسكري، اللواء ممدوح شاهين، في المؤتمر الصحافي الذي عُقد للكشف عن الإعلان الدستوري، أنّ صلاحيات الرئيس ومجلس الشعب انتقلت إلى المجلس العسكري بموجب المادة 56 من الإعلان الدستوري، في ما يتعلق بالتشريع وإقرار السياسة العامة والموازنة وتحديد أعضاء مجلس الشعب الذين سيعيّنون، إضافة إلى تمثيل الدولة في الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات، وتعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء والموظفين في الحكومة. ويشترك أيضاً مجلس الوزراء مع المجلس الأعلى في رسم القوانين.
وأضاف اللواء شاهين أنّ صلاحيات المجلس العسكري سيعود نصفها إلى مجلس الشعب عقب انتخابه، فيما ستعود نصف الصلاحيات التي مع المجلس العسكري إلى رئيس الجمهورية، حين يُنتخب أيضاً. وقال إن انتخابات الرئاسة المصرية ستجري بعد شهر أو شهرين من الانتخابات البرلمانية المقررة في أيلول.
ونص الإعلان الدستوري على أنّ الملكية العامة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها، وتضمن باباً للحقوق والحريات. وأكّد أنّ المواطنين سواسية أمام القانون، وأنّه لا يجوز اعتقال أو حجز أي مواطن إلا طبقاً للقانون، وأنّ الدولة تكفل حرية العقيدة وحرية الرأي والصحافة، وأن المواطنين لهم حق الاقتناع الخاص طبقاً للقانون، كذلك فإن إنشاء الضرائب وتعديلها لا يكونان إلا بالقانون.
ونفى شاهين أن تكون لجنة إعداد الإعلان الدستوري قد اختلفت على أي مادة من مواده الـ62. وقال إن اللجنة، بالتعاون مع رجال القضاء وفقهاء الدستور، لم تتعرّض للمادة الثانية، وإنّ المجلس الأعلى غير مسؤول عن تصريحات نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل، التي أشار فيها إلى ضرورة تعديل المادة الثانية. وقال «لم نتعرض في اللجنة لأي نقاش بشأنها»، مضيفاً أنّه «في حال إلغاء مجلس الشورى في الدستور الجديد، هناك حلول عديدة لوضع المجلس، تتيح عمله لفترة عامين أو ثلاثة أعوام».
وأشار عضو المجلس العسكري إلى أن «انتخاب نائب للرئيس مطروح في الدستور الجديد، لكن الإعلان الدستوري يلزم الرئيس المنتخب بتعيين نائب خلال 60 يوماً». وأضاف أن «80 في المئة من الدستور القديم قد احتفظ بها الإعلان الدستوري إلى حين تغيير الدستور». وبرّر الحفاظ على المادة التي تنص على «نسبة 50 في المئة للعمال والفلاحين» داخل مجلس الشعب، بأن الأمية داخل المجتمع المصري تصل إلى 40 في المئة.
وأوضح شاهين أن «اختصاصات رئيس الجمهورية ستنتقل إليه وفقاً للإعلان الدستوري»، وأنه (الرئيس) سيحتفظ بمنصبه رئيساً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة والقضاء والشرطة إلى حين تغيير الدستور.
ورفض عضو المجلس العسكري تحديد ما إذا كان الإعلان الدستوري يمثّل نهاية لدستور 1971. وأصرّ على أنّه لم يشر إليه بأي إشارة، وأن العمل في المرحلة المقبلة سيكون بالإعلان الدستوري، من دون أن يؤيّد أو ينفي ما إذا كان دستور 1971 قد دُفن اليوم من خلال الإعلان الجديد. وأضاف أن «الإعلان الدستوري نصّ على حرية الصحافة والتعبير عن الرأي وإزالة كل القيود المفروضة، باستثناء زمن الطوارئ والحرب». وشدّد على أنّ «الإعلام ينحرف لترويج الشائعات وبلبلة الأمن وتكدير المواطنين، «وهو ما لا يجب حدوثه».
وفي معرض حديثه، أشار شاهين أكثر من مرة إلى الدستور الأميركي الذي لم يتغيّر منذ عام 1886، ومدى توافق الإعلان الدستوري في مواده مع أكثر نصوص الدستور الأميركي، وهي أكثر النظم تحرّراً. وقال إن «اللجنة جمعت بين انتخاب مجلس تأسيسي بواسطة مجلس الشعب لتغيير الدستور، والاستفتاء عليه شعبياً بدلاً من انتخاب لجنة تأسيسية تقرّ التغييرات».
وأكّد شاهين أنّ «اللجنة التأسيسية ستعمل على وضع دستور جديد يتمنى أن تنتهي من إعداده قبل انتخابات الرئاسة، وإلا فإن الرئيس الجديد سيعمل وفقاً للإعلان الدستوري حتى تغيير الدستور». ووفقاً للمادة 57 من الإعلان الدستوري، فإن مجلس الوزراء يشترك مع المجلس الأعلى للقوّات المسلحة في وضع السياسة العامة والإشراف على تنفيذها، وإصدار القرارات الإدارية والتنفيذية، وإعداد مشروعات القوانين واللوائح ومشروع الموازنة العامة والخطة العامة للدولة، وعقد القروض ومنحها وفقاً للمبادئ الدستورية. وتحظر المادة 58 على أي وزير العمل في أي مهنة حرة أو عمل تجاري أو مالي أو صناعي، أو أن يشتري أو يستأجر أي شيء من الأموال العامة، أو يؤجّرها أو يبيعها شيئاً من أمواله، فيما تنص المادة 59 على أن رئيس الجمهورية يعلن الطوارئ بعد أخذ رأي مجلس الوزراء ويعرضه بعدها على مجلس الشعب، على أن يحصل على موافقة غالبية أعضاء مجلس الشعب.