هآرتس | إنّ مواطني إسرائيل، مثل مواطنين في دول ديموقراطية أخرى، يتابعون باهتمام الأحداث في الشرق الأوسط، ويأملون نجاح تحركات ناشطي حقوق الإنسان في الدول المجاورة. لكن لا يبدو أننا سنستطيع في المستقبل القريب أن نكون شركاء في سعادة الثائرين لتحقيق حقوقهم الأساسية.يبدو أن لكل حركات الاحتجاج قاسماً مشتركاً، وهو أنها تعبّر عن رغبة السكان في حكم ديموقراطي، لكنها لا تنجح دائماً في إقامة قيادة قادرة على مواجهة سلطة مصممة على الحفاظ على موقعها. لهذا، اضطر الغرب إلى التدخل في ليبيا، لمحاولة منع ذبح الثوار الليبيين.
في كل الدول العربية قوتان منظمتان منقسمتان على نفسيهما: الجيش الذي هو ذراع السلطة القديمة الكريهة، والإسلام المتطرف المنشق، أو المقسَّم أحياناً إلى فصائل ثانوية، لكنه متّحد حول تصوُّر فحواه أنه يجب تطبيق قوانين الإسلام على الدولة ومحاربة «الكفار». إنّ نشاط المتظاهرين يستنزف الجيش، ويفضي إلى انتقال وحدات إلى صفوف المتمردين وإلى انشقاقه.
وبناءً على ذلك، فإن القوة الوحيدة القادرة على العمل في هذه الدول هي الاسلام المتطرف. ستكون السيطرة الإسلامية على دول مفتاحية كمصر وتونس، نتيجة تقدير تكتيكي لا نتيجة قرار استراتيجي. وفي صياغة واضحة نقول إنه في كل دولة عربية سقط فيها نظام الحكم القديم أو سيسقط في المستقبل، سيحل محله، عاجلاً أو آجلاً، نظام إسلامي متطرف. ففي الوضع الحالي، لا معطيات تمكّن حركات ديموقراطية من النشوء.
هذه القراءة المتشائمة، لكن الواقعية، تقتضي أن نتفحّص عن قرب المعاني الكامنة في الاجراءات التي تُتَّخَذ في الدول العربية، من وجهة نظر إسرائيلية.
إنّ إسرائيل، مثل معظم الدول الغربية، مرتبطة بأربعة معابر استراتيجية في منطقتنا: ـــــ مضائق البحر الأسود، التي تسمح بتحرُّك أسطول روسي إلى البحر المتوسط. والمسيطر على هذه المضائق هو السلطة الإسلامية في تركيا. ـــــ قناة السويس التي بات يسيطر عليها النظام المصري المؤقت الذي من شبه المحسوم أن يحل محله نظام اسلامي متطرف. ـــــ مضائق باب المندب التي تصل البحر الأحمر بالمحيط الهندي، وهي ليست بعيدة عن اليمن، وهي الدولة التي سيسقط نظامها. وأخيراً، مضيق هرمز، وهو منفذ الخليج الفارسي، ومعبر النفط الأهم في العالم. ومنذ الثورة الإسلامية في إيران (1979)، يقع هذا المضيق في قبضة النظام المتطرف في طهران.
إنّ عبور السفينتين الحربيتين الإيرانيتين قناة السويس، الشهر الماضي، وحقيقة أنّ الحصار البحري على إسرائيل في حرب يوم الغفران قد انطلق من مضيق باب المندب، يقتضيان تفكيراً استراتيجياً جديداً من أجل الاستعداد لكل مجابهة ممكنة. حتى لو كان استهلاك النفط الإسرائيلي بلا أهمية بالمفاهيم العالمية، إلا أن إسرائيل ـــــ التي تُمدَح لكونها قاعدة متقدمة للغرب والديموقراطية في الشرق الأوسط ـــــ ليست معفاة من إعداد خطط لظروف طارئة، من أجل تأمين مسارات النفط في منطقتنا.
وينبغي أن نفترض، في جملة التقديرات، أن النظام الاسلامي الذي سينشأ في مصر سيحاول أن يحظى بشرعية دولية. لهذا، لن تعلن السلطة الجديدة هناك إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل، بل ستعمل فقط على إضعافه على نحو تقع المسؤولية عن إلغائه على إسرائيل. في هذه الظروف، من الواجب على إسرائيل أن تلجأ إلى سياسة معتدلة حذرة، وأن تعبّر علناً عن اهتمام باستمرار دور مصر وسيطاً مهماً في منطقتنا. وينبغي في الوقت نفسه استكمال إنشاء جدار حدودي بين إسرائيل ومصر، والقضاء على مراكز الاحتكاك المحتملة بيننا، حتى لو كان النظام الجديد في مصر مصمّماً على إلغاء اتفاق «كامب دايفيد».
2 تعليق
التعليقات
-
انا بخالف اللي بيقول اسرائيلانا بخالف اللي بيقول اسرائيل متخوفة لا زالت كامب ديفيد قائمة والثورة المزعومة اللي حصلت كان فيها ثغرة فاضحة جدا اكبر من ثغرة الدفرسوار ...اعان الله شعب مصر على قادمات الايام واظن انهم استبدلوا فرعونا عجوزا بفرعون شاب
-
هل هذا تحليل جدي؟إن كان هذا تحليل ألكسندر بلي للمستقبل، فأنا أعتقد أن هذا التحليل ساذج. أما إن كان هذا مجرد رأي يأخذ بالحسبان أسوأ الإحتمالات من وجهة نظره لما يتعلق بمصالح إسرائيل، فيمكن أن نأخذه بمحمل الجد. إذ أنه ليس هناك أي دليل على أن المنطقة ستقع في يد الحركات الإسلامية، رغم المخاوف المشروعة للكثير من الديمقراطيين العلمانيين العرب من تسلل الحركات السلفية والأصولية للتأثير على مجرى الأحداث. ويبدو لي أن أحديث الصحافة الإسرائيلية عن حتمية وصول الأصوليين من السلفيين للحكم في العالم العربي يهدف إلى تخويف المجتمعات الغربية والدولية التي تهتم بحقوق الإنسان والحقوق الديمقراطية للشعوب. وليتذكر ألكسندر بلي أن أفضل من يخدم المصالح الإسرائيلية في المنطقة هي الحكومات الأصولية في السعودية وبعض دول الخليج، أو اللأنظمة المتصالحة مع السلفية كالأردن والمغرب، وكما كانت عليه الحال بالنسبة للنظام الراحل في مصر.