تونس | تحت شعار «القصبة 3»، عاشت العاصمة التونسية أمس، على وقع بداية اعتصام جديد لإطاحة حكومة الباجي القائد السبسي، لتعلن بذلك انتفاضة ثالثة في ظرف أقل من 4 أشهر لإسقاط النظام، ولتتحول ساحة القصبة أمام مبنى الحكومة إلى «مذبح سياسي» للحكومات المؤقتة، التي بدأت بإطاحة حكومة محمد الغنوشي، لتستمر في العمل على إطاحة حكومة القائد السبسي.عوامل كثيرة تقف وراء هذا الاعتصام، الذي بدأ تنظيمه كسابقيه على صفحات «الفايسبوك» و«تويتر»، حيث جرى تداول شعارات مثل «وعدنا وسنفي بوعدنا» لجعل المعركة فاصلة مع الحكومة التي تسعى، كما جاء على صفحات «الفايسبوك»، «إلى تشويه مطالب الثورة بما يخدم بقايا الدكتاتورية ويستثني الشعب وقواه الحية»، كما وصف القائمون على هذه الصفحات هذه الحكومة بـ«العميلة وغير التوافقية. وتمثّل تواصلاً مع حكومة الغنوشي، وتريد الالتفاف على دم الشهداء».
ورأى المتظاهرون، أمس، في شارع الحبيب بورقيبة، مكان تجمع المعتصمين قبل التوجه إلى ساحة القصبة، أن الحكومة تمارس «تضليلاً لإرادة الشعب بأن أصبح التجمع الدستوري ـــــ الحزب الحاكم سابقاً ـــــ 10 تجمعات (إعطاء رخص إلى زعماء في اللجنة المركزية للحزب المنحل) وتعيين معتمدين «تجمعيّين» في المناطق الداخلية».
لكن يبقى أبرز الأسباب وراء الاعتصام، حسبما قال أحد المتظاهرين في شارع الحبيب بورقبيبة، «كذبة حل البوليس السياسي فيما اسمه فقط تغيّر». ويضيف هذا المتظاهر لـ«الأخبار»، إنه وأصدقاءه كانوا محل تتبّعات من هذا الجهاز منذ بداية النداء لتنظيم «القصبة 3». ويوضح قائلاً إن زمرة من أصدقائه تعرضت للضرب في شارع في قلب العاصمة، وإن بعضهم تعرّض للاعتقال لكن سرعان ما أطلق سراحه. ويرى أن ما حصل في الأيام الأخيرة من عمليات حرق لملفات البوليس السياسي في العهد السابق يعدّ طمساً للحقيقة وينبئ بـ «لعبة تسعى أطراف داخلية وخارجية إلى حياكتها في تونس».
مؤامرة عبّر عنها الشاب وسيم بأنّ هناك مشروعاً استعمارياً يُحاك في الغرب ضد إرادة الشعب. ويربط هذا السيناريو بزيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لتونس، والتمثيلية التي كانت قناة «نسمة تي. في»، مسرحاً لها بتقديم كلينتون كأنها مرشحة للانتخابات الرئاسية في تونس.
ويشرح وسيم موقفه بأنّ ما تسعى إليه حكومة السبسي «هو إغراق البلاد في الديون»، ما يسمح بتدخل البلدان الأوروبية، في شكل استعمار جديد ومقنّع، ولذلك يجب «رفض القروض من البنك الدولي، بينما أموال الشعب ما زالت مجمدة في الخارج ولم تُجلب».
ويشدد وسيم على أن الحل الآن يتمثل في إسقاط النظام وضمان «تنظيف الساحة السياسية» من التجمعيّين عن طريق إلغاء تصاريح الأحزاب التجمعيّة (الوطن، الشعب، الوفاق، الوسط)، وإحالة من «تلوّثت أيديهم» على القضاء «المستقل والنزيه».
لكن بقي سؤال كبير متعلق بهذا الحراك السياسي، هل تقف الأحزاب وراء هذا الاعتصام، حيث تحاول إمرار أجندتها السياسية عبر الشارع، بعدما أقصيت من العمل ضمن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديموقراطي؟
سؤال برز واضحاً ضمن المتظاهرين الذين كانوا من مختلف المشارب الفكرية والاتجاهات السياسية، رافعين جميعهم شعاراً موحداً «إسلاميون وعلمانيون مع الاعتصام... نحن لن نستسلم... ننتصر أو نموت».