غصّت شوارع المحافظات اليمنية أمس بالمحتجين المطالبين بإنهاء حكم الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح بدءاً من صنعاء وصعدة مروراً بتعز والمكلا ووصولاً إلى عدن، التي انطلقت فيها دعوات إلى تنفيذ عصيان مدني بدءاً من اليوم. وفيما بدا التوتر واضحاً في شوارع العاصمة اليمنية وسط إجراءات أمنية مشددة، اتخذت عند مداخل الساحات المؤدية إلى التظاهرات، خشية وقوع مواجهات بين أنصار الرئيس ومعارضيه، ضاقت ساحة التغيير في صنعاء أمس بالحشود التي توافدت للمشاركة في «جمعة الخلاص»، حيث صدحت حناجر المحتجين بالهتافات المناوئة للرئيس اليمني، بينها «يا علي صالح يا كذاب، في اليمن ما في إرهاب»، في إشارة الى التحذير المتواصل لصالح من تنظيم القاعدة. كذلك حمل المطالبون برحيل صالح لافتات كتب عليها شعار «الله أكبر يا علي، كابوس حكمك منجلي، الشعب أصدر حكمه عن أرضنا فلترحل».
وتأكيداً على تمسّكهم بمطلب رحيل صالح، قال رئيس حركة «شباب 3 فبراير» عادل الوليبي، «سنواصل الضغوط من خلال اعتصامنا، وسنحاول التوسع نحو مناطق جديدة». وأضاف إن «ردنا على الرئيس سيكون في الميدان، ونحن سنقدم أرواحنا في سبيل تحقيق الحرية والكرامة وطرد كل فاسد»، مشدداً في الوقت نفسه على أن صالح «مشهور بالرئيس الكذاب وليس لكلامه أي أهمية».
ولم يتأخر كثيراً رد المعارضة على خطاب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، بعدما أكد أنه سيضحّي بالغالي والنفيس من أجل اليمن. وقال المتحدث باسم المعارضة محمد الصبري، إن «الشعب يريد منه تضحية واحدة، وهي أن يتنحى». وفي تعز جنوب غرب اليمن، ذكر موقع «مأرب برس» أن ما يقارب المليون متظاهر، رفعوا الكروت الحمراء تنديداً بنظام صالح الذي طالبوه بسرعة الرحيل، وترك الشعب يقرر ومصيره بعد ما سمّوها «السنوات العجاف» لحكمه، وحمّلوه مسؤولية أي فوضى أو عبث يحدث في اليمن.
وفي صعدة، خرج عشرات الآلاف إلى وسط المدينة، مؤكدين تلاحمهم مع بقية الشعب اليمني، ومحذرين من مخاطر تمديد الوقت في المبادرات أو الحوارات الجوفاء، التي يستفيد منها الظالم والمستبد. وعلى الإيقاع نفسه، نظّمت تظاهرات في عدد من المناطق الجنوبية. وانطلق الآلاف من ساحة الشهداء بالمنصورة في عدن في مسيرة اتجهت الى حي الشيخ عثمان، مردّدين «الحزب الحاكم باطل» و«علي عبد الله باطل»، فيما وزع «شباب ثورة 16 فبراير السلمية» في شوارع عدن بياناً دعوا فيه الى تنفيذ عصيان مدني اليوم في كافة المرافق الخاصة والعامة، وإلى عدم تسديد فواتير الكهرباء والماء، إضافةً الى عدم دفع الضرائب.
وفي مدينة الحوطة في محافظة لحج، تظاهر الآلاف بعد أدائهم صلاة الجمعة في ساحة الحرية للمطالبة بإسقاط النظام مرددين «الشعب يريد إسقاط علي عبد الله صالح»، بحسب ما أفاد شهود عيان. من جهتها، شهدت محافظة شبوة وبعض مدن حضرموت واب تظاهرات مماثلة.
في غضون ذلك، دعت فرنسا أمس مجدداً السلطات اليمنية الى الإيفاء بتعهداتها وحماية كافة المتظاهرين. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو في لقاء صحافي «لا بديل عن المرحلة السياسية الانتقالية التي دعت اليها السلطات اليمنية والمعارضة، والتي ينبغي أن تلبي تطلعات الشعب وتضمن السلم في اليمن ووحدته واستقراره»، وذلك بالتزامن مع الطلب من المواطنين الفرنسيين الموجودين في اليمن، الذين تقدر أعدادهم بـ 840، مغادرة البلاد موقتاً. أما السلطات البريطانية، فحثت رعاياها على مغادرة اليمن فوراً، محذرةً من أن الوضع قد يعيق إمكان إجلائهم. وأشارت وزارة الخارجية البريطانية في «نصائح إلى المسافرين» إلى أن الوضع في اليمن «يتدهور سريعاً»، معربةً عن خشيتها من أن تتطور التظاهرات الى مواجهات عنيفة.
(الأخبار، أ ف ب ، يو بي آي، رويترز)