ساروا في أزقة مخيّم برج البراجنة. مشوا خلف علم فلسطيني كبير. هم مجموعات شبابية، وجوههم معروفة في كل المخيمات، إذ إنهم ناشطون في جمعيات المجتمع المدني الفلسطيني. أبناء المخيم يعرفون أن هؤلاء الشباب غير محسوبين على أيّ من الفصائل الفلسطينية. لذلك وللصدقية التي يملكونها بين اللاجئين، قرر هؤلاء الشباب تولي زمام المبادرة بأنفسهم وشكّلوا «الحملة الشبابية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية»، للقيام بنشاطات والضغط على مسؤولي الفصيلين المتناحرين فتح وحماس للجلوس على طاولة حوار لإنهاء الانقسام الحاصل بينهما.
جمع الشباب الفلسطيني أمس نفسه بالعشرات أمام جامع الفرقان في مخيم برج البراجنة. طافوا في أزقة المخيم، رافعين العلم الفلسطيني. حملوا لافتات طالبت بإنهاء الانقسام، معتبرين أنه من عمل الاستعمار. مسؤولو منظمة التحرير كانوا موجودين في المسيرة. ساروا خلف الشباب ولم يكونوا في الصفوف الأولى كما جرت العادة في الاعتصامات الفلسطينية. عبد الله عبد الله ممثل منظمة التحرير الفلسطينية كان حاضراً، مشى الرجل خلف الشباب، مبتسماً. ردد عبد الله بعض الشعارات التي هتف بها الشباب، صفّق لهم بقوة. حضور بعض قادة فصائل منظمة التحرير أعطى أملاً لبعض المشاركين بنزول قادة الطرف الآخر، لكن ظنّهم خاب. خلال مسيرهم في المخيم تلفّتوا الى وجوه الموجودين، فالجميع هنا يعرفون ميول الآخرين السياسية. لم يلحظوا وجود أي من ممثلي حماس أو مسؤولي فصائل تحالف القوى الفلسطينية. يقول أحد الشباب «مقهور. ليش حماس مش موجودين والله حرام». يسكته صديقه ليقول له «بكرا بينزلوا بشاركونا». هكذا، مرّوا من أمام مراكز كل الفصائل الموجودة في المخيم. نقطتهم الأولى كانت مركز حركة فتح. توقفوا أمامه قليلاً ليسمعوا من في داخله مطالبهم. «باسم الشعب، جينا نقول بدنا وحدة على الطول». أكملوا مسيرهم، مشوا قليلاً ليصبحوا أمام مركز الجبهة الشعبية، القيادة العامة. هناك رددوا «رسالتنا للجميع بغير الوحدة رح منضيع». أكمل الشباب مسيرهم، ساروا تحت صور للشهيدين ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين. النسوة من على الشرفات هتفن للمارّين. «الله يقويكم»، تصرخ إحداهن. وجهة المسيرة تقترب من نقطتها النهائية، جبانة الشهداء داخل المخيم. هناك في الفسحة الوحيدة في المخيم سيلقون كلمتهم التي تضم مطالبهم. دخلوا الى جبانة المخيم، زاروا الشهداء وقرأوا الفاتحة لهم قبل الكلمة التي سيلقيها يوسف أحمد منسق الحملة في لبنان. لصمت المكان رهبته، فهنا الموت يوحّد الجميع. فالأرض ضمت الجميع: أبناء فتح وحماس هنا سواسية في حفرة طولها متران وعمقها متر. يجتمع الحضور في الساحة الخالية من الجبانة. يلقي أحمد كلمة الشباب، يشرح هدف الحملة «توحيد طاقات شباب وشعب فلسطين من أجل الضغط لتحقيق الوحدة الوطنية وإعادة اللحمة السياسية من خلال حوار وطني شامل». أما الطلبات التي رفعها الشباب فهي «الاحتكام الى الديموقراطية والتمثيل النسبي الكامل وإجراء انتخابات ديموقراطية تشمل مؤسساتنا الوطنية كلها، وفي المقدمة إعادة بناء وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والشتات». يضيف «ستشمل الحملة في الفترة المقبلة كل المخيمات والتجمعات الفلسطينية، ولن تتوقف الحملة إلا لحظة الاستجابة لمطالب الشعب».

غياب التحالف

دعا شباب حملة إنهاء الانقسام مسؤولي الفصائل الفلسطينية الى المشاركة في اعتصامهم الذي قاموا به أمس. وجّهوا دعواتهم إلى مسؤولي فصائل منظمة التحرير وتحالف القوى الفلسطينية. مسؤولو فصائل منظمة التحرير حضروا، ليغيب مسؤولو تحالف القوى عن النشاط. غيابٌ رأى حسني أبو طاقة، أمين سر اللجنة الشعبية لمنظمة التحرير في مخيم البرج، أنه يؤكد أن «الطرف الآخر الغائب لا يريد إنهاء الانقسام، ولو أراد ذلك لانضمّ إلينا»، يقول أبو طاقة. من جهته، يقول ياسر عزام، مدير مكتب شؤون اللاجئين في حماس، إن الحركة «لم تُدع إلى هذا النشاط، إذ إن الإخوة في الديموقراطية، القيّمين على النشاط، كانوا قد دعونا إلى اعتصام مخيم عين الحلوة، وقد شارك المسؤول السياسي في صيدا ومخيماتها أبو أحمد فضل». ويضيف عزام «إذا دُعينا إلى المشاركة فنحن على استعداد للتنسيق والمشاركة، ونحن لا نضع فيتو على هذه التحركات التي يقوم بها إخوتنا في الديموقراطية. ويشير عزام إلى أن حركته كانت قد دعت مسبقاً إلى تأليف مرجعية مشتركة سياسية في لبنان، بعيداً عمّا يجري في الداخل الفلسطيني من انقسام بين حركتي فتح وحماس.