مع توالي الخطوات من جانب السلطة في البحرين بقصد إخماد انتفاضة 14 شباط، التي استهلتها بإدخال قوات درع «الجزيرة» المشتركة الى البلاد، أُعلن أمس مقتل أول معتقل للانتفاضة داخل السجن، وسط ارتفاع عدد المعتقلين والتضييق الأمني وتعطيل سبل الحوار.وقالت مصادر حكومية مطلعة إن «القيادة السياسية طوت ملف الحوار» في هذه المرحلة، لكن من دون أن يعني هذا إغلاقه نهائياً، إذ رجحت أن يفتح في مرحلة لاحقة بعد هدوء النفوس واجتياز تداعيات الأزمة.
وأصدرت حركة «الوفاق» بياناً قالت فيه «ها هي السجون البحرينية تقدم أولى الضحايا في الحملة الأمنية». ونعت حسن جاسم مكي (39 عاماً)، مشيرة الى أنه «استُشهد داخل المعتقل في ظروف غامضة بعد اعتقاله قبل خمسة أيام من جانب السلطات البحرينية، حيث اعتقلته قوات الأمن البحرينية من منزله في منطقة كرزكان، ونقلته إلى جهة غير معلومة، وعند سؤال أهله عنه أخبروهم أنه ليس لديهم وطالبوهم بالتبليغ عنه على أنه مفقود».
لكن جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان قالت إن مكي توفي بعد 7 أيام من اعتقاله، مشيرةً في بيان لها الى أن هذه هي الحالة الـ27 من «القتل غير القانوني» منذ 14 شباط، داعيةً الى إجراءات طارئة من أجل إنقاذ حياة المئات من المعتقلين الآخرين. وأضافت إنه مع مقتل مكي فإن عدد قتلى الانتفاضة يرتفع الى 27، بينهم طفل وامراة. أما وزارة الداخلية البحرينية، فقد أعلنت أن «المدعو (حسن جاسم محمد مكي) 39 عاماً قد وافته المنية صباح اليوم (أمس) في مركز التوقيف». وأشارت الى أن «المذكور كان يعاني مرض السكلري، وقد وقّع الطبيب المختص في تمام الساعة التاسعة من صباح الأحد الكشف الطبي الدوري عليه، حيث أعطاه الطبيب الدواء اللازم لمرض السكلري، إلا أنه في حوالى الساعة العاشرة والنصف فوجئ زملاء المذكور بسقوطه بينهم مغشياً عليه، فاستُدعيت على الفور سيارة الإسعاف لنقله إلي المستشفى، حيث اتضح أنه قد فارق الحياة».
لكن شقيق مكي قال إن «علي كان يعاني السكلري (مرض الخلايا المنجلية وهو مرض وراثي) لكنه لم يمثّل خطراً على حياته. فهو لم يذهب منذ عام ونصف عام الى المستشفى بسبب مرضه»، فيما أوضح أقرباء له أنهم «لاحظوا آثار تعذيب على يديه ورجليه وظهره».
وذكرت مصادر مطلعة أن أجهزة الأمن لديها قائمة تضم أكثر من 2000 شخص ستوجه إليهم تهماً بالضلوع «في مؤامرة التخريب والقتل وتقويض النظام ومحاولة الانقلاب على نظام الحكم»، وأن أجهزة الأمن ستتولى عرضهم على النيابة العامة تباعاً لأخذ اعترافاتهم وحجزهم على ذمّة التحقيق.
لكن مصادر قيادية في المعارضة قالت لـ «الأخبار» إن عدد المعتقلين يتجاوز 400 معتقل حالياً، بينهم 131 امرأة، إضافةً الى قادة المعارضة شيعة وسنّة، ورجال دين ضمنهم الشيخ حبيب المقداد، مضيفةً إن السلطة ستضطر في النهاية إما إلى أن تصفّيهم أو تطلق سراحهم، لأنها في مأزق. وشدّدت على أنّ قوات درع «الجزيرة» ستضطر إلى الخروج في نهاية المطاف. وفي كلمة متلفزة الى الشعب البحريني، شبّه الأمين العام لجمعية «الوفاق» علي سلمان الأزمة الحالية بما جرى في التسعينيات. وقال «في مرحلة التسعينيات كانت هناك مطالب عادلة ومحقّة، وهي العودة إلى دستور 73 وإلى الحياة الدستورية، وفي تلك اللحظة كان هناك أيضاً لومٌ كثير، وبعدما تحققت مطالب الحركة التسعينية في العودة إلى الحياة البرلمانية والعودة إلى الحياة الدستورية شعر الجميع بأن تلك المطالب أسهمت في تقدم البحرين». وأضاف سلمان إن «المطالب التي نرفعها اليوم من الملكية الدستورية، ومن إشراك الناس في اختيار حكومتهم، ومن الدوائر العادلة، ومن المجلس ذي الصلاحيات الكاملة، هي أيضاً مطالب عادلة مشروعة، لأنها تأتي في السياق الطبيعي للتطور». في المقابل، أثنى رئيس الحكومة البحرينية خليفة بن سلمان آل خليفة على موقف تجمع الوحدة الوطنية برئاسة عبد اللطيف محمود من الأحداث، قائلاً إن «وقفة تجمع الوحدة الوطنية وقفة لن ينساها التاريخ الوطني».
أما رئيس التجمع، فقد رأى أن ما قاموا به «هو ما يمليه عليهم الواجب الديني والوطني»، مشيراً الى أن «التجمع سيظل ولن يكون حالة تنتهي بانتهاء حدث عارض». وطالب الجمعيات السبع بقيادة «الوفاق» والمجلس العلمائي بتقديم «اعتذار علني وواضح على ما بدر منهم من شحن للنفوس»، وزعم أن «هذه الجمعيات كانت تطالب بالإصلاح قولاً، فيما كانت تعمل على قلب نظام الحكم في البلاد فعلاً».
(الأخبار)