حفل يوم أمس بروايات مختلفة لما شهدته الأراضي السورية من تظاهرات تطالب بالحريّة، وكانت حصيلتها سقوط عشرات القتلى والجرحى، اختلفت المعطيات بشأن هوياتهم، إذ أعلنت وكالة الأنباء السورية أن معظمهم من الأمن، فيما أكدت تقارير صحافية وشخصيات معارضة أنهم من المتظاهرين.ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الداخلية قوله إنه سقط «19 شهيداً و75 جريحاً من الشرطة والأمن بإطلاق النار عليهم من مسلحين في درعا». وقال المصدر «إنه عقب صلاة الجمعة في مدينة درعا، وأثناء توجّه جموع المواطنين من الجامع العمري إلى درعا المحطة، أطلقت مجموعات مسلحة النار على المواطنين وقوات الشرطة والأمن العزل من السلاح»، مشيراً إلى وجود إثباتات موثّقة على هذه الاعتداءات.
وعرض التلفزيون السوري الرسمي، في «بثّ حي»، من وصفهم بأنهم «مخرّبون ومندسّون يطلقون النار على المدنيين وعلى قوات حفظ النظام» في درعا.
بدوره، أشار رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، عمار قربي، إلى سقوط أكثر من 22 قتيلاً في مدن ثلاث، هي حرستا ودرعا وحمص، مشيراً إلى أن 17 شخصاً قتلوا في درعا، وقدّم لائحة بأسمائهم. وأشار إلى أن 3 أشخاص قتلوا في حرستا وشخصين في حمص.
وتحدّث شهود عيان من درعا عن سقوط 27 قتيلاً، فيما ذكرت مصادر في مستشفى المدينة أن 20 شخصاً قتلوا في المدينة. وأكد ناشط حقوقي لوكالة «فرانس برس» أن قوات الأمن السورية أطلقت النار على تظاهرة ضمّت آلاف الأشخاص في درعا. وأوضح أن «رجال أمن بملابس مدنية أطلقوا النار لتفريق المتظاهرين بعد صلاة الجمعة»، مضيفاً أن «13 شخصاً على الأقل عرفت أسماؤهم قتلوا بنيران قوى الأمن، فيما أصيب العشرات».
وأعلن شهود أن المحتجّين في درعا أحرقوا مقراً لحزب «البعث» وحطّموا تمثالاً لباسل الأسد، الشقيق الراحل للرئيس الحالي بشار الأسد، فيما روى شاهد عيان، لوكالات الأنباء، أن «قوات الأمن أطلقت النار بكثافة على المتظاهرين وقتل الكثير منهم. ما يحدث هنا هو مجزرة بكل معنى الكلمة»، قائلاً إن قوات الأمن «نشرت قناصة على الأبنية، أطلق عناصرها النار على المتظاهرين». بينما أشارت وكالة «أسوشييتد برس» إلى مقتل 32 شخصاً.
وشهدت مناطق سورية أخرى تظاهرات، وذكرت «سانا» أن المئات خرجوا في بعض أحياء منطقتي تلدو وبابا عمرو في حمص، و«أحرقت مجموعة منهم سيارات للشرطة وأطلقت النار على عناصرها وعناصر قوى الأمن، فيما أطلق ملثّمون على دراجات نارية النار عشوائياً على المواطنين، ما أدى إلى وقوع إصابات».
وقال ناشطون في حمص إن أنباءً وردت عن وقوع اشتباكات عنيفة في منطقة الحولة بين المتظاهرين وقوات الأمن، فيما أفادت أنباء عن سقوط 5 قتلى، من دون أن يتسنّى تأكيدها، إضافة إلى إحراق مقرّ لحزب البعث وآخر للبلدية. وأفيد عن اعتقالات كثيرة في صفوف المعارضين في حي البياضة، وسُمع دويّ إطلاق النار في بلدة تلدو، مع ورود أنباء عن مقتل شخص.
وبحسب «سانا»، فقد شهدت منطقة دوما، في ريف دمشق، تجمّعاً لآلاف المواطنين الذين هتفوا للحرية والشهيد، وانفضّ معظمهم بعد أقل من ساعتين، فيما تجمع المئات من المواطنين في اللاذقية والقامشلي وبانياس مطالبين بتسريع وتيرة الإصلاحات وتعزيز مناخ الحرية ومكافحة الفساد، إضافة إلى بعض المطالب الخدمية المحلية، ولم تشهد هذه التجمعات احتكاكات أو أعمالاًً تخريبية.
وشهدت بلدات المعضمية وداريا، غربي دمشق، تظاهرات تدعو إلى مكافحة الفساد وتنفيذ الإصلاحات ونبذ الطائفية. وردّد المتظاهرون، الذين قدّر عددهم بحدود 300 شخص، شعارات «الله سوريا حرية وبس» و«واحد واحد واحد الشعب السوري واحد» و«إسلام ومسيحية كلنا وحدة وطنية». ونفّذ حوالى 1000 شخص في دوما، شرقي العاصمة دمشق، اعتصاماً صامتاً، مطالبين بتنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد، وخاصة في البلديات.
وفي مدينة البوكمال شرق البلاد، خرج أكثر من 500 شخص من الجامع الكبير وسط المدينة، واتجهوا إلى ساحة المدينة مطالبين بالحرية. وحضر أحد شيوخ عشائر المنطقة، أيمن دحام الدندل، وتبلّغ من المتظاهرين مطالبتهم بالقيام بإصلاحات، وأيضاً بالإفراج عن مجموعة أشخاص اعتُقلوا في المدينة. فنقل الدندل مطالبهم إلى مدير المنطقة، وعاد إلى المحتجين بوعد بإطلاق سراح المعتقلين خلال يومين. وانفضّ بعدها الاعتصام.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ب)