القاهرة ــ الأخبار عاشت مصر أمس يوماً استثنائياً، حيث لا حديث إلا عن بدء التحقيق مع الرئيس السابق ونجليه. تعددت الروايات والحدث واحد: مبارك وأسرته أمام المحققين لأول مرة. ورغم بُعد مكان التحقيق (شرم الشيخ، حيث مقر الإقامة الجبرية للرئيس المخلوع) عن عيون المصريين المترقبة لنتائجه، إلا أن الجميع تنفسوا الصعداء بمجرد سماع الخبر.

ومع تعدد الروايات عن مكان خضوع مبارك ونجليه علاء وجمال للتحقيق، المؤكد أن مبارك مثل أمام لجنة من جهاز الكسب غير المشروع ومستشار من مكتب النائب العام للتحقيق في ممتلكات ثروته ومصادرها. وقالت مصادر إن الرئيس السابق وولديه حُقِّق معهم صباح أمس في مستشفى شرم الشيخ، بعد تعرّض مبارك لأزمة قلبيّة أثناء التحقيق معه، بحسب ما ذكر التلفزيون المصري.
وذكرت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن هناك تشديداً أمنياً كبيراً عند مدخل مدينة شرم الشيخ، خوفاً من اعتزام عدد كبير من المتظاهرين الزحف إلى المدينة للتظاهر يوم الجمعة والمطالبة بمحاكمته.
وترددت الأنباء بداية عن أن التحقيق مع مبارك جرى في مدينة الطور، وأنه وُضع في إحدى الوحدات العسكرية القريبة من مديرية الأمن في محافظة جنوب سيناء وديوان عام المحافظة انتظاراً لتحديد المكان. إلا أن مصادر فى مستشفى شرم الشيخ أكدت أن العشرات من رجال الأمن وقوات تابعة للحرس الجمهوري أحاطوا بالمستشفى في الخامسة من عصر أمس.
من جهة أخرى، غاب رئيس مجلس الشورى السابق صفوت الشريف، عن جلسة التحقيق في وقائع الاعتداء على المتظاهرين في ميدان التحرير يومي 2 و3 شباط الماضي، في ما عرف باسم «موقعة الجمل».
وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن سبب الغياب يرجع إلى الحالة الصحية للأمين العام للحزب الوطني السابق، التي تدهورت أول من أمس، بعد نقله إلى سجن طرة. ويواجه الشريف أربعة اتهامات هي: التحريض والمساعدة على قتل المتظاهرين، وتكدير السلم العام، وترويع المواطنين، وتكوين جماعات للاعتداء على المتظاهرين في ميدان التحرير.
ونفى الشريف التهم المنسوبة إليه، مؤكداً أنه كوّن هو وأبناؤه ثروتهم بطريقة مشروعة، وأن تلك الأموال جُنيت من طريق عمل أبنائه في مجال الاستثمار. أما الأراضي، فقال إنها خُصِّصت بطريقة مشروعة، فضلاً عن امتلاكه العديد من الأراضي قبل دخوله العمل السياسي.
وفي السياق نفسه، قررت محكمة جنايات القاهرة تأييد قرار جهاز الكسب غير المشروع الرقم 7 لسنة 2011 بالتحفظ على أموال رئيس مجلس الشعب السابق، أحمد فتحي سرور، وأموال زوجته وأبنائه، في إجراء احترازي حفاظاً على أموال البلاد. ويأتي ذلك القرار قبل يوم من مثول سرور أمام جهاز الكسب غير المشروع بتهم تتعلق بتضخم ثروته.
كذلك أيدت محكمة جنايات القاهرة قرار النائب العام بالتحفظ على أموال رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد، ووزير الزراعة الأسبق يوسف والي، بالإضافة إلى أموال الوليد بن طلال في مصر، وتأجيل نظر التحفظ على أموال وزير البترول الأسبق، سامح فهمي، لجلسة اليوم.
وكان النائب العام قد أصدر قراراً بالتحفظ على أموال المذكورين بعد بلاغات تتهمهم بإهدار المال العام، والفساد المالي، والاستيلاء على أراضي الدولة.
بدوره، أكد رئيس محكمة استئناف القاهرة، قاضي التحقيق في موقعة الجمل، المستشار سامي زين الدين، أنّ رئيس نادي الزمالك السابق مرتضى منصور، سيُستدعى للتحقيق معه في موقعة الجمل، موضحاً أن التحقيقات تجري على قدم وساق ولن تستثني أحداً له صلة بالواقعة المؤسفة، سواء من أسهم في التحريض أو في مساعدة الجناة على الاعتداء على المتظاهرين وقتلهم. وأكد أن المتهمين بالتحريض على موقعة الجمل يواجهون عقوبة الإعدام، لكن بعد تيقن المحكمة وثبوت أدلة اتهامهم، نظراً إلى شدة العقوبة.
وقرر زين الدين كذلك حبس أمين الحزب الوطني في محافظة الجيزة، شريف والي (نجل شقيق يوسف والي)، وأمين التنظيم للحزب الوطني في الجيزة، وليد ضياء الدين صالح، لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجري معهما في التحريض على المتظاهرين يوم 2 شباط.
ونسب مستشار التحقيق إلى المتهمين خلال التحقيقات التي جرت مساء أول من أمس، قيامهما بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل عدد من المتظاهرين العزّل يومي 2 و 3 شباط الماضي.
ونسب زين الدين إلى والي وضياء الدين تنظيم وإدارة جماعات من الخارجين عن القانون والبلطجية، واستخدام القوة والعنف والترويع تنفيذاً لمشروع إجرامي للاعتداء على الحريات الشخصية والعامة للمواطنين المتظاهرين سلمياً في ميدان التحرير، والإخلال بالنظام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، ما أدى إلى قتل العديد منهم وإصابة آخرين وتعريض حياتهم للخطر.
من جهته، أكد المتحدث الإعلامي للحزب الوطني، نبيل لوقا بباوي، أن الأمانة العامة للحزب اختارت طلعت السادات (نجل شقيق الرئيس الراحل أنور السادات) رئيساً للحزب، وأن السادات وافق شرط ألا يضم الحزب أي عضو أسهم في فساد النظام السابق وسوء سمعة الحزب.
وأرجع بباوي الاختيار إلى أن السادات رمز للمعارضة ولثورة ٢٥ كانون الثاني، حيث حمل على الأعناق في ميدان التحرير، وبالتالي سيكون لديه قبول شعبي، وهو أكثر من يتوافق مع مبادئ الحزب الجديدة التي تتبني أهداف الثورة.
وكشف بباوي عن تغيير اسم الحزب إلى الحزب الوطني الجديد، لا لتطهير الحزب الوطني سابقاً، بل للخروج من عباءته؛ «فلسنا امتداداً للحزب السابق، بل لنا مبادئ جديدة ونبدأ من النقطة الصفر».
ومن المقرر أن يعقد طلعت السادات مؤتمراً صحافياً اليوم في أمانة الحزب في مصر الجديدة، وهناك اقتراح من الأمانة العامة لأن يكون المؤتمر قرب قبر الرئيس السادات باعتباره مؤسس الحزب الوطني.