وسط تصاعد الاحتجاجات لرحيله وتزايد دعوات كبار رجال الدين وزعماء القبائل، يصرّ علي عبد الله صالح على تمسكه بكرسي الرئاسة، مدّعياً أنه يمثّل الشرعية وأن أنصاره انتخبوه لعام 2013، قبل أن يصدر توجيهات للثوار في ساحة التغيير بـ«عدم الاختلاط».وقال صالح أمام حشد من مناصريه «أدعو أصحاب اللقاء المشترك (المعارضة) إلى أن يحكّموا ضمائرهم، وأن يأتوا إلى الحوار، ولنتفق على كلمة سواء من أجل أمن الوطن واستقراره». وأضاف «هذه الحشود الغفيرة المليونية رسالة واضحة للداخل والخارج. إن هذا استفتاء شعبي على الشرعية الدستورية».
وتوجّه الرئيس اليمني إلى مناصريه بالقول «أنتم من انتخبتموني عام 2006 حتى 2013». وأكّد في «جمعة الحوار» أنه لن يتنحى عن السلطة الحالية «أنتم جماهير 2006 التي قلتم فيها نعم للرئيس علي عبدا لله صالح، وأنتم اليوم تجددون البيعة»، قبل أن يشير الى ثوار ساحات التغيير بالقول «هم أنفسهم المستفتون في 2006 من المعارضة الذين يريدون الانقلاب اليوم على الشرعية الدستورية، والذين لم يصوّتوا لي وقتها».
ووصف صالح المعارضة بالكذابين وقطّاع الطرق، ولمس وتر الحساسيات الدينية، قائلاً إنه «ينبغي لهم منع الاختلاط بين النساء والرجال في تظاهرات صنعاء». وأضاف «ندعوهم إلى منع الاختلاط بين الرجال والنساء، الذي لا يقرّه الشرع في شارع الجامعة». وحذّر من حرب أهلية وتقسيم اليمن إذا أجبر على التنحّي قبل انتخابات برلمانية ورئاسية خلال العام المقبل. وحمل موالون لصالح لافتات عليها شعارات منها «الشعب يريد علي عبد الله صالح». وعرض صالح إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية هذا العام في إطار إصلاحات سياسية، لكنه يقول إنه يجب أن يظل في الحكم ليشرف على التغيير، أو يسلّم السلطة لما وصفها «بأياد آمنة».
وفيما كان صالح يخطب في صنعاء، كان مئات الآلاف يتظاهرون ضدّه في «جمعة الإصرار» في صنعاء وعدن وتعزّ. وقال الشيخ أبو بكر عبيد لآلاف المصلين في خطبة «جمعة الإصرار» بالقرب من جامعة صنعاء، حيث يحتشد المتظاهرون منذ أوائل شباط «إنها مسألة أيام قبل أن ينتهي النظام، وإن الثورة لا يمكن أن تهزم»، مضيفاً أن «الهدف هو إسقاط حكم الأسرة الفاسدة».
وحثّ المعتصمين في ساحة التغيير على الصبر والإصرار على مطالبهم. وهكذا كانت حال خطباء ساحات التغيير في باقي محافظات اليمن.
وقالت نشرة « صوت الثورة»، التي وزعت في ساحة الاعتصام، إن «كل جمعة تأتي ويتساقط أركان النظام كأوراق الخريف ليبقى القليل الذين ينافقونه لساعة واحدة عند كل صلاة جمعة، فيما ملايين الشعب صامدون في تجمعاتهم اليومية منذ 3 أشهر».
كذلك نُشرت دعوات الى تنفيذ اعتصام مدني لإجبار صالح على التنحّي، ووزّع نشطاء منشورات تدعو المواطنين إلى التوقف عن دفع الضرائب وفواتير الكهرباء وغيرها للحكومة. وكانت قد بدأت إضرابات في مدارس ومصالح حكومية في مدينة عدن في جنوب البلاد الأسبوع الماضي.
وأُصيب سبعة متظاهرين في تعز عندما فتح موالون لصالح النار على محتجين كانوا بين عشرات الآلاف الذين خرجوا إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة.
في هذه الأثناء، أكّد «اللقاء الموسع للعلماء والمشائخ والشخصيات الاجتماعية»، في بيان عقب اجتماعه، «ضرورة تلبية مطالب ثورة الشباب السلمية، وفي مقدّمة ذلك التنحي الفوري لرئيس الجمهورية عن السلطة». كذلك طالبوا «بإقالة كافة أقاربه من أجهزة الدولة العسكرية والأمنية وإفساح المجال لأبناء الشعب اليمني أن يديروا أنفسهم بعيداً عن الوصاية».
وحذّروا من أنه في حال عدم «استجابة الرئيس لمطالب الثورة الشبابية والشعبية في سرعة التنحّي فإنهم سيتقدمون هذه الاعتصامات والمسيرات في مختلف المحافظات». وأكد الاجتماع رفضه «أي مبادرة للأشقاء والأصدقاء لا تتضمن صراحة القبول بمطالب ثورة التغيير والمتمثلة في تنحّي رئيس الجمهورية عن منصبه أولاً».
وحثّ زعماء القبائل والمشائخ العسكريين الذين لا يزالون أوفياء لصالح على «الانضمام لثورة الشباب السلمية، ودعمها حتى يتحقق لها الانتصار» مشيدين بانشقاق أعضاء من القوات المسلحة وقوات الأمن.
وشارك في الاجتماع، إضافة الى شيخ قبيلة حاشد التي ينتمي إليها صالح، شيوخ أبرز القبائل اليمنية ومعظم أعضاء مجلس علماء اليمن النافذين جداً في اليمن.
وفي موقف أميركي أخير، أكّدت السفارة الأميركية لدى صنعاء عدم دعمها لعضو الهيئة العليا لتجمع الإصلاح (الإخوان المسلمين) حميد الأحمر، وقالت إنها حريصة على دعم الحوار والتفاوض. ويجري السفير جيرالد فايرستاين مباحثات مكوكية مع أطراف العملية السياسية في اليمن منذ بدء الحركة الاحتجاجية في الثالث من شباط الماضي.
وانتقدت منظّمة «هيومن رايتس ووتش» تجنيد الأطفال في إحدى وحدات الجيش اليمني الذي انضم الى المعارضين. وقالت في بيان إن «أطفالاً مجندين انخرطوا في الجيش اليمني يخدمون اليوم في وحدة منشقّة تدافع عن معارضي الحكومة». وأوضحت أنها اتصلت «بالعشرات من الأطفال المجندين الذين يبدو أن أعمارهم تقل عن 18 سنة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ب)