كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيطرح، خلال خطاب يتوقع أن يلقيه في الكونغرس الأميركي الشهر المقبل، خطة للانسحاب من الضفة الغربية، في محاولة لكبح اعتراف دولي في الأمم المتحدة بدولة فلسطينية على حدود عام 1967. وقالت إن نتنياهو سيطرح أمام الكونغرس «خطة إسرائيلية أحادية الجانب لإخلاء أجزاء من مناطق ب وج في الضفة، وتسليمها بصورة كاملة كمناطق أ إلى الفلسطينيين، ما عدا الكتل الاستيطانية الكبيرة ومعظم المستوطنات والمناطق التي ستعرَّف بأنها مهمة لاحتياجات الأمن الإسرائيلي».
وأوضحت الصحيفة أن «الحديث يدور حول خطة للمدى البعيد تمتد إلى خمس سنوات على الأقل، وستسمح إسرائيل خلالها بحرية تنقل للفلسطينيين بين مناطق الضفة، وإقامة المدينة الفلسطينية الكبرى قرب رام الله (الروابي)، وتخفيف كل نواحي الحياة المدنية التي تسمح بتطوير اقتصادي».
لكن الصحيفة رأت أن هذه الخطة غير واضحة «ولا أحد يعرف نسبة المناطق التي ستسلم للفلسطينيين بنحو أحادي الجانب. فهذه العملية طويلة، وقد تحدث تغييرات عدة مثل تغير بنية التحالف الحكومي في إسرائيل، الأمر الذي سيؤثر على حجم إخلاء المستوطنات، هذا إذا أُخليت أصلاً». وتابعت أنه «سيُبدأ في تنفيذ الخطة خلال بضعة أشهر، لكنها قد تتسارع إذا قرر الفلسطينيون أنهم مستعدون للعودة إلى مفاوضات مباشرة بشأن الحل الدائم». وعلقت الصحيفة على هذه الخطة بالقول إن «الفلسطينيين يلعبون الشطرنج، بينما نتنياهو يلعب البوكر أمامهم». وقالت إن نتنياهو يعتزم «عرض هذه البطاقة» في خطاب سيلقيه أمام مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين في شهر أيار المقبل، وأنه ليس ثمة أدنى شك في أنه سيطرح الخطوة الإسرائيلية الأحادية الجانب على خلفية الأوضاع في العالم العربي.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرسالة التي تبثها إسرائيل وأعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس الأميركي تجاه الفلسطينيين، هي أن «الكونغرس لن يسمح لكم بالمس بإسرائيل، وإذا قمتم بخطوة أحادية الجانب وأعلنتم دولة فإنكم ستحصلون على الاحترام، لكن ستبقون من دون مال. نحن في الكونغرس نجلس على ميزانيتكم، وليس لدى نتنياهو ما يخسره أمام الرئيس الأميركي (باراك أوباما)، فقد خسر كل اعتماده خلال العام الماضي، ولدى نتنياهو درع واقية من الكونغرس».
وأوضحت «يديعوت أحرونوت» أن نتنياهو قام بهذه المناورة السياسية خلال ولايته الأولى عام 1996، عندما توقع أن الرئيس الأميركي بيل كلينتون لن يفوز بولاية ثانية، فحاول تجنيد الكونغرس ضد كلينتون. حينها، دعا نتنياهو نفسه إلى إلقاء خطاب أمام مجلسي الكونغرس، وكانت النتيجة خسارته الانتخابات العامة عام 1999، فيما فاز كلينتون بولاية رئاسية ثانية. وخلصت إلى أن «نتنياهو يراهن على أن أوباما لن يفوز بولاية ثانية، وإذا فشل مرة أخرى، فإننا سندفع فوائد على الفوائد بسبب تجنيده الكونغرس ضد الرئيس».
في السياق، رحب نتنياهو بقرار الإدارة الأميركية التصديق على تمويل شراء الجيش الإسرائيلي لمنصات منظومة «قبة حديدية» لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى. وقال لدى افتتاح اجتماع حكومته الأسبوعي: «بُشرنا بالقرار الأميركي بالتصديق على الـ250 مليون دولار المطلوبة لتطوير قبة حديدية، وأعتقد أن هذا قرار مبارك».
وفي ما يتعلق بالملف الاستيطاني، أعلن وزير الإسكان الإسرائيلي أريئيل أتياس أن مخططات بناء كبيرة في مستوطنات بالقدس الشرقية، صُدّق عليها نهائياً في لجان التنظيم والبناء الحكومية، مجمدة بسبب تعهد نتنياهو للإدارة الأميركية خلافاً لتصريحاته المتكررة بشأن «حق إسرائيل في البناء في القدس». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن أتياس (حزب شاس)، قوله إن مخططات البناء الاستيطاني المجمدة هي 1600 وحدة سكنية في مستوطنة «رمات شلومو»، و750 وحدة سكنية في مستوطنة «راموت»، و400 وحدة سكنية في مستوطنتي «بسغات زئيف» و«هار حوماة».
في هذا الوقت، رأى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن السلطة الفلسطينية «ستنهار» إن أصرت إسرائيل على استمرار وجودها العسكري في أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة. وقال، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، إن نتنياهو أفاد في أثناء مفاوضات السلام في أيلول2010 بأنه يريد وجوداً عسكرياً إسرائيلياً «لمدة 40 عاماً» في المنطقة المتاخمة لغور الأردن من الضفة الغربية.
وقال الرئيس الفلسطيني «إن أراد البقاء 40 عاماً فهذا احتلال، وهو بالتالي سيواصل احتلاله»، مشيراً إلى أن نتنياهو رفض مقترحات نشر قوة دولية، وعلى الأخص من الحلف الأطلسي على الحدود. وتابع أنه بحسب هذه الفرضية «لن يعود للسلطة الفلسطينية وجود، ستنهار».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)