أقرّ مجلس الوزراء السوري، في جلسته أمس، مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإنهاء حالة الطوارئ في جميع أنحاء سوريا المعلنة منذ عام 1963. كذلك أقرّ مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا المحدثة بالمرسوم التشريعي الرقم 47 لعام 1968 وتعديلاته وإحالة الدعاوى المنظورة أمامها الى مرجعها القضائي المختص، إضافة إلى إقرار مشروع مرسوم تشريعي يقضي بتنظيم حق التظاهر السلمي للمواطنين بوصفه «حقاً من حقوق الإنسان الأساسية التي كفلها دستور الجمهورية العربية السورية وفق نواظم إجرائية تقتضي حصول من يرغب بتنظيم تظاهرة على موافقة وزارة الداخلية للترخيص بتنظيمها».
وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن «هذه الحزمة من مشروعات المراسيم الاستراتيجية تأتي في إطار برنامج الإصلاح السياسي، بما يعزز عملية البناء الديموقراطي وتوسيع مشاركة المواطنين وترسيخ الوحدة الوطنية وضمان أمن الوطن والمواطنين ومواجهة التحديات المختلفة».
وإضافة إلى المراسيم التي أقرّت، طلبت الحكومة من الوزارات المعنية الإسراع بإعداد مشروع قانون الأحزاب ومشروع قانون الإعلام والإدارة المحلية وعرضها على المجلس للمناقشة في أقرب وقت ممكن.
وناقش المجلس مشروع قانون إحداث برنامج يسمّى برنامج تشغيل الشباب في الجهات العامة الذي يقضي بتوفير 10 آلاف فرصة عمل سنوياً لحمَلة الشهادة الجامعية والمعاهد المتوسطة وتشغيلهم في الجهات العامة، وذلك من خارج الملاكات العددية المحددة لها خلال سنوات الخطة الخمسية. وتقرر في الاجتماع تكليف وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والعدل والأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إعداد الصيغة النهائية القانونية اللازمة لتنفيذ هذا البرنامج.
وفي إطار توفير فرص العمل أيضاً، قررت الحكومة إلغاء شرط نيل60 بالمئة من معدل التخرج للترشيح للتعيين لدى الجهات العامة. كذلك بحثت وضع آلية تجيز تثبيت المتعاقدين على الشواغر المتوفرة لدى الجهات العامة.
وفي أول تعقيب على قرارات الحكومة، قلّل الناشط الحقوقي هيثم المالح من أهمية إقرار مشاريع المراسيم. وقال لوكالة «فرانس برس» «لم يقر شيء لغاية الآن»، لافتاً الى أن الحكومة «لها أن تقيم مشروع قانون لعرضه على مجلس الشعب الذي يقوم بإقراره وعندها يصبح قانوناً».
وأوضح المالح أن رفع حالة الطوارئ يكون عبر «إصدار الرئيس (السوري بشار الأسد) مرسوماً جمهورياً بموجب المادة 101 من الدستور السوري، أو بإقرارها من مجلس الشعب بعد عرضها عليه». ولفت الى «أننا ما زلنا في حالة ترقب نظراً لأن الرئيس لم يصدر بعد مرسوماً جمهورياً، والمشروع لم يعرض بعد على المجلس». وأشار إلى أن «رفع حالة الطوارئ لا يحتاج الى قانون».
وتأتي قرارات الحكومة السورية بعد مواجهات شهدتها مدينة حمص ليل أول من أمس، دعت وزارة الداخلية السورية بعدها المواطنين الى عدم التظاهر.
ودعت وزارة الداخلية المواطنين الى الامتناع عن القيام بأي مسيرات أو اعتصامات أو تظاهرات «تحت أي عنوان»، مؤكدة انها ستطبق «القوانين المرعية» من أجل استقرار البلاد. وقالت الوزارة إنها تطلب ذلك من أجل «المساهمة الفاعلة في إرساء الاستقرار والأمن ومساعدة السلطات المختصة في مهماتها على تحقيق ذلك».
وصدر إعلان الداخلية غداة تفريق قوات الأمن السورية اعتصاماً شارك فيه آلاف الأشخاص في حمص بوسط سوريا، وعلى أثر سقوط عدد من القتلى.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ناشطة في مجال حقوق الإنسان في دمشق أن الاعتصام في ساحة حمص، الذي بدأ مساء أول من أمس، جرى «تفريقه بالقوة وحصل إطلاق نار كثيف» من دون أن يكون بوسعها تأكيد وقوع إصابات. لكن الناشط الحقوقي نوار العمر قال للوكالة نفسها إن «أربعة أشخاص على الأقل قتلوا عندما فرّق رجال الأمن اعتصاماً في حمص».
بدورها، ذكرت وكالة «رويترز» إنه بحلول منتصف نهار أمس تحوّل «وسط مدينة حمص إلى مدينة أشباح، حيث الأسواق والمحال التجارية والمدارس مغلقة في المدينة». ونقلت عن احد الناشطين قوله إن «قوات الأمن، بما في ذلك ميليشيا غير نظامية (الشبيحة) طاردت الناس في شوارع حمص حتى الساعة السادسة صباحاً (الثالثة بتوقيت غرينتش). والشوارع فارغة». وقال آخر إن 25 جريحاً نقلوا الى المستشفى.
وفي درعا، نقلت «رويترز» عن سكان قولهم إن القوى الأمنية، التي بقيت بعيدة عن الشوارع في الأيام الأخيرة، عزّزت وجودها.
وفي دمشق، أفاد ناشط حقوقي لوكالة «فرانس برس» بأن نحو 100 طالب من كلية الطب في جامعة دمشق نفّذوا اعتصاماً سلمياً من أجل «حقن الدماء» في سوريا. وأضاف الناشط أن «الطلاب اعتصموا لنحو ربع ساعة صباح اليوم قبل تفريقهم من أعضاء في اتحاد طلبة سوريا». وبث موقع الفيديو «يوتيوب» شريطاً قصيراً قال إنه اعتصام لطلاب في كلية الطب في جامعة دمشق ظهر فيه عشرات الطلاب وهم يرتدون الرداء الأبيض ويحمل بعضهم وروداً.
وفي المقابل، أعلنت السلطات السورية مقتل خمسة عسكريين الاثنين والثلاثاء، بينهم اربعة ضباط بأيدي «مجموعات مجرمة مسلّحة».
وقال مصدر رسمي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية، إن ثلاثة ضباط سوريين قتلوا، أحدهم مع عدد من افراد عائلته، ومُثّل بجثثهم. وذكرت المصادر أن «مجموعات المجرمين المسلّحة التي تقطع الطرق وتزرع الرعب والفوضى فاجأت العميد عبدو خضر التلاوي وولديه وابن شقيقه (...) قتلت الأطفال وحاميهم بدم بارد». وأضافت أن «غريزة الغاب لديهم لم تكتف بإطلاق النار على الأبرياء بل لجأوا الى تقطيع الأوصال وتشويه الأوجه».
أما الضابطان الآخران فهما «العقيد معين محلا والرائد اياد حرفوش»، اللذان «استشهدا في منطقة الزهراء بحمص برصاص المجموعات الإجرامية المسلّحة»، كما قالت الوكالة التي أعلنت أيضاً مقتل عنصرين من الجيش أحدهما ضابط برتبة عقيد برصاص مجموعات مسلحة في حمص (160 شمالي شرقي دمشق). ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول أن «مجموعات الغدر والإجرام المسلحة في حمص اقدمت الثلاثاء على ارتكاب جريمة جديدة بإطلاق النار على العقيد الركن محمد عبدو خضور وإصابته في الرأس والصدر وهو متوجه الى عمله، ما أدّى الى استشهاده». وأشار الى أن «عصابة الغدر والإجرام لم تكتف بالقتل بل عمدت إلى تشويه الوجه».
وأضاف المصدر أن «المساعد الأول غسان محرز تعرض الى طلق ناري وهو يقوم بواجبه (...) ما أدى الى استشهاده أيضاً». وتابع «الدم السخي الذي أريق على قارعة الطريق كان مأمولاً أن يراق لأجل الدفاع عن حرية الوطن (...) إلّا أن مجموعات الغدر والإجرام المسلحة المرتهنة لأسيادها في الخارج أبت إلّا أن تنفّذ المخطّط الإجرامي».
وأعلنت «سانا» مقتل شخصين وجرح أحد عشر آخرين، بينهم ستة من عناصر الشرطة، إثر اعتداء «لمجموعات إجرامية مسلّحة» على قسمين للشرطة في حمص. وأوضحت الوكالة أن «المجموعات الإجرامية المسلّحة واصلت اعتداءاتها على أمن الوطن والمواطن، واستهدفت قسمي الشرطة في منطقتي الحميدية والبياضة بحمص». وأضافت أن الاعتداء أدّى الى «إصابة ستة من عناصر الشرطة بجروح وإصابة خمسة آخرين»، مشيرة الى «مقتل اثنين من عناصر المجموعة المسلّحة».
وقال قائد شرطة حمص، حميد أسعد مرعي، في تصريح بثّته «سانا»، إن «عناصر المجموعات الإجرامية المسلّحة حاولوا إحراق قسم شرطة البياضة بعد محاصرته وأطلقوا النار على عناصره وأصابوا عدداً منهم».
من جهة ثانية، قال مدير المستشفى الوطني في حمص غسان طنوس في تصريح بثّته «سانا» إن «ستة من عناصر قوى الامن الداخلي نُقلوا الى المستشفى تعرضوا لإصابات متنوعة بإطلاق النار والاعتداء الجسدي بأدوات حادة وعصي اثناء مناوبتهم في قسمي البياضة والحميدية». وأضاف «إن الجرحى أكدوا أن نحو 50 مسلحاً هاجموا قسم شرطة البياضة وأطلقوا النار على عناصر الحراسة واعتدوا بالضرب بالعصي والأدوات الحادّة على أحدهم». وأشار إلى أن «المشهد ذاته تكرّر في قسم الحميدية».
إلى ذلك، نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن «مصادر موثوقة» في طرطوس وبانياس قولها إن لقاءات تُعقد بين فعاليات مدينة بانياس ووجهائها والجهات المختصة في محافظة طرطوس لاحتواء الأزمة التي تعيشها المدينة بعد الكمين المسلح الذي تعرضت له وحدة من الجيش عند جسر القوز في المدينة نصبته جماعات مسلحة.
وذكرت المصادر لصحيفة «الوطن» أنه من خلال هذه اللقاءات يجري الاستماع إلى مطالب الأهالي بغية رفعها للجهات المسؤولة، وضمن هذا الإطار يُعدّ للقاء الذي سيُعقد بين وجهاء وفعاليات مدينة بانياس والرئيس بشار الأسد، حيث يعمد الأهالي إلى الاتفاق على أسماء الوفد الذي سيمثّل المدينة في هذا اللقاء الذي لم يحدد موعده حتى الآن، وذلك في وقت فتحت فيه معظم محال المدينة أمس وبدأت الحياة تعود إلى طبيعتها تباعاً.
(رويترز، ا ف ب، يو بي آي، أ ب، سانا)



توقيف أعضاء في حزب التحرير

أوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية، أمس، مسؤول حزب التحرير في منطقة صيدا حسن النحاس مع آخرين من افراد الحزب. ووفقاً لمصادر أمنية، فإن التوقيف له صلة بحملة التحريض التي شنها الحزب على الرئيس السوري بشار الأسد ومحاولة قيادته تنظيم احتجاجات ضد النظام. وأشارت المصادر إلى أنّ الحملة تعدّت إطار حرية التعبير، والموقف السياسي، وباتت مرتبطة بتعكير علاقة لبنان بدولة عربية شقيقة.
وأكّد المسؤول الإعلامي في الحزب أحمد القصص أن «الجيش أوقف ثلاثة اشخاص من حزب التحرير في صيدا (جنوب) كانوا يلصقون إعلانات تدعو الى التظاهر في طرابلس الجمعة». وأضاف «كذلك أوقف أربعة اشخاص في طرابلس على الخلفية نفسها، بينما أوقفت سيارة في عكار (شمال) كانت تبث دعوات عبر مكبرات صوت إلى المشاركة في تظاهرة طرابلس».
ودعا حزب التحرير ـــــ ولاية لبنان الى تجمّع بعد صلاة الجمعة قرب جامع المنصوري الكبير في طرابلس، للانطلاق في تظاهرة دعماً «لثورة الشام». وقال القصص «إن التظاهرة مستمرة ولو أوقفوا المئات».
وأفاد مكتب محافظ الشمال ناصيف قالوش، رداً على سؤال لـ«فرانس برس»، إن حزب التحرير «أودع قلم المحافظة علماً وخبراً بتنظيم تظاهرة في طرابلس، وإن مجموعة أحزاب وهيئات إسلامية أخرى تقدمت بعلم وخبر آخر حول تنظيم تظاهرة مؤيدة لسوريا». وأشار المكتب الى أن المحافظ «سيبتّ الطلبين» اليوم.
(الأخبار، أ ف ب)