ارتفع عدد قتلى العاصمة صنعاء إلى خمسة، أمس، بعدما أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين عشوائياً أول من أمس، فيما شهدت مدينتا إب وتعز وعدن إضراباً شاملاً تزامناً مع استمرار التظاهرات الحاشدة، وسط عدم تسجيل أي تقدم في مساعي الوساطة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، عقب الاجتماع غير المثمر بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والحكومة اليمنية في أبو ظبي أول من أمس.
وعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعاً مع وفد حكومي يمني (مستشار الرئيس علي عبد الله صالح، عبد الكريم الأرياني، وزير الخارجية أبو بكر القربي، ورئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الحاكم سلطان البركاني)، استمر حتى وقت متأخر من ليل أول من أمس، وانتهى من دون تسجيل تقدم ملموس بخصوص الاتفاق على نقل السلطة في البلاد. وأكد بيان صادر عن الاجتماع أنه «جرى خلال الحوار تبادل وجهات النظر بشأن المبادرة الخليجية، وكان الحوار بناءً، عَكَس رغبة الجانبين في التوصل إلى اتفاق يحقق تطلعات الشعب اليمني في حياة آمنة مستقرة كريمة». وذكر أنه «شُدِّد على بذل المزيد من الجهود لضمان الحفاظ على أمن الدولة اليمنية واستقرارها ووحدتها».
إلا أن المتحدث باسم وفد الحكومة اليمنية، أحمد بن دغر، أكد أن «الاجتماع لم يحقق أي اختراق». وقال: «نحن نتمسك بالدستور ولا نستطيع تجاوزه»، في إشارة إلى تمسك الرئيس اليمني بولايته الشرعية، وإصراره على انتقال السلطة في إطار الدستور، فيما تطالب المعارضة بتنحيه فوراً.
ورداً على سؤال عن عدم توصل الاجتماع إلى حل للأزمة، قال بن دغر لقناة «العربية»: «للأسف الشديد نحن وهم في الشارع»، مضيفاً: «لدينا خوف وقلق بالتأكيد على بلدنا».
ويأتي هذا الفشل فيما أعلنت مصادر طبية ارتفاع حصيلة قتلى المتظاهرين في صنعاء أول من أمس إلى خمسة، قضوا جميعهم بالرصاص أثناء تفريق الشرطة مسيرة كانت تطالب بتنحي صالح.
وفي الحديدة، أعلنت لجنة تنظيم التظاهرات أن مسلحاً على دراجة نارية أطلق النار على متظاهرين في المدينة، ما أدى إلى مقتل أحدهم. وأطلق المسلح، الذي نجح في الفرار، النار على متظاهرين كانوا نائمين في مكان الاعتصام الدائم في ساحة النصر. وقالت اللجنة إن ثمانية متظاهرين آخرين أصيبوا بجروح طفيفة.
كذلك، قتل شرطي وأصيب ثلاثة آخرون في اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين المناوئين للرئيس، في خور مكسر في مدينة عدن (جنوب)، بحسب مصدر أمني. وأكد المصدر مقتل الشرطي، مشيراً إلى أن «المستشفى استقبل قتيلاً وثلاثة جرحى جميعهم من عناصر قوات النجدة».
وقال شهود عيان إن الاشتباكات نشبت بعد قيام وحدات من الجيش والنجدة والأمن المركزي بفرض طوق محكم على حي السعادة في خور مكسر. وأكد أحدهم أنه «عندما حاولت القوات اقتحام حي السعادة تصدى لها مسلحون ودارت اشتباكات بين الطرفين استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة».
وشلت الحركة على نحو شبه تام في مدينة عدن التزاماً بـ«عصيان مدني» دعت إليه تنسيقية شباب «ثورة 16 شباط» في المدينة للمطالبة بتنحي صالح. وطالب شباب الثورة المواطنين بعدم الذهاب إلى مقار الأعمال أو الدراسة يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع.
وأغلقت المحال التجارية والمدارس والمؤسسات العامة والخاصة أبوابها، وخلت شوارع المدينة من المارة بعدما وضع محتجون حواجز من الحجارة ومستوعبات القمامة في معظم الشوارع الرئيسية والفرعية للحد من الحركة. وسمع تبادل إطلاق نار بنحو متقطع في حي المنصورة والشيخ عثمان، عندما حاولت الشرطة تفريق عشرات الشباب القابعين قرب الحواجز التي وضعوها للحد من مرور السيارات. وقال مصدر طبي في مستشفى النقيب إن المستشفى استقبل جريحين بالرصاص من سكان المنصورة.
وفي السياق، قال مصدر عسكري إن مجموعة من جنود القوات البحرية تمردوا على قيادتهم فجر أمس، بعدما طلب منهم النزول لفض العصيان المدني. وأكد أن عدداً من الجنود «رفضوا أوامر أصدرها قائد المدرسة البحرية عبد الله سالم النخعي، تقضي بإنزالهم إلى الشوارع بهدف تأمين عدد من الطرقات وفتحها إذا ما قطعها المحتجون، وهو ما رفضه الجنود». وتطور الخلاف بين الجنود وقيادة المدرسة إلى استخدام الأسلحة النارية، حيث دارت اشتباكات مسلحة داخل المدرسة وفقاً للمصدر ذاته.
كذلك، شهدت مدينتا إب وتعز (وسط اليمن) إضراباً شاملاً شلّ الحركة التجارية، تزامناً مع استمرار التظاهرات الحاشدة المطالبة بإسقاط نظام صالح. وقال موقع «المصدر أونلاين» إن مسيرة تقدر بمئات الآلاف جابت شوارع المدينتين للمطالبة بتنحي صالح الفوري، وتنديداً بأعمال القمع في صنعاء أول من أمس. ووضع المشاركون على أفواههم لاصقات، تعبيراً عن تنديدهم بالصمت الدولي إزاء أعمال القمع التي تطال المتظاهرين السلميين في مختلف المناطق اليمنية.