بعد لندن، دخلت باريس وروما على خط دعم المعارضة الليبية لوجستياً بضباط اتصال عسكريين قيل إنهم ذوو صفة استشارية إلى عاصمة الثوار في بنغازي، فيما تتداول الأوساط السياسية الأميركية عدداً من السيناريوات الخاصة بمستقبل ليبيا في ظل الصراع المسلّح بين المعارضة والقوات الحكومية هناك منذ نحو شهرين. هذا إلى جانب الحرب التي تشنّها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في حلف شمالي الأطلسي بهدف إطاحة نظام حكم العقيد معمر القذافي. في هذا الوقت، يعتزم الرئيس الأميركي باراك أوباما، تقديم مساعدة عاجلة للثوار الليبيين بمبلغ 25 مليون دولار، حسبما قال دبلوماسي أميركي رفيع المستوى في رسالة إلى اعضاء في الكونغرس الأميركي نشرتها صحيفة «واشنطن تايمز».
وجاء في مذكرة مرفقة بالرسالة أن المساعدات يمكن أن تشتمل على عربات وشاحنات وقود وعربات إسعاف ومعدات طبية وسترات واقية ومناظير وأجهزة لاسلكية.
وذكرت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» أن السيناريوات التي قد تؤدي إلى الصراع في ليبيا الذي يبدو أنه قد وصل إلى طريق مسدود، تراوح ما بين انهيار النظام الحاكم، وخلع القذافي بواسطة مساعديه السابقين، أو انقسام ليبيا.
ويرى محللون أن كلمة «النهاية» أوشكت على البت بعد إسدال الستار على التجربة التي تجرى الآن في الجماهيرية، والتي تبرهن على أنه ليس هناك قوة عالمية أخرى دون الولايات المتحدة يمكنها قيادة ما تدعوه مستشارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، سمانثا باور، «التدخل الإنساني» المسلّح. ويشير هؤلاء، في معرض الدعوة إلى تدخل عسكري مباشر على الأرض، إلى أن من الواضح حتى الآن بالنسبة إلى مدينة مصراتة أن التجربة قد مُنيت بالفشل ولا تمضي على نحو جيد.
وتعتقد «لوس أنجلس تايمز» أن أحد الاحتمالات هو تقلص القوات الموالية للقذافي التي تتعرّض لقصف قوات الأطلسي بلا هوادة، مشيرة إلى أن هذا قد يحفّز انشقاق مسؤولين ليبيين كبار على غرار ما قام به وزير الخارجية الليبي موسى كوسا.
وقالت الصحيفة إن حدوث طوفان من الفرار وانهيار النظام في ليبيا يمهّد المجال أمام حكومة انتقالية بقيادة المعارضة بل وحتى فرض نظام ديموقراطي. ويتمثل السيناريو الثاني في خلع كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين المؤيدين للقذافي والسعي للحصول على صفقة لتقاسم السلطة، والحصانة من دون الاستجواب، وحق المشاركة في الحياة السياسية، وبعيداً عن الصراع المدني يأتي الإصلاح القومي. لكن الصحيفة قالت إن هذا لن يحدث بسهولة، الأمر الذي سيضطر بعض الأشخاص ذوي السلطة إلى عزل القذافي، وهو يعني أن أيديهم ستتلطخ بمزيد من الدماء. أما السيناريو الثالث فهو تقسيم ليبيا: حيث يسيطر القذافي على الغرب، ومنها طرابلس وضواحيها ومعها منطقة فزان، وتأخذ المعارضة شكلها في الشرق وفي محيط منطقة برقة.
وعن آليات دعم المعارضة الليبية، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، مجدداً أن الرئيس باراك أوباما لن يرسل قوات أميركية برية إلى ليبيا، في الوقت الذي ترسل فيه بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، ضباطاً عسكريين إلى بنغازي لتدريب قوات المعارضة وإرشادها.
لكن المتحدث باسم الرئيس الاميركي، جاي كارني، قال إن بلاده تؤيد قرار حلفائها بإرسال مستشارين عسكريين لمساعدة الثوار الليبيين.
في هذا السياق، أعلنت مساعدة المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستين فاج، أنه «في إطار تعاوننا الثنائي مع سلطات المجلس الوطني الانتقالي، أرسلت فرنسا إلى مبعوثنا الخاص في بنغازي عدداً صغيراً من ضباط الاتصال، يقومون بمهمة اتصال لدى المجلس الوطني الانتقالي». وقال المتحدث باسم الحكومة، فرنسوا باروان، إن عددهم أقل من 10.
كذلك، قال وزير الدفاع الإيطالي، انياتسيو لا روسا، إن إيطاليا ستفكّر في إرسال عشرة مدربين عسكريين لمساعدة قوات المعارضة. وذلك غداة إعلان لندن إرسال 20 مستشاراً عسكرياً الى بنغازي في مهمة مماثلة.
وفي خطوة غير مسبوقة، قال أحد قادة الثوار في مصراتة، نوري عبد العاطي، إن الثوار يطالبون بإرسال جنود بريطانيين وفرنسيين إلى المدينة المحاصرة على أساس «مبادئ إنسانية وإسلامية». وأضاف محذّراً «إذا لم يأتوا فسنموت».
في المقابل، حذّر وزير الخارجية الليبي، عبد العاطي العبيدي، بريطانيا من أن إرسال فريق عسكري إلى بنغازي لتقديم المشورة لقوات المعارضة، سيطيل القتال ويؤثر على فرص السلام في ليبيا.
واقترح العبيدي في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» اعتماد وقف لإطلاق النار، تليه فترة انتقالية مدتها ستة أشهر للإعداد للانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، وعلى النحو الذي اقترحته خطة خريطة الطريق للاتحاد الأفريقي.
من جهة ثانية، قال نجل الزعيم الليبي، سيف الإسلام القذافي، إن الحكومة تريد إقرار دستور جديد، مشيراً إلى أن هذا الدستور «جاهز بعد هزيمة التمرد». وأضاف أن «عصر الجماهيرية الأولى ولّى، وأُعدت مسودة دستور جديد».
واتهم سيف الإسلام في حديث إلى التلفزيون الليبي الرسمي المعارضة بأنها تتحرك بدافع «السلطة والنفط والثروة». وشدد على أن الوضع الميداني يتغير لمصلحة النظام وأن والده سيتغلب على المعارضة المسلحة.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)