مع اشتداد المعارك على مشارف مصراتة، يبدو أن المرحلة تشهد ترتيبات جديدة في ما يتعلق بالملف الليبي، بعد يومين من قصف معقل العقيد معمر القذافي في باب العزيزية. فرغم تفاؤل باريس بنهاية النزاع، ثمة خطط جديدة لتقويض كتائب السلطة. وأكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أنه «متفائل» بنهاية النزاع في ليبيا، فيما ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» أن بريطانيا والولايات المتحدة تخططان لتقويض قوات العقيد معمر القذافي داخل ليبيا، من خلال قطع إمدادات الوقود عنها.وقال الرئيس الفرنسي، خلال مؤتمر صحافي في روما، إثر محادثات مع رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني، «في ما يتعلق بليبيا، نحن متفائلون لأن المعارضة الليبية تبرهن عن شجاعة كبيرة وسيطرة كبيرة»، مشيراً إلى أن «كفاح» الثوار «يزداد فعالية كل يوم». وأكد أنه لا يستطيع أن يحدد كم من الوقت سيستمر هذا النزاع، مضيفاً «نريد أن يتمكن الليبيون من التعبير عن رغبتهم بحرية».
في المقابل، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنه «إذا كان هناك قرار يؤدي إلى مزيد من التصعيد لحرب أهلية (في ليبيا) بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك التدخل الخارجي، فلن يسعنا تأييد هذا».
ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن لافروف قوله، أما إذا نصّ القرار «على الوقف الفوري لأعمال العنف ودعوة طرفي النزاع إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فإن روسيا ستدعمه دعماً كاملاً»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه ليس هناك أيّ مشروع قرار مطروح للتشاور حالياً.
في غضون ذلك، أفادت صحيفة «فايننشال تايمز» بأن وزير الدفاع البريطاني، وليام فوكس، سيلتقي نظيره الأميركي روبرت غيتس، في واشنطن، بمشاركة رئيس أركان الدفاع البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأدميرال مايك مولين.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولاً بريطانياً رفيع المستوى أكد أن المسؤولين الأربعة «سيناقشون اتجاه الحملة في ليبيا، وطرق استغلال التحالف لنقاط الضعف في نظام العقيد القذافي».
ونسبت إلى المسؤول قوله «إن الاجتماع سيناقش ما يجب اتخاذه من إجراءات إضافية لقطع خطوط إمدادات الوقود عن قوات القذافي، ونحن بالتأكيد بحاجة إلى بذل المزيد من العمل لمنع ناقلات الوقود من الوصول إلى طرابلس».
وأضاف المسؤول «المعركة متنقلة وعربات القذافي ودباباته تحتاج إلى الكثير من وقود الديزل، وسيكون من الصعب عليها التحرك إذا ما قُطعت هذه الإمدادات».
وأشارت «فايننشال تايمز» إلى أن مسألة إمدادات الوقود لقوات القذافي أصبحت محوراً رئيسياً للنقاش داخل الحكومة البريطانية في الأيام الأخيرة، انطلاقاً من اعتقادها بأن هذه القوات ستصبح ضعيفة جداً إذا جُفّفت إمداداتها من وقود الديزل.
ميدانياً، أكد عدد من قادة المعارضة المُسلّحة في مدينة مصراتة الساحلية (شرقي طرابلس) أن القوات الحكومية التي تعرّضت لقصف عنيف منذ يومين انسحبت من المدينة وأصبحت في الضواحي.
وقال أحد هؤلاء القادة إن «مواجهات تدور عند الحدود الغربية للمدينة، فيما جرى تطهير باقي أنحائها. لا يزال هناك على الأرجح بضعة جنود يختبئون في المدينة، ويخافون من تعرضهم للقتل، لكن لم تعد هناك أرتال من الجنود».
إلّا أن المتحدث العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي المعارض في بنغازي (شرق)، أحمد عمر باني، أبدى تشاؤماً حيال الوضع في مصراتة. وقال «إنها كارثة هناك، القذافي لا يخسر».
وأضاف «مصراتة مفتاح طرابلس. إذا ما ترك (القذافي) مصراتة، فسيترك طرابلس. ليس مجنوناً إلى درجة أن يفعل ذلك».
من ناحية ثانية، ذكر ضابط معارض من الجيش الليبي، عبد السلام محمد تلمح، أن قوات القذافي تحصّن مواقعها حول بلدة البريقة النفطية في شرق البلاد، والتي سيطرت عليها منذ أسبوعين. وقال إنها حفرت أنفاقاً لإخفاء بطاريات الصواريخ الطويلة المدى لحمايتها من غارات طائرات حلف الأطلسي. وأضاف أن المستشارين البريطانيين وصلوا إلى المدينة، معرباً عن أمله أن تبدأ المعارضة المسلحة قريباً في تحسين تنظيمها وتنسيقها مع قوات الأطلسي لمهاجمة مواقع قوات القذافي. وقال «لن تروا نتيجة خلال 24 ساعة، ولكننا نحاول أن نكون أفضل».
في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم، خلال مؤتمر صحافي أمام المبنى الذي يضم مكتب القذافي في باب العزيزية في العاصمة الليبية، بعد استهدافه من قبل قوات حلف شمالي الأطلسي، أن ثلاثة موظفين قتلوا وجرح 45 آخرون، من بينهم 15 شخصاً إصابتهم خطرة، جرّاء القصف.
وأضاف أن القذافي «بخير وبصحة جيدة ومعنوياته عالية»، مشيراً إلى أنه «في مكان آمن ويقود المعركة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)