القاهرة ــ الأخبار طوت الفصائل الفلسطينية بتوقيعها بنود اتفاق المصالحة أمس، سنوات من الشقاق والفرقة، كان لها تأثير كبير على حياة الفلسطينيين. وقال مسؤول مصري رفيع المستوى إن جميع الفصائل الفلسطينية اجتمعت بعد ظهر أمس في أحد فنادق القاهرة، ووقعت وثيقة المصالحة الفلسطينية، مضيفاً: «قطعت الفصائل، وعددها 13 فصيلاً، شوطاً كبيراً في طريق المصالحة بتوقيعها البنود في حضور عدد من المسؤولين المصريين، يتقدمهم رئيس جهاز الاستخبارات مراد موافي». وأشار إلى أنه «اتُّفق على أن تجري مراسم الاحتفال بالحدث اليوم، بحضور كافة قادة الفصائل»، قائلاً: «الوفود المشاركة في الاتفاق أبدت ملاحظاتها على ما تضمنته الوثيقة من بنود، والجانب المصري أقنع قادة الفصائل بدراسة ملاحظاتهم والأخذ بها عند التطبيق على أرض الواقع».

وأعلنت القاهرة أنها وجهت دعوة إلى وزراء الخارجية العرب، ووزراء خارجية الصين وروسيا وتركيا، ووزراء خارجية عدد من الدول الأوروبية، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو، والممثلة الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية لحضور توقيع المصالحة بين الفصائل.
وعقب توقيع الاتفاق، من المقرر، أن تبدأ المشاورات لتأليف الحكومة. وقد توجهت لجنة عربية برئاسة مصرية إلى الأراضي الفلسطينية لتنفيذ الاتفاق على الأرض وإزالة أي عقبات، وخصوصاً تلك المتعلقة بالشق الأمني ودمج المؤسسات في الضفة وغزة.
كذلك، اتُّفق على الإفراج عن جميع معتقلي «حماس» في سجون السلطة، ومعتقلي «فتح» في سجون «حماس» في قطاع غزة، على أن يُدعى المجلس التشريعي لممارسة دوره التشريعي والرقابي في الضفة الغربية وغزة.
من جهته، أكد المتحدث باسم «حماس»، عزت الرشق، أنّ «الجميع وقّعوا ورقة التفاهمات، وسيجري اليوم الاحتفال بالمصالحة بحضور (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس و(رئيس المكتب السياسي لحماس خالد) مشعل».
بدوره، أكد رئيس تجمع الشخصيات المستقلة المشاركة في الاتفاق، عبد العزيز الشقاقي، أن توقيع الفصائل والمستقلين وثيقة المصالحة «يفتح ويؤسس لمرحلة جديدة عنوانها التوافق والبناء الوطني، بعد خلاف استمر نحو خمس سنوات». وأوضح أن القاهرة «بذلت مجهوداً كبيراً في الوصول بالفصائل إلى هذا الاتفاق»، مشيراً إلى أنه «يجب تعزيز ما جرى التوصل إليه وترسيخه للانطلاق نحو التفرغ إلى تخفيف معاناة الفلسطينيين، وتوحيد مؤسسات الشعب الفلسطيني، وإزالة آثار ما خلفه الحصار والقتل الإسرائيلي بنحو عملي وحقيقي».
ورغم عدم إعلان الجانبين المصري والفلسطيني ملاحظات الفصائل على الاتفاق، إلا أن الجميع أكدوا أن الوثيقة تنهي حقبة مريرة من الصراع والشقاق الفلسطيني، وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل الوطني المشترك بين الفصائل والسلطة الفلسطينية، وتؤرخ لحقبة جديدة من استعادة دور مصر التاريخي في لمّ الشمل بين مختلف فئات الشعب الفلسطيني.
وفي السياق، قالت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» إن بعض الفصائل أبدت اعتراضاً على البنود الخاصة بإجراء الانتخابات والانتشار الأمني في غزة وعملية فتح المعابر. لكن الجانب المصري أقنع قادة الفصائل بأن نقاط الخلاف يحسمها تطبيق الاتفاق على الأرض في ظل رعاية مصرية كاملة للبنود.
وفي السياق، أكد مصدر فلسطيني مطّلع أن «فتح وحماس توافقتا على استبعاد رئيس الحكومة المؤقتة في الضفة الغربية سلام فياض من رئاسة حكومة الوحدة المرتقب تأليفها تنفيذاً للاتفاق»، فيما قال المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني، نمر حماد، إن برنامج حكومة الوحدة الوطنية المقبلة سيكون مطابقاً لبرنامج الرئيس «القائم على أساس إنهاء الاحتلال والعمل من أجل التحرر وإقامة الدولة».
أما إسرائيل، فعمدت إلى ممارسة الضغوط، فدعت على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى التخلي عن اتفاق المصالحة و«اختيار السلام مع إسرائيل». وقال في بيان صادر عن مكتبه: «أدعو أبو مازن إلى إلغاء الاتفاق مع حماس بالكامل واختيار طريق السلام».
وأضاف نتنياهو، خلال لقائه الموفد الخاص للجنة الرباعية للشرق الأوسط طوني بلير في القدس المحتلة، أن «الاتفاق بين أبو مازن وحماس يوجه ضربة قاسية إلى عملية السلام»، مضيفاً أنه سينقل هذه الرسالة إلى المسؤولين خلال محادثاته في بريطانيا وفرنسا اليوم وغداً. وتساءل: «كيف يمكن أن نصنع السلام مع حكومة يدعو نصف أعضائها إلى تدمير إسرائيل وتمجد مقتل (زعيم تنظيم القاعدة أسامة) بن لادن؟».
من جهته، وصف رئيس وفد حركة «فتح» في القاهرة، عزام الأحمد، تصريح نتنياهو بأنه «تدخل سافر» في الشؤون الداخلية الفلسطينية. وقال: «على نتنياهو احترام إرادة الشعب الفلسطيني ووقف تدخله السافر والمرفوض».
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، أن فرنسا ترى أن المصالحة الفلسطينية تذهب في «الاتجاه الصحيح»، لكنها تنتظر من «حماس» الاعتراف بوجود إسرائيل ونبذ العنف كوسيلة للعمل السياسي. وأضاف: «كل ما يسمح بالمصالحة بين التنظيمات والتشكيلات التي تمثل بدرجة معينة شعبها تذهب في الاتجاه الصحيح».



أمير قطر في مصر


وصل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إلى مصر في زيارة قصيرة أمس، التقى خلالها رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حسين طنطاوي، بحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية، التي قالت إن الطرفين بحثا العلاقات الثنائية وتطرقا إلى إعادة إعمار غزّة.
وكان وزير الخارجية المصري نبيل العربي في استقبال أمير قطر الذي رافقه وفد رسمي من 20 عضواً، من بينهم حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية.
وتأتي زيارة الأمير القطري لتأكيد مساندة قطر لشعب مصر والثورة المصرية، في أعقاب زيارة رئيس الوزراء المصري عصام شرف للدوحة في إطار جولة خليجية شملت السعودية والكويت.
ولم توضح الوكالة فحوى المحادثات التي أجراها أمير قطر مع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الممسك بالسلطة في مصر منذ إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك في شباط الماضي.
(أ ف ب)