واصل النظام اليمني خيار التصعيد العسكري في مواجهة المحتجين المطالبين بإنهاء حكمه المتواصل منذ أكثر من 33 عاماً، فيما أثار تمسّك النظام بالعنف خياراً وحيداً حفيظة المجتمع الدولي بمن فيه الولايات المتحدة، التي جددت أمس دعوتها إلى الاتفاق على انتقال منظم للسلطة.وهاجمت قوات النظام أمس المتظاهرين في مدينة البيضاء في شرق البلاد، ما أدى إلى مقتل ثلاثة محتجين وجرح العشرات، وذلك بعد يوم واحد من مقتل 12 يمنياً في صنعاء. وقال مصدر يمني مطلع إن المتظاهرين قتلوا برصاص مسلحين أطلقوا النار عن سطح مقر المؤتمر الشعبي العام الحاكم على المشاركين في تظاهرة في ساحة «أبناء الثورة» للمطالبة بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح. ورفع المحتجون لافتات تندّد ببقاء صالح في الحكم ومزقوا صوره الملصقة على جدران المباني، قبل أن يعمدوا في أعقاب مقتل المتظاهرين إلى اقتحام مبنى الحزب الحاكم وإحراقه. كذلك نجح المحتجون في اعتقال أحد مطلقي الرصاص، فيما لاذ مسلحون آخرون بالفرار.
أما في صنعاء، فخيّم التوتر على ساحة التغيير بعدما ارتفع عدد القتلى الذين سقطوا في أعقاب محاولة الزحف على مقر مجلس الوزراء ومحاولة اقتحام ساحة التغيير إلى اثني عشر شخصاً، فيما أفادت المصادر بقيام قائد المنطقة الشمالية اللواء علي محسن الأحمر، بنشر تعزيزات عسكرية حول الساحة بما في ذلك جنود ومدرعات. وفي تعز، أصيب ما لا يقل عن 36 متظاهراً بالرصاص الحي وأكثر من 150 بالقنابل الغازية في مدينة تعز جراء تفريق قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري مسيرات سلمية تطالب بإسقاط النظام. أما في منطقة المخا المطلة على البحر الأحمر، فأكدت المعارضة سقوط 16 جريحاً بالرصاص خلال تظاهرة تطالب صالح بالتنحي، كما شهدت مدينة الراهدة، جنوب شرق المحافظة نفسها تظاهرة نسائية تطالب برحيل صالح، فيما سارت تظاهرات مماثلة في مدينتي إب وعدن.
في هذه الأثناء، أثار تجدّد القمع الدموي حفيظة الوسطاء المحليين والدوليين. وبينما دعت المعارضة البرلمانية «دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والأصدقاء في أميركا وأوروبا إلى التدخل لوقف المجازر التي ترتكبها قوات صالح بحق المتظاهرين»، ندّدت الولايات المتحدة بأعمال العنف التي تقوم بها قوات الأمن، مجددةً دعوتها الى انتقال «فوري» للسلطة في البلاد.
وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الاميركية، مارك تونر، إن واشنطن «قلقة جداً إزاء أعمال العنف الأخيرة في اليمن، وتضم صوتها الى صوت الاتحاد الأوروبي في الإدانة الشديدة لهذه الأعمال المثيرة للقلق»، داعياً «كل الأطراف إلى توقيع وتطبيق الاتفاق فوراً لضمان انتقال سلمي ومنظم للسلطة».
بدوره، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو، أن «فرنسا تأسف وتدين الإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين في اليمن»، مطالباً السلطات اليمنية بـ«الوفاء بالتزامات جدّدتها مراراً على أعلى مستويات لحماية المتظاهرين»، ومجدداً «دعم مساعي مجلس التعاون الخليجي وما اقترحه من خطة انتقالية».
في المقابل، سعت الحكومة جرياً على عادتها للتنصل من المسؤولية عن مقتل المحتجين، متهمةً المتظاهرين بمحاولة اقتحام عدد من المؤسسات والمنشآت الحكومية، وبإطلاق النار.
في هذه الأثناء، أعلن قيادي في المعارضة، أن من المقرر أن يصل الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، إلى صنعاء غداً لمحاولة إحياء اتفاق لإنهاء الأزمة انهار في الشهر الماضي عندما رفض الرئيس صالح التوقيع. ويأتي إعلان استئناف الخليجيين للوساطة، بعدما ناشد الأمين العام لمجلس التعاون اليمنيين العودة إلى المبادرة الخليجية لتسوية الأزمة «لكونها الحل الأمثل والأفضل للخروج من الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن ووقف نزف الدم».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)