رأى رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، أنّ ما يحصل حالياً في سوريا هو نتيجة لعدم اتخاذ الرئيس السوري بشار الأسد الخطوات الإصلاحية اللازمة في الوقت المناسب، رغم كشفه أنه أمضى أكثر من عام وهو يتحاور مع الأسد في ضرورة اتخاذ قرارات تصبّ في هذا الاتجاه، معدِّداً على سبيل المثال إلغاء قانون الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين وضرورة تعديل قانون الانتخابات والسماح بالأحزاب في سوريا. وقال أردوغان لتلفزيون «بي بي أس» (PBS) الأميركي مساء أول من أمس، إنّ الأسد «صديق جيد لي، لكنه فشل في اتخاذ قرارات في الوقت المناسب لتلبية المطالب الإصلاحية لشعبه». وتابع قائلاً: «لقد كان لنا حديث قديم (دام لعام كامل أو أكثر من ذلك) عن حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين وتغيير قانون الانتخابات، والسماح بتأسيس الأحزاب السياسية». وأشار، لبرنامج شارلي روز المسائي، إلى أنه «في جميع الأحوال، تأخّر الأسد في اتخاذ تلك الخطوات، وبهذه الطريقة، للأسف، وصل بنا الأمر إلى ما هو عليه حالياً».
وعن العرض التركي بمساعدة النظام السوري على استلهام الإصلاحات المطلوبة، قال أردوغان إن حزب «العدالة والتنمية» التركي الحاكم عرض تدريب حكومة الأسد على العمل الديموقراطي قبل بدء التظاهرات في سوريا. وأضاف أنه قال للرئيس السوري: «أرسلوا لنا طواقمكم، يمكننا أن ندرّبهم ونريهم حزبنا، وتعليمهم كيف ينظَّم حزب سياسي، وكيفية إنشاء العلاقات مع الشعب»، كاشفاً أن «العرض لم يُلبَّ ووصل بنا الأمر إلى ما هو عليه حالياً».
وردّاً على سؤال، رأى أردوغان أن الوقت لا يزال مبكراً جداً لدعوة الأسد إلى التنحّي عن الحكم، جازماً بأنّ هذا القرار «يعود إلى الشعب السوري»، معرباً عن أمله بألا تتضرر سوريا من الأحداث الجارية حالياً، لأنّ «على الوحدة السورية أن تستمر قوية، وهكذا نريد أن نرى جيراننا». غير أنه عاد وأعرب عن اقتناعه بأن الأسد «سيتّخذ الخطوات اللازمة، وفي كل زياراتي لسوريا، رأيتُ حب الناس لبشار الأسد».
ورأى رئيس الوزراء التركي أنه لا يمكن الأسد أن يرفض مطالب شعبه بالسلام والديموقراطية، مشيراً إلى أن بلاده تكاد تنظر إلى ما يجري في سوريا على أنه «مسألة داخلية» تركية بسبب الحدود الطويلة المشتركة البالغة أكثر من 800 كيلومتر، والعلاقات الوثيقة بين الدولتين. وجدد أردوغان تأكيده أنه لا يمكن الأسد أن يرفض مطالب شعبه «الضرورية بالحرية والديموقراطية»؛ لأن «زخم الديموقراطية في الشرق الأوسط لا يمكن الرجوع عنه».
وكانت فضائية «الجزيرة» القطرية قد نقلت عن أردوغان قوله، في مقابلة مع القناة التركية السابعة يوم الثلاثاء، إنّه لا علم لديه بوجود مجموعات مسلحة بين المتظاهرين السوريين، لافتاً إلى أنّ معلوماته تفيد بوصول عدد قتلى الاحتجاجات السورية إلى أكثر من ألف شخص. ووفق ما نقلته «الجزيرة» عن أردوغان، فقد حذّر من مرحلة تبدأ في سوريا مشابهة لما حصل في حلبجة وحماه وحمص، لافتاً إلى أنه «للأسف، يبدو أنّ هناك مرحلة مشابهة تبدأ في سوريا». ورأى أنّ من الخطأ أن يُطلق نظام الرصاص على شعبه؛ «إذ لا مجموعات مسلَّحة في مواجهتهم، ولو كان الأمر كذلك، لكان من حق قوى الأمن أن تدافع عن نفسها، لكن مَن يواجهها هو شعب غير مسلَّح».
وفي السياق، قال أردوغان إن «السوريين يقولون لنا إن هناك مسلحين قتلوا 5 من جنودهم و7 من الشرطة، إجابات من هذا القبيل. لكن المعلومات التي نملكها بهذا الخصوص هي معلومات مختلفة تماماً، وعدد القتلى في سوريا تجاوز الألف تقريباً». وأضاف: «أردنا من المسؤولين السوريّين أن يقدّموا مشروعاً ينال رضى شعبهم، بل وأرسلنا لهم دراسات جادّة».
وعن هذا الموضوع، رأى الأستاذ الجامعي التركي الليبرالي سولي أوزيل أنّ تركيا «غير قادرة على التأثير على الموقف السوري»، مبرِّراً اعتقاده هذا بأنّ «تركيا تدّعي امتلاك القدرة والأدوات للتأثير، لكنها عجزت عن حثّ نظام الأسد على القيام بالإصلاحات في الوقت المناسب».
بدوره، رأى رئيس لجنة حقوق الإنسان السورية، التي تتّخذ من لندن مقرّاً لها، وليد سفّور، أنّ الأحداث السورية برهنت على أن لإيران نفوذاً على النظام السوري أكبر من ذلك الذي تمتلكه تركيا، مستدركاً أنه «لو قرّر النظام السوري الاستماع إلى لغة المنطق، لوجب عليه الإنصات إلى النصائح التركية».
(الأخبار، رويترز)