معارضو صالح ينعون المبادرة الخليجية... وصالح يحرّض ضد المحتجّين

احتشد مئات آلاف اليمنيين في الساحات أمس، معززين من حالة الانقسام السياسي الذي يسود البلاد منذ قرابة أربعة أشهر، فيما خرج الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن صمته، محرّضاً على المزيد من العنف ضد المحتجّين، ومحذراً أحزاب «اللقاء المشترك» من «اللعب بالنار»
مرة جديدة أثبت النظام اليمني عجزه عن مغادرة خيار العنف لمواجهة المحتجّين المطالبين برحيله. فلم يكد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يفرغ من خطبته التي ألقاها أمس على مسامع مؤيّديه الذين احتشدوا في ميدان السبعين تحت شعار «جمعة الوحدة»، حتى كان تهديده بالمزيد من العنف يترجم في عدد من المحافظات اليمنية التي شهدت مسيرات احتجاجية مندّدة ببقائه في السلطة.
البداية كانت من مدينة إب التي قُتل فيها ثلاثة أشخاص وأصيب العشرات إصابات حرجة، إثر إطلاق القوات الأمنية النار على موكب تشييع أحد ضحايا الاحتجاجات. وفي تعز أصيب ما لا يقل عن أربعين متظاهراً، عندما أطلقت قوات الأمن النار على حشود من المحتجين أثناء توجههم إلى ساحة الحرية في المدينة للمشاركة في «جمعة الوفاء لصعدة وأسبوع الحسم».
أما في صنعاء، فشيّع المحتجّون القتلى الذين سقطوا خلال الأيام القليلة الماضية، بينما شهدت المدينة إجراءات أمنية مشددة هي الأولى من نوعها.
من جهتها، لم تغب صعدة التي اختارها المحتجّون عنواناً لجمعتهم بعد جمعة «الوفاء للجنوب» عن المشهد، وخرجت مسيرات حاشدة ندّدت بمجازر النظام، مؤكدة أنه «كلما طال الوقت وارتكب النظام المجازر الدموية بحق المعتصمين سلمياً، ازدادت الجماهير قوةً وإصراراً على مواصلة هذا النضال السلمي المقدس». في هذه الأثناء، أجمع المتظاهرون المناهضون لصالح، في مختلف المحافظات، على الإشادة بانسحاب قطر من المبادرة الخليجية، وعدّوه «موقفاً داعماً للثورة اليمنية»، داعين دول الخليج إلى موقف مشابه.
وأكد المحتجون أن المبادرة الخليجية «مؤامرة وليست مبادرة»، فيما سجّل في ساحات الاعتصام تصعيد من قبل المحتجين في شعاراتهم ضد دول الخليج، واتهموها بأنها من خلال مبادرتها «أعطت فرصة لصالح لكسب الوقت» و«بثّ الشرذمة بين المتظاهرين».
من جهتها، سارعت المعارضة اليمنية إلى الرد على ما عدّته «إعلان حرب» من الرئيس اليمني، بعدما أكد أن الجيش والشعب لن يقفا «مكتوفي الأيدي» أمام المعارضة.
وأكد المتحدث باسم المعارضة، محمد قحطان، أن خطاب الرئيس اليمني الذي أكد فيه أن الجيش والشعب لن يقفا «مكتوفي الأيدي» أمام المعارضة، هو«إعلان حرب»، لكن المعارضة متمسّكة بسلمية تحركاتها.
وأضاف أن المبادرة الخليجية لحلّ الأزمة في اليمن «في حكم الميتة، وقطر أصدرت بالأمس شهادة الوفاة، والشهادة لا تصنع الوفاة بل تبلغ عنها»، في إشارة الى انسحاب قطر من المبادرة الخليجية.
وكان الرئيس اليمني الذي بات يقلّ من خطبه بعد أن اعتاد الظهور يومياً، قد صعّد أمس من لهجته التحريضية ضد المحتجين.
ودعا صالح الشعب اليمني إلى «ألا يقف مكتوف الأيدي أمام تلك الأعمال التي يقوم بها المشترك، وأن يواجه التحدي بتحدّ في كل المدن والقرى».
كذلك حذر صالح أحزاب «اللقاء المشترك» من «اللعب بالنار»، قائلاً «كفاكم يا أحزاب المشترك لعباً بالنار، وقد قمتم الأربعاء الماضي بمحاولة الاستيلاء على مقر الحكومة والإذاعة والمدينة الرياضية من أجل أن تحققوا أهدافاً غير مشروعة، ونؤكد لكم أن الشعب سيردّ رداً قاسياً على أعمالكم».
وأضاف «ما بنيناه في 32 عاماً يريد المشترك ومن وراءه من المتآمرين أن يخربوه في 3 أشهر، لكننا نقول لهم إن ذلك أبعد عليهم من عين الشمس، وإذا كانوا يريدون السلطة فعبر صناديق الانتخابات».
وبعدما اتهم الرئيس اليمني أحزاب المشترك بأنهم «قطاع طرق وقاتلو النفس المحرمة»، جدّد دعوته لأحزاب المشترك «اللجوء إلى الحوار لحل كل ما يتعلق بالحكم تحت أي مظلة وفي أي مكان». ودعا إلى «تحكيم العقل والمنطق في التعامل مع قضايا الوطن».
وفيما أبدى المؤتمر الشعبي العام «ترحيباً حاراً» بقرار قطر الانسحاب من المبادرة الخليجية، واتهمها بـ«التآمر» في الأحداث التي يشهدها اليمن، انضمت ألمانيا أمس إلى الدول الغربية الداعية إلى توقيع اتفاق نقل السلطة، بعدما سبقتها إلى ذلك كل من الولايات المتحدة وفرنسا.
وجاءت دعوة نائب وزير الخارجية الألماني فيرنر هوير، أمس، لصالح للمساعدة «في انتقال سياسي منظّم دون تأجيل»، في وقت يتوقع فيه اليوم وصول الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، إلى اليمن للدفع باتجاه إعادة تفعيل المبادرة، وبالتزامن مع إعلان المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أنها حصلت على موافقة السلطات اليمنية لإرسال بعثة لتقويم أعمال العنف التي تخللت التظاهرات الأخيرة ضد النظام في اليمن.
إلى ذلك، قتل خمسة جنود يمنيين في محافظة مأرب شرقي صنعاء، في كمين استهدف آلية عسكرية، ويشتبه في أن عناصر من القاعدة خلفه، فيما قتل ضابط وعنصران من الأمن المركزي في شبوة برصاص مسلحين قبليين.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)