طغت الأنباء عن «الأوامر الرئاسية الحاسمة والجازمة بعدم إطلاق النار» على تظاهرات «جمعة الحرائر» التي عمّت الكثير من المناطق السورية، ولم يُسجّل فيها، بحسب ما يفيد الناشطون، غير سقوط قتيل واحد في مدينة حمص، التي شهدت التظاهرة الكبرى، فيما استمرت الضغوط الدوليّة، وسط تقرير للأمم المتحدة عن سقوط 850 قتيلاً خلال أيام الاحتجاجاترغم الأنباء عن العديد من التظاهرات في الكثير من المدن السورية في «جمعة الحرائر» أمس، كان اللافت عدم ورود أنباء عن سقوط العديد من القتلى على غرار أيام الجمع السابقة، وذلك بعد إعلان المعارض السوري لؤي حسين، لوكالة «فرانس برس»، أن الرئيس بشار الأسد أصدر «أوامر حاسمة وجازمة» بعدم إطلاق النار على المتظاهرين، فيما أعلنت دمشق «حواراً وطنياً» في جميع أنحاء البلاد.
وذكر حسين أن المستشارة السياسة والإعلامية للرئيس السوري، بثينة شعبان، «أخبرتني خلال لقاء جمعنا أن الرئيس السوري أصدر أوامر حاسمة وجازمة بعدم إطلاق النار على المتظاهرين». ونقل حسين عن شعبان «أنّ مطلقي النار سيحاسبون على فعلتهم». وأشار إلى أن «الرئيس كان قد أصدر قراراً بهذا الشأن منذ 6 أسابيع، لكن من المهم التذكير بهذا القرار من جديد، بحيث يكون من أطلق النار مخطئاً وتجب محاسبته لتجاوزه هذا القرار».
ولفت حسين إلى أن اللقاء الذي جمعه مع شعبان تناول «سبل الانتقال من الحل الأمني إلى الحلّ السياسي، والمحاور التي طرحت تصبّ في أمن الشارع وإنهاء العنف فيه». وأضاف أن «الأوان لا يزال متاحاً للانتقال من الحل الأمني الى السياسي». لكنه أشار الى أنه «سيكون من الصعب الوصول الى حل سياسي، إن لم تكن هناك معطيات جديدة ميدانياً تحقق شيئاً إيجابياً».
في هذا الوقت، أعلن وزير الإعلام السوري عدنان محمود أن سوريا ستشهد «خلال الأيام المقبلة حواراً وطنياً شاملاً في كل المحافظات السورية». وقال، في مؤتمر صحافي عقده في مقر مجلس الوزراء إن الرئيس السوري بشار الأسد «التقى فاعليات شعبية من مختلف المحافظات السورية واستمع الى رأيهم ومطالبهم ورؤيتهم لما يحدث في سوريا في الوقت الراهن». وأكد أن الحكومة السورية «تعكف على تنفيذ برنامج الإصلاح الشامل سياسياً واجتماعياً واقتصادياً لخدمة المجتمع السوري»، مشدّداً على «تلازم الأمن والاستقرار مع الإصلاح».
وأعلن محمود أن الجيش السوري «باشر الخروج التدريجي» من بانياس (شمال غرب) ومنطقتها، واستكمل خروجه من درعا وريفها في جنوب البلاد. وقال «بعد الاطمئنان إلى استعادة الأمن والهدوء والاستقرار، باشرت وحدات الجيش الخروج التدريجي من بانياس وريفها، واستكملت الوحدات المنتشرة في درعا وريفها خروجها التدريجي للعودة إلى معسكراتها الأساسية». وأضاف أن «الحياة الطبيعية بدأت تعود الى هذه المناطق ويمارس المواطنون حياتهم الاعتيادية». وكشف أن هذه العملية كلفت «98 شهيداً من الجيش والقوى الأمنية من ضباط وصف ضباط وجنود، و1040 جريحاً، فيما استشهد 22 وجرح 451 من عناصر الشرطة».
وذكرت تقارير إعلامية أمس أن العديد من المدن السورية شهدت تظاهرات في «جمعة حرائر سوريا». وقالت وكالة «يو بي آي» «إن 3000 متظاهر خرجوا في مدينة القامشلي وفي بلدتي عامودا ورأس العين في محافظة الحسكة، وفي البوكمال بمحافظة دير الزور، وعين العرب في محافظة حلب، وعدة مناطق في حمص وحماة واللاذقية ودمشق وبانياس ودرعا».
وأضافت «سُمع إطلاق نار في شارع الستين وحي باب السباع في حمص، وخرج آلاف المتظاهرين في حماة من عدة مساجد باتجاه ساحة العاصي، ومئات المتظاهرين في منطقة الرمل الفلسطيني في اللاذقية، ونحو 3000 متظاهر في بلدة الرستن (حمص) نادوا بإسقاط النظام ونصرة بانياس وفك الحصار عن درعا». وأضافت أن تظاهرة «خرجت من مسجد أبو بكر الصديق في بانياس، وفرّقتها قوات الأمن التي فاق عددها ضعف عدد المتظاهرين». وأشارت إلى أن تظاهرات «خرجت أيضاً في قرى جاسم ونوى وخربة غزالة والحارة بمحافظة درعا، وشهدت العاصمة دمشق عدة تظاهرات، إحداها خرجت من جامع أبو أيوب الأنصاري في حي الزاهرة، وثانية في برزة وأخرى في الميدان خرجت من جامع الحسن وفرقتها قوات الأمن، وتظاهرة في حي الشيخ محيي الدين، كذلك خرجت تظاهرة حاشدة في قطنا وتظاهرة أخرى في منطقة الضمير في ريف دمشق».
أما وكالة «فرانس برس» فذكرت أنّ قوات الأمن أطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفريق آلاف المتظاهرين الذين تجمعوا في درعا. وتحدثت عن «سقوط قتيل في حمص حين أطلقت قوات الأمن النار لتفريق إحدى التظاهرات». وأوضحت «أن القتيل يدعى فؤاد رجب وعمره 40 عاماً. وأصيب برصاصة في الرأس».
غير أنّ مصدراً حقوقياً سورياً معارضاً أعلن أن حصيلة ضحايا التظاهرات التي شهدتها مدن سورية أمس وصلت إلى ستة قتلى حتى الآن وهو ما أكّدته الناشطة على صعيد حقوق الإنسان، رزان زيتونة. وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»، إن «ثلاثة من الضحايا سقطوا في مدينة حمص، واثنين في حي القابون بدمشق، وسيدة في قرية الحارة بريف درعا». وأضاف المصدر أن «الأجهزة الأمنية نفّذت حملة اعتقالات في بلدة عفرين بمحافظة حلب وبلدة داريا في ريف دمشق وفي مناطق أخرى شهدت تظاهرات». وليلاً، أفاد ناشط حقوقي بأن القوات السورية أطلقت النار على تظاهرة مسائية في مدينة الميادين في شرق البلاد، متحدثاً عن إصابة أربعة أشخاص
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية الأوسترالي، كيفن راد، أن بلاده ستشدد عقوباتها على سوريا، مندّداً بالقمع العنيف الذي تمارسه دمشق بحق التظاهرات الشعبية الجارية في هذا البلد. وقال، في بيان، إن «أوستراليا تدعو السلطات السورية الى وضع حد فوري لأعمال العنف بحق المدنيين، وسحب الجيش من شوارع درعا وحمص وغيرها من المدن». وأكد أن الحكومة ستشدد عقوباتها المالية على أبرز شخصيات نظام الرئيس بشار الأسد، المسؤول على قمع التظاهرات من أجل الديموقراطية بعنف.
وفي لندن، أعلن متحدّث باسم وزارة الخارجية البريطانية أن المدير السياسي للوزارة جيفري آدمز استدعى السفير السوري سامي الخيمي للتعبير عن قلق المملكة المتحدة حيال الوضع الراهن في بلاده. وقال المتحدث إن آدمز أبلغ السفير الخيمي «أن المملكة المتحدة ستتخذ إجراءات إضافية تشمل فرض المزيد من العقوبات التي تستهدف أعلى مستويات النظام، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول، ما لم توقف الحكومة السورية قتل المتظاهرين وتفرج عن السجناء السياسيين».



الأمم المتحدة: 850 قتيلاً

أعربت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أمس، عن «قلقها العميق» من المعلومات التي أوردتها المنظّمات غير الحكومية، ومفادها أن ما بين 700 و850 متظاهراً قتلوا في سوريا منذ آذار، ودعت دمشق إلى الكف عن محاولاتها «كمّ أفواه المعارضين».
وأوضح الناطق باسم المفوضية، روبرت كولفيل، أن «تقارير المنظمات غير الحكومية تثير قلقاً شديداً، ونحضّ الحكومة على التحلّي بالمزيد من ضبط النفس ووقف اللجوء الى القوة والاعتقالات الكثيفة الهادفة الى كم أفواه المعارضين». وأضاف إن الأمم المتحدة لا تستطيع التحقق من الحصيلة التي تقدمها المنظمات غير الحكومية، لكن هذه الأرقام مدعومة بلوائح مفصّلة. وأضاف «لا نعتقد أن تلك الأرقام خيالية».
وأعلن المتحدث أن مكتب المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي لا يزال يتفاوض مع السلطات السورية للحصول على إذن بإرسال بعثة تحقيق في الأحداث الأخيرة، ودعا الى ذلك مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة في 29 نيسان.
وأضاف «إننا في صدد الإعداد لهذه البعثة على مستوى رفيع، وستقودها مساعدة المفوضة العليا لحقوق الإنسان كيونغ وها كانغ»، موضحاً أن الوفد سيتوجّه الى سوريا فور الحصول على الموافقة.
(رويترز)