عمّ الحداد المدن والمخيمات الفلسطينية على الشهداء الذين سقطوا في الذكرى الثالثة والستين ليوم النكبة أول من أمس، في وقت سارعت فيه إسرائيل إلى دفع المسؤولية عن نفسها بتقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ضد لبنان وسوريالم تنته ارتدادات يوم النكبة مع انفضاض الجموع في الضفة الغربية وقطاع غزة ومجدل شمس ومارون الراس، فهذه المناطق لا تزال تعيش على وقع المواجهات التي أدت إلى سقوط عشرات الشهداء والعديد من الجرحى، وسط تساؤلات عمّا يمكن أن تمثّله الأحداث من منعطف، واحتمال تحوّلها إلى مدخل لمواجهة مباشرة، ولا سيما في المناطق التي كانت تشهد هدوءاً ملحوظاً، وبالتحديد في منطقة الجولان.
الارتدادات بدأت بتشييع الشهداء في لبنان والجولان، فيما عمّ الحداد الأراضي الفلسطينية، وسط تنديد بما قامت به سلطات الاحتلال، التي سارعت إلى تقديم شكوى إلى الأم المتحدة ضد لبنان وسوريا.
وساد الحداد الأراضي الفلسطينية، وسط مسيرات تشييع رمزية لأرواح الشهداء الذين سقطوا في لبنان والجولان وقطاع غزة، فيما نُكّست الأعلام الفلسطينية فوق الوزارات والمقارّ الرسمية، في وقت قام فيه الجيش الإسرائيلي بتمديد الطوق الأمني على الأراضي الفلسطينية لمدة 24 ساعة.
كذلك شيع الفلسطينيون في لبنان عدداً من الشهداء الذين سقطوا أول من أمس، وسط أجواء من الحزن والحداد والغضب.
وفي سوريا، شُيع في محافظة القنيطرة الشهداء الأربعة الذين سقطوا أول من أمس. وذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا»، أن الشهداء هم: عبادة الزغموت وبشار علي الشهابي وجهاد موعد وقيس أبو الهيجا.
أما في مجدل شمس، حيث قطع الشبان الفلسطينيون السياج الشائك، فقد وضع جيش الاحتلال شريطاً جديداً، ونصب أعمدة حديدية كما مشّط المنطقة التي كانت مليئة بالحجارة. وشهدت المنطقة أمس تسيير دوريات من الجيش والشرطة الإسرائيليين في البلد، حيث رفع الشبان العلم الفلسطيني على نصب الشهداء في ساحة سلطان باشا الأطرش، لكن الشرطة أنزلته.
وقدمت البعثة الإسرائيلية في الأمم المتحدة، أمس، شكوى إلى المنظمة الدولية ضد حكومتي سوريا ولبنان في أعقاب الأحداث التي وقعت في هضبة الجولان وقرية مارون الراس. وقالت، في الشكوى، إنها حذرت مسبقاً من أحداث خلال إحياء ذكرى النكبة عند حدودها، وإن «سوريا ولبنان لم يفعلا شيئاً من أجل منع العنف وخرق سيادة إسرائيل واختراق حدودها». وادّعت إسرائيل في الشكوى أن «قوات الجيش الإسرائيلي تصرفت من خلال ضبط النفس» خلال هذه الأحداث.
في هذا الوقت، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، إن الاحتلال أسوأ ما يمكن أن يعانيه شعب من الشعوب. وأضاف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيطالي جورج ليو نابوليتانو في مدينة بيت لحم، إن «الاستيطان الإسرائيلي يعمّق الاحتلال، ومن العبث الحديث عن السلام مع استمرار الاستيطان».
بدوره، رأى رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية، أمس، أن ما جرى في ذكرى النكبة من توحّد الفلسطينيين هو تطبيق عملي لاتفاق المصالحة الفلسطينية. وقال، في كلمة له خلال حفل تسليم مراكب لعدد من الصيادين في غزة، «بالأمس غابت الانتماءات السياسية ورفع العلم، ورأينا كل أهلنا في بيت حانون وحاجز قلنديا في منظر يعيد إلينا مجدداً أن الشعوب العربية مهيأة لاستئناف الانتفاضة الشعبية الشاملة». وشدد على أن هذا «المشهد الوحدوي» سينعكس إيجاباً على جلسات الحوار التي تلتئم في القاهرة للبحث في تسمية رئيس الحكومة المقبلة. ورأى أن ما جرى «يدلل على أن إحياء الذكرى يبعث الروح الجديدة».
وفي ردود الفعل، اتهم البيت الابيض الحكومة السورية بالتحريض على الاشتباكات، قائلاً إن دمشق تحاول صرف الانتباه عن قمعها العنيف للمحتجين. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني «يبدو واضحاً لنا أن هذا محاولة لصرف الانتباه عن تعبير الشعب السوري المشروع عن احتجاجه وعن قمع الحكومة السورية القاسي لشعبها». وعبّر عن الأسف لفقدان أرواح في الاشتباكات، لكنه قال إن لإسرائيل «الحق في منع عبور حدودها دون تصريح». وأضاف «نحن نحث كل الأطراف على توخي أقصى درجات ضبط النفس».
وأعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه لمقتل فلسطينيين وللمصابين الذين سقطوا في المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وقطاع غزة والحدود السورية اللبنانية. وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الإنسانية، كرستيلا جورجيفا، «أُعبّر عن عمق أسفي للفلسطينيين الذين قتلوا وأصيبوا بالأمس»، مضيفةً «إن كل شخص يحق له أن يعيش حياة كريمة، وهذا يعني أنّه يحق لغزة أن تنعم بحرية الحركة للأفراد والبضائع».
كذلك أدانت منظمة المؤتمر الإسلامي الاعتداء الإسرائيلي على المتظاهرين في ذكرى النكبة. وأوضح الأمين العام للمنظمة، أكمل الدين إحسان أوغلي، في بيان له، أنّ «مهاجمة المتظاهرين المدنيين العزل تمثّل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، ولا سيما أن الاعتداء على المتظاهرين جرى داخل الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية». وأشار إلى أن «التظاهرات السلمية جاءت للتذكير بالظلم الواقع على شعب فلسطين منذ أكثر من ثلاث وستين سنة».
(الأخبار، أ ف ب، سانا، رويترز، يو بي آي)