نفت واشنطن، أمس، تقرير صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية التي أعلنت أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيعلن في خطابه اليوم تأييده لانسحاب إسرائيلي إلى حدود عام 1967 وتقسيم القدس. وقال الناطق باسم البيت الأبيض، جي كارني، إن «هذه الأنباء كاذبة ولم نطلع أي شخص من خارج الإدارة الأميركية على مسودة الخطاب».
ولفت كارني إلى أن أوباما «يرى فرصة لأخذ مسافة وتقويم ما شهدناه جميعاً من تغيير تاريخي (في العالم العربي)»، مضيفاً أنه «سيتناول بنحو خاص أفضل السبل لمساعدة هذا التغيير الايجابي مع التركيز على مبادئنا الجوهرية، أي اللاعنف ودعم حقوق الإنسان والصلاح السياسي والاقتصادي». وقال إن الخطاب سيمثّل «حدثاً» وسيتضمن «أفكاراً جديدة محددة» حول السياسة الأميركية الجديدة إزاء المنطقة.
وبعد الحديث عن عدم رضى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطاب أوباما، أكد السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل أورن، أن الخطاب «لن يقيّد نتنياهو من الناحية السياسية». وقال لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن «خطاب أوباما لا يهدف إلى تطويق نتنياهو أو تكبيله»، إذ سيتناول بالأساس التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، لافتاً إلى أنه «سيخصص قسماً صغيراً منه للصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني».
وأضاف أورن أن «الولايات المتحدة عملت وتعمل على منع إعلان فلسطيني أحادي الجانب عن إقامة دولة فلسطينية في أيلول (المقبل)»، نافياً أن يكون رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب عميدرور قد بحث خلال لقاءات مع مسؤولين في الإدارة الأميركية إمكانية أن يتضمن خطاب أوباما مطالبة إسرائيل بالانسحاب إلى حدود عام 1967، مع تعديلات معيّنة على الحدود، وقيام عاصمتين لإسرائيل وفلسطين في القدس. كذلك نفى حدوث مواجهة بين البيت الأبيض ومكتب نتنياهو حول توقيت خطاب أوباما، الذي يسبق خطاب نتنياهو أمام الكونغرس (الاثنين المقبل)، وقال إن توقيت خطاب الرئيس الأميركي سببه جدول أعماله فقط.
وكان أوباما قد أعلن خلال لقائه الملك الأردني عبد الله الثاني مساء أول من أمس، أن الاضطرابات السياسية التي تجتاح العالم العربي جعلت «من الضروري أكثر من أي وقت مضى» العمل من أجل تنشيط جهود السلام الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية. وتعهد بمواصلة السعي من أجل اقرار حل الدولتين للصراع رغم فشله حتى الآن في الخروج من الطريق المسدود وضعف احتمالات تجدد مساعي السلام.
وقال أوباما للصحافيين «رغم التغييرات العديدة، أو ربما بسبب العديد من التغييرات التي تحصل في المنطقة، من الحيوي أكثر من أي وقت مضى إعادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة، وبدء التفاوض».
وفي السياق، قال عضو مجلس العلاقات الخارجية، ستيفن كوك، إن «المقياس الذي ينظر من خلاله عدد كبير من العرب إلى الولايات المتحدة، هو ما نقوم به في النزاع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي»، مضيفاً «لا أعتقد أن هناك فرصة كبيرة فعلاً هنا لاتخاذ منحى مختلف يمكن أن يحقق نجاحاً».
إلى ذلك، برز موقف إسرائيلي متشدد تمثل في دعوة مجموعة من الحاخامات اليهود أوباما إلى تصفية ما يسمى «إقامة دولة فلسطينية»، على غرار تصفية زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن. وذكرت القناة السابعة الإسرائيلية أن رئيس مجمع الحاخامات الياهو عذرا بعث رسالة خطية عليها توقيع 350 حاخاماً إلى البيت الأبيض، يطالبون فيها بالقضاء على أي مساع من أجل إقامة دولة للفلسطينيين. وأضافت أن الحاخام بدأ رسالته بتهنئة أوباما على قتل بن لادن، وقد حان الوقت لتصفية فكرة إقامة دولة فلسطينية، لأن من يدعون إلى تحقيقها أعلنوا الحداد في أعقاب مقتل بن لادن، كما استنكروا هذه الخطوة التي أقدمت عليها الإدارة الأميركية.
في هذا الوقت، جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقائه نائب وزيرة الخارجية الأميركية جايمس ستاينبرغ، ومساعدها لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان، بحضور القنصل الأميركي العام في مدينة القدس دانييل روبنستين، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، إعلانه أن الجانب الفلسطيني مستعد للعودة إلى المفاوضات فور التزام إسرائيل تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها وفق الاتفاقيات الدولية، وخصوصاً خريطة الطريق، عازياً تعثر عملية السلام إلى رفض الحكومة الإسرائيلية وقف الاستيطان، وتحديد مرجعية واضحة لعملية السلام.
وأطلع عباس الوفد على آخر المستجدات المتعلقة بملف المصالحة الفلسطينية، والجهود المبذولة لتأليف حكومة كفاءات «تكنوقراط»، مهمتها إعادة إعمار قطاع غزة والإعداد للانتخابات المقبلة. وأشار إلى أن برنامج الحكومة سيكون برنامجه «برنامج منظمة التحرير الفلسطينية»، مؤكداً التزام الجانب الفلسطيني بعملية السلام.
(أ ف ب، يو بي آي، سما)