تراجعت أمس وتيرة الاحتجاجات التي شهدها عدد من المدن السورية، خلال الأيام الماضية، فيما لا تزال ضاحية سقبا وحمص تعيشان تداعيات تظاهرات «جمعة الحرية»، مع تشييع المزيد من الضحاياشيعت مدينة حمص وضاحية سقبا المحتجّين الذين سقطوا أول من أمس، فيما جددت السلطات السورية اتهامها لـ«مجموعات إرهابية» بالمسؤولية عن أعمال العنف في البلاد التي يتوقع أن يوسّع الاتحاد الأوروبي نطاق عقوباته على سوريا لتشمل الرئيس بشار الأسد.

وذكرت وكالة «فرنس برس» أن أكثر من عشرة آلاف شخص شاركوا في تشييع جنازة شخص قتل في ضاحية سقبا في ريف دمشق، وأطلقوا هتافات تدعو الى إسقاط النظام، من دون أن تتدخل قوات الأمن. وأوضحت أن المشيّعين رددوا أثناء خروجهم من الجامع الكبير في سقبا هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام».
بدورها، شيعت حمص خمسة قتلى سقطوا أول من أمس برصاص قوات الأمن لدى مشاركتهم في تشييع 13 شخصاً قتلوا يوم الجمعة الماضي. وبث الموقع الإلكتروني «يوتيوب» شريطاً مصوراً لتظاهرة شارك فيها المئات، مشيراً إلى أنها جرت في مدينة حمص، فيما تحدث رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، عمار القربي، عن تعرض المشيعين لإطلاق نار. وأشار إلى محاصرة السلطات الأمنية «للمنطقة الممتدة من تل النصر الى ساحة العباسية»، في وقت تحدث فيه عن «حصول اعتقالات في حمص وخاصة في منطقتي باب عمرو وباب السباع، وفي منطقة إدلب وخاصة في مدن أريحا وبنش ومعرّة النعمان وكفرنبل».
من جهته، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى اعتقال العشرات أمس في قرية خربة غزالة (ريف درعا) حيث فرض حظر التجول. ونقلت وكالة «فرنس برس» عن أحد الناشطين تعليقه على سقوط ضحايا إضافيين بالقول إن «الشارع السوري وإن كان لا يشارك بالكامل في التظاهر، إلا أنه مستاء من الوضع»، لافتاً «إلى أن الناس يتساءلون الآن عن وجهة الطريق التي تأخذها البلاد وعن كيفية الوصول إلى بر الأمان».
من جهته، أعلن المعارض السوري، وليد البني أن الرئيس الأسد لا يزال بإمكانه أن «يحاول تبرئة نفسه بأن يفعل ما فعله قليل من زعماء أوروبا الشرقية، وهو أن يقود التحول مباشرة إلى الديموقراطية وأن يدخل انتخابات حرة إذا شاء».
في المقابل، جدد الإعلام الرسمي تأكيده وجود «مجموعات إرهابية مسلحة» تقوم «بزعزعة استقرار المواطن وأمنه وتحدث أعمال شغب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر في وزارة الداخلية قوله إن شرطياً قتل «بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل عصابة إرهابية مسلحة في سقبا»، فيما نقلت صحيفة «تشرين» الحكومية عن مصدر في وزارة الداخلية قوله «إن خمسة من عناصر الشرطة أصيبوا بجروح ليلة الجمعة في محافظة إدلب جراء اعتداء مسلح عليهم من مجموعة إرهابية مسلحة».
وكانت «سانا» قد أوضحت أن 17 شخصاً بين مدنيين ورجال شرطة وقوات أمن قتلوا الجمعة بعدما «استغلت بعض المجموعات التخريبية المسلحة خروج التجمعات المتفرقة لمتظاهرين، وأقدمت هذه المجموعات المسلحة على إطلاق النار على عناصر الشرطة وتخريب بعض الممتلكات العامة والخاصة وحرقها وبعض الوحدات الشرطية في عدد من المناطق».
وانعكس تضارب روايات المحتجّين السوريين وروايات السلطة، بشأن هوية مطلقي النار والقتلى، تناقضاً في أعداد القتلى الذين سقطوا جراء الاحتجاجات.
وبينما أشارت «سانا» إلى أن «عدد شهداء قوى الأمن الداخلي وصل الى 32 شهيداً، فيما ارتفع عدد الجرحى الى 547»، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «حصيلة القتلى وصلت الى 1003 قتلى، هم 863 مدنياً و140 من رجال الأمن والجيش». ولفت المرصد إلى أن «عدد المعتقلين يفوق 10 آلاف شخص في جميع المحافظات السورية».
وفي السياق، أعلن رئيس المركز السوري للدفاع عن المعتقلين وعن حرية التعبير المحامي خليل معتوق، أن السلطات السورية أفرجت عن الناشط أنور البني الذي اعتقل في أيار 2006 مع تسعة معارضين آخرين بعد توقيع إعلان «بيروت ـــــ دمشق، دمشق ـــــ بيروت، بعدما أنهى مدة الحكم الصادر بحقه بتهمة نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة».
من جهةٍ ثانية، بث التلفزيون السوري أول من أمس لقاءً مع أحمد بياسه «فند فيه ما بثته وادّعته بعض القنوات الفضائية التحريضية من أنه توفي بعد اعتقاله من قبل قوات الأمن السورية». ووفقاً لـ«سانا»، قال بياسه «إنني استغربت كثيراً من هذا الخبر وممن بعثه، متسائلاً كيف يبثون خبراً كاذباً ومهيناً عن وفاتي على الرغم من أن أحداً لم يعتقلني أو يستدعني وأنا أمارس حياتي الطبيعية».
ويأتي ظهور بياسه بعد أيام من إبداء منظمات حقوقية مخاوف على حياته بعدما أدلى بشهادة مصوّرة عن التعذيب والإهانات التي حصلت لدى اقتحام قوات الأمن السورية قرية البيضا الشهر الماضي.
في غضون ذلك، جددت تركيا أول من أمس على لسان وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو، التأكيد أنه لا يزال بإمكان سوريا حل الأزمة الخطيرة التي تمر بها سلمياً إذا ما أطلقت «إصلاحات عميقة وواسعة النطاق وفقاً لوتيرة وحجم ينشدهما الشعب». لكنه حذر، في مقابلة مع تلفزيون «ان تي في»، من أن «الوقت يضيق»، مشيراً إلى أنه في حال استمرار النظام «في الطريقة التي تكمن في استدعاء قوات الأمن لقمع الاحتجاجات من دون إدخال إصلاحات ملموسة، فقد تحصل عواقب سلبية جداً ستحزننا جميعاً».
ويأتي تحذير داود أوغلو في وقتٍ كشف فيه محافظ هاتاي الحدودية مع سوريا، جلال الدين لكسيز، لوكالة «أنباء الأناضول» عن لجوء 11 مواطناً سورياً، بينهم سبعة جرحى إلى تركيا.
من جهتها، أعربت منظمة المؤتمر الإسلامي أمس «عن عميق قلقها لتفاقم العنف في سوريا» الذي أدى الى سقوط العديد من الضحايا المدنيين والعسكريين، محذرةً من أن «تواصل العنف واستعمال القوة سيؤديان الى انفلات أمني وإلى خروج الأمور عن السيطرة، وسيعرضان أمن البلاد واستقرارها للمزيد من المخاطر». وبعدما دعت «قوات الأمن إلى ضبط النفس والامتناع عن استهداف المدنيين الأبرياء»، أكدت المنظمة «ضرورة تغليب المصلحة العليا للبلاد واستقرارها من خلال الحوار والإصلاحات التي وعدت بها القيادة السورية لضمان الأمن والاستقرار وتطلعات الشعب السوري في الديموقراطية والحكم الرشيد».
أما في الأردن، فقد دخل الملك الأردني، عبد الله الثاني أمس على خط الأزمة السورية، داعياً نظيره السوري إلى التحاور مع شعبه. وأوضح، في مقابلة مع شبكة التلفزة الأميركية «ايه بي سي»، أن الرئيس السوري «هو الذي يتسلم السلطة وأعتقد أن عليه أن يتوجه الى الشعب وأن يتحاور معه»، مشيراً إلى أنه تحدث «مع بشار الأسد مراراً لأعرف ما إذا كان بإمكان الأردن المساعدة في إعادة الاستقرار والهدوء الى سوريا».
وجاء الموقف الأردني بعد وقتٍ قصير من اعتبار حزب جبهة العمل الإسلامي أن ما يجري في سوريا من قمع للاحتجاجات الشعبية يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية. ورأى الحزب، في بيان تضامني مع الشعب السوري، أن «أي نظام حكم يحارب شعبه ويقتل المئات من المواطنين المدنيين ويوقع الجرحى وآلاف المعتقلين، عدا عن العقوبات الجماعية والمتمثلة في قطع الماء والكهرباء وإغلاق بعض القرى والمدن، يفقد مشروعيته، فلا حكم دون رضى الشعب».
وتزامن انتقاد الجبهة غير المسبوق للنظام السوري مع إطلاق كتّاب وصحافيين وإعلاميين أردنيّين حملة لمقاطعة حفل عشاء يقيمه السفير السوري في عمان بهجت سليمان لعدد من الكتاب والإعلاميين الأردنيين، احتجاجاً على قمع السلطات السورية التظاهرات الاحتجاجية في البلاد.
وقال الكاتب والصحافي محمد أبو رمان، الذي يقود الحملة، إن هدف مقاطعة العشاء، هو «إرسال رسالة سياسية وإعلامية أننا ككتّاب صحافيين وإعلاميين أردنيين نرفض قمع المدنيين الذي يجري في سوريا»، مضيفاً «لا أحد هنا يريد أن يأكل على مائدة مضرجة بدماء شهداء سوريا».
دولياً، من المنتظر أن يصادق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم اليوم على توسيع العقوبات الأوروبية على سوريا لتشمل على نحو مباشر الرئيس السوري بشار الأسد. ونقلت وكالة أنباء «آكي» الإيطالية عن المتحدث باسم الخارجية الإيطالية ماوريتسيو ماساري قوله أول من أمس إن «الاتحاد الأوروبي لديه النية لتوسيع قائمة الأفراد الخاضعين للعقوبات، بحيث تشمل عشرة ممثلين للنظام (السوري)، بمن فيهم الرئيس بشار الأسد». وقال إن هذه العقوبات ستتضمن حظر السفر، وفرض حظر على مبيعات الأسلحة وتجميد الأصول، مشيراً إلى أن هذه التدابير «قد بحثت على المستوى الدبلوماسي». وأشار إلى وجود « توافق في الآراء على المستوى التقني»، لكن «نظراً إلى أهمية هذا التدبير، فقد تركت الموافقة لقرار وزراء الخارجية».
(رويترز، أ ف ب، يو بي أي، أ ب، سانا)




«يديعوت»: الأسد مستعدّ للتفاوض مع إسرائيل

قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، إن الرئيس السوري بشار الأسد ،بعث خلال الأسابيع الأخيرة رسائل إلى الإدارة الأميركية، عبّر فيها عن استعداده لاستئناف محادثات السلام مع إسرائيل. ونقلت الصحيفة العبرية عن مصادر أميركية تأكيدها أنّ الأسد قال في هذه الرسائل إن 98 في المئة من المواضيع المختلف عليها بين سوريا وإسرائيل جرى الاتفاق عليها. وأضاف الأسد أنه سيقترح استئناف المحادثات مع إسرائيل بعدما تهدأ الأوضاع في بلاده. يُذكَر أنه خلال عام 2008، جرت محادثات غير مباشرة بين إسرائيل وسوريا بوساطة تركية، لكنها توقفت في أعقاب شنّ إسرائيل الحرب على غزة في نهاية العام نفسه. ومنذ تلك الفترة، يكرر المسؤولون السوريون والأتراك أنّ المفاوضات وصلت إلى مرحلة متقدمة من حيث الاتفاق على مجموعة من العناوين، إلا أن عدوان «الرصاص المصهور» على قطاع غزة حال دون التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.
ووفقاً لـ«يديعوت أحرونوت»، فإنّ نقاشاً يدور بين المسؤولين في الإدارة الأميركية بشأن صدق رسائل الأسد، وإنّ كلام الرئيس السوري للأميركيين أسهم في تليين مواقفهم تجاه الأحداث في سوريا، بدليل أن واشنطن لم تدعُ بعد إلى تغيير النظام السوري. وجاء في الصحيفة نفسها أنه «في الوقت الذي قررت فيه الولايات المتحدة قصف معاقل القذافي في ليبيا، إلا أنها فرضت عقوبات رمزية فقط على سوريا». وأضافت أن الأميركيين يعرفون أن بحوزة دمشق سلاحاً كيميائياً، مشيرة إلى أن التخوّف الكبير بالنسبة إلى الأميركيين هو أنه في حال سقوط النظام السوري وقيام نظام آخر جديد «أقل مسؤولية»، فإنه قد يستخدم السلاح الكيميائي أو يسلّمه إلى حزب الله أو إلى جماعات «إرهابية» أخرى. ولفتت الصحيفة إلى أنه «لهذا السبب، يُنظر إلى الأسد على أنه أفضل الشرور». وعن الموضوع نفسه، أوضحت «يديعوت» أنّ سوريا كانت أحد المواضيع التي بحثها الرئيس باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على انفراد، يوم الجمعة الماضي، حين رفض الطرفان الإفصاح عن مضمون المحادثات في هذا الخصوص.
(يو بي آي)



«من أجل سوريا والشعوب العربيّة»

وقّعت مجموعة من المثقفين والأكاديميين العرب، على بيان، يتعلق بالتطورات السورية، يؤيد الحراك الشعبي، ويحمّل النظام مسؤولية القمع والعنف، ويدعوه فيه إلى إقامة حوار وطني عاجل.
ومن بين ما جاء في البيان: «يؤلمنا أن تلجأ الحكومة السورية إلى تصعيد العنف ضد متظاهرين عزّل بذرائع لا يقبلها العقل لمجرد المطالبة بالإصلاح، واليوم يزج بالجيش العربي السوري في عمليات اقتحام غير مشرّفة. إن إقدام النظام السوري على مواجهة المطالبة بالديموقراطية والحرية بالعنف يكشف ضعف النظام وفشله في استيعاب دلالات الانتفاضات الشعبية في عالمنا العربي، وهو نهج بات محكوماً عليه بالفشل حالياً. أمام هذا النظام استحقاقات كبت الحريات في عالم سريع التغيير، وهو يواجه فشله كما هي حال أنظمة عربية أخرى في إدارة شؤون البلاد بحكمة ومسؤولية، وفي مواكبة تطلعات الشعوب إلى الحرية وإلى حياة كريمة. للأجيال الجديدة من الشباب تطلعات كبيرة تستحق التأييد والدعم، وهم يبتكرون أنماطاً حية من التنظيم والعمل الجماعي، وتمتلك هذه الأجيال وعياً قادراً على التمييز بين الدولة والسلطة التنفيذية، وهي ليست أسيرة التنظيمات السياسية القديمة التي استطاع النظام استيعابها وتحجيمها بوسائل عدة. إننا نرى أن المسؤولية عن الأزمة الحالية في سوريا تقع على عاتق حكومة البلاد والرئيس بشار الأسد، والنظام السوري وحده من يتحمل وزر الهوة بينه وبين الجماهير الواسعة من الشعب. نطالب النظام السوري بالتوقف فوراً عن حصار المدن والضواحي ودهمها، وعن استعمال العنف ضد المعارضة السلمية الديموقراطية، وبأن ينفذ دون تأخير وعوده بإطلاق سراح السجناء والموقوفين السياسيّين وإطلاق حريات التعبير والتظاهر والتنظيم السياسي، ونطالبه أيضاً برفع يد قوى الأمن السياسي عن حياة الناس وفسح المجال أمام وسائل الإعلام المختلفة. أمام النظام فرصة أخيرة لفتح حوار وطني عام حقيقي يشارك فيه ممثلون عن النظام وعن مختلف التيارات والجماعات المعارضة دون استثناء.
(الأخبار)