القاهرة | منذ قيام ثورة «25 يناير» حتى يومنا هذا، لا يمكن حصر عدد الأحزاب السياسية التي أُعلن تأسيسها، ولا المبادرات التي انطلقت لدفع عجلة الثورة. ورغم نبل نوايا أصحاب هذه المبادرات، تقول ضبابية الموقف العام إن كل هذا مجرد فوران سرعان ما يتلاشى لتعود الأمور الى ما كانت عليه. يوم الجمعة الماضية تجمّع عدد من أساتذة وخبراء العلوم السياسية والاستراتيجية في حديقة الأزهر لإعلان وثيقة استقلال مصر تحت عنوان «الإعلان المصري للعدل والحرية والإنسانية»، وذلك في ظل «التيار الرئيسي» المصري، الذي قال عنه رئيس الوزراء عصام شرف إنه «سيجيب عن عدة أسئلة، وسيخلق خط تماس بين الحكومة والشعب».
لم يقل شرف ما هي هذه الأسئلة؛ أسئلة الاقتصاد الذي يتداعى أو السياسة التي أصبحت بلا رؤية، أو الدين الذي أضحى يفتش عن مكاسب سياسية، لكنه فعل مثل الفقيه الذي شبّه الماء بعد الجهد بالماء، عندما حاول إيجاد وظيفة لهذا التيار في المجتمع المصري بقوله «سيجمعنا حول المعاني السامية». ولم يكتف شرف بهذا، بل أمعن في سرد مصطلحات وكلمات تصلح خطاباً أمام تجمع للمصريين في الخارج كقوله «هذا التيار سيجعل مصر تعود مرة أخرى دولة رائدة وقائدة».
وبالعودة الى وثيقة الاستقلال الخاصة بالتيار الرئيسي المصري، فإنها لا تختلف كثيراً عما قاله عصام شرف مثل إن «الشعب الحر هو المؤهل لأن يحكم، والشعب غير الحر غير مؤهل إلا لأن يُستعبَد». كلام يصلح لأي زمان ومكان وينطبق على أي دولة. ونص الوثيقة هو كالآتي: «أنا الموقع على هذا الإعلان، أعلن أنني إنسان حرّ مصري، أحيا بالعدل وللعدل وبالكرامة ولأنهض بمصر كي تنهض بي، وأرى أن الأكثر أهلية لا بد أن يتقدم الصفوف بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو السن».
وقد رأت أستاذة العلوم السياسية هبة رؤوف عزت، أحد أعضاء التيار، أنّ «الوثيقة محاولة للإمساك بالروح الموجودة لدى الكثيرين الآن، وليست لتحويل الحلم إلى مؤسسة، بل لتذكير الجميع بأنّ الأفكار لها قوة وتستطيع تحقيق الخير للجميع». ويتفق مع هذا الرأي المستشار السياسي لرئيس الوزراء، وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور معتز بالله عبدالفتاح بقوله « نحن نتحول حالياً إلى الديموقراطية»، واصفاً الفترة الماضية بأنّ «مصر كانت تعيش منذ ٦٠ عاماً بمنطق الزبونية السياسية».