بنيامين نتنياهو يعي جيداً أنَّ وقوفه أمام الكونغرس الأميركي، هو لحظة تاريخية، لكنَّها ليس بالضرورة مرضية للرئيس الأميركي باراك أوباما، وخصوصاً بعد خسارته الكونغرس بغالبية تاريخية قبل فترة وجيزة. لكنَّ نتنياهو، ولكسر هذا الجليد، افتتح «خطابه التاريخي» الذي لا يشتمل على جديد، بالتشديد على قوة الولايات المتحدة، وتأكيد قوة الرئيس أوباما، وسط تصفيق فاق تصفيق النواب العرب للديكتاتوريين. لكن هذا لم يمنع تسلل البعض ومقاطعة نتنياهو في «لحظته التاريخية».
تجاوز نتنياهو في خطابه تزوير الحقائق. هو الذي أبدى قلقه من الثورات العربية للولايات المتحدة، أيّدها في الخطاب. وهو الذي وصف فلسطيني الـ48 بأنهم خطر ديموغرافي، قال أمام الكونغرس إنهم «الوحيدون من بين العرب في الشرق الأوسط الذين يتمتعون بالديموقراطية». «خطاب الحياة» خاصته لا يفتح صفحة جديدة، ولا يطوي أخرى قديمة. إنه نتنياهو الذي غيّر صياغة خطاب بار ايلان منذ عام 2009، وترجمه بصياغة إنكليزية.
بدأ نتنياهو خطابه بطريقته المعهودة، وهي وضع الدولة العبرية على المحور الأميركي في حربها على «الإرهاب». فبعد ردّه، الذي وصف بـ«المتهور» على خطاب أوباما، بدأ نتنياهو خطابه بامتداح الرئيس الأميركي. نتنياهو يعي جيداً أنَّ توتير العلاقات مع الولايات مع المتحدة سيجعله الخاسر الأكبر في الحياة السياسية، كما خسر إسحاق شامير في عام 1992، عاد وكرّر قيمة هذه العلاقة، مشدداً على أن «ليس لإسرائيل صديقة أفضل من أميركا، ولا لأميركا صديقة أكثر من إسرائيل».
نتنياهو عاد وشدّد على أن إسرائيل ليست دولة كولونيالية: «نحن لسنا البريطانيين في الهند، ولسنا البلجيكيين في الكونغو، نحن لسنا محتلين غرباء. هذه أرض آبائنا، أرض إسرائيل»، مضيفاً أن «أي تزوير تاريخي يستطيع إنكار 4 آلاف سنة علاقة بين الشعب اليهودي وبين الأرض اليهودية». ثم عاد واتهم الفلسطينيين برفض مبادرة السلام، وقال «حتى الآن، الفلسطينيون لم يوافقوا على قبول دولة فلسطينية، إذا كان هذا يعني قبول دولة يهودية إلى جانبها. الصراع بيننا لم يكن حول اقامة دولة فلسطينية، بل كان دائماً حول قيام دولة يهودية»، محولاً الكرة إلى الملعب الفلسطيني: «هم لا يريدون، ببساطة لا يريدون إنهاء الصراع. أنا وقفت قبالة شعبي وقلت إنني أقبل دولة فلسطينية. وآن الأوان ليقف الرئيس الفلسطيني ابو مازن قبالة شعبه ويقول: إني مستعد لقبول دولة يهودية». وتابع بالقول إن «هذه الكلمات الست ستغير وجه التاريخ. هذه الكلمات الست ستقنع الشعب في إسرائيل بأن لديهم شريكاً حقيقياً للسلام، ومع شريك كهذا، على الفلسطينيين أن يكونوا مستعدّين للتنازلات. أنا مستعد لتنازل كبير جداً».
وأكّد نتنياهو أن الأمر لن يكون مثل العودة الى ما قبل حدود الرابع من حزيران 1967. «سنكون كرماء بما يتعلق بحجم فلسطين المستقبلية، لكن لن نعود الى حدود 1967، حدود لا يمكن الدفاع عنها. القدس لن تقسم أبداً، وعلى القدس أن تكون العاصمة الموحدة لدولة إسرائيل». وكرّر أن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين ستكون خارج حدود دولة إسرائيل. نتنياهو أشار الى أن «650 الف اسرائيلي يعيشون ما بعد الخط الأخضر، وأطراف القدس. في كل اتفاق واقعي عليهم أن يكونوا مشمولين ضمن الحدود النهائية لدولة إسرائيل، مكانة المستوطنات تحدد فقط من خلال المفاوضات. لكن في كل اتفاقية سلام حقيقية وواقعية تضع حدّاً للصراع، ستكون هناك مستوطنات خارج حدود إسرائيل».
وذكر الانسحاب من غزة وجنوب لبنان: «تلقينا 12 ألف صاروخ على مدن إسرائيل من حزب الله وحماس. اذا أرادت اسرائيل مجرد الخروج من المناطق (المحتلة)، فسيكون هناك جريان اسلحة كبير، أسلحة الى دولة فلسطين، وستطلق صواريخ وستصل كل بيت في إسرائيل في اقل من دقيقة. هل ستكونون مستعدين للعيش بهذه الصورة؟ نحن لسنا مستعدين للعيش بهذه الصورة»، داعياً ابو مازن إلى «تمزيق الاتفاقية مع حماس».