أثار قرار رئاسة الجمهورية التونسية الصادر يوم الجمعة الماضي والقاضي بتمديد حالة الطورائ لشهرين تبدأ اليوم الاثنين، ردود فعل سياسية متباينة، لكنها لم تصل إلى حدود التحوّل إلى حراك سياسي معارض. وتزامناً مع توالي الردود، كان لافتاً ما يمكن وصفه بالتباين في مواقف «حركة النهضة» (المشاركة في الائتلاف الحكومي) إزاء قرار تمديد حالة الطوارئ المعلنة أساساً في الرابع من تموز الماضي، بعد ثمانية أيام على وقوع الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في تاريخ البلاد، وقد استهدف محافظة سوسة.

وبانتظار أن تحدد «حركة النهضة» موقفها الرسمي إزاء قرار تمديد «الطوارئ»، عكس موقف أمينها العام، النائب علي العريض، موافقة ضمنية، فيما كشف رئيس مجلس شورى الحركة، فتحي العيادي، أنه «لم تجرِ استشارة الحركة». ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن العريض قوله إن «حالة الطوارئ في الحالات العادية لا تكون لمدة شهر فقط، بل لأكثر من ذلك»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «الظروف التي اتخذ في ضوئها رئيس الجمهورية ومجلس الأمن القومي القرار، بعد استشارة الحكومة ورئيس مجلس النواب، لا تزال قائمة، بسبب وجود تهديدات إرهابية ضد تونس، ولوجود ضرورة لتكون للأمن وللجيش مرونة في التصرف والتحرك في هذه الحرب، ولتكون لهم تغطية بقانون حالة الطوارئ».
وأضاف: «وددنا ألّا تُعلَن حالة الطوارئ، لكن مقتضيات الأمن القومي تؤكد ذلك. لذلك أعتبر أن التمديد أمر طبيعي وعادي». وقد سبق تصريحه هذا إعلان رئيس مجلس شورى «النهضة»، فتحي العيادي، أنه «لم تجرِ استشارة الحركة، بخصوص تمديد الطوارئ». وأضاف العيادي على هامش انعقاد الدورة 38 لمجلس شورى الحركة أول من أمس: «كنا نأمل التشاور مع الحركة في هذا الموضوع، وفي القضايا الكبيرة للبلاد، فالأصل أن نتشاور وأن نتحاور». وأوضح أن «مجلس الشورى يناقش في اجتماعه هذا الأمر، ومن المنتظر أن يحدد موقفه منه».
وفي مقابل تصريحات مسؤولين في «النهضة»، اعتبرت النائبة عن كتلة «نداء تونس» (حزب الأغلبية البرلمانية)، الخنساء بن حرّاث، أن «حالة الطوارئ التي أُعلنت منذ شهر... قدمت نتائج إيجابية وجيدة لكون الإدارة الأمنية قامت بعمليات استباقية ضد المجموعات الإرهابية». وقالت: «لأنه لم تحدث عمليات إرهابية خلال هذه المدة، فإن الحكومة ارتأت التمديد في حالة الطوارئ نظراً إلى نجاعة هذا القرار»، مضيفة أنّ للسلطات «صلاحيات تمديد الطوارئ نظراً إلى توافر معطيات ومعلومات تؤكد وجوبية التمديد فيها»، بل وصل موقف النائب عن «نداء تونس» إلى حد اعتبار أنّ المخاوف إزاء تمديد «الطوارئ» ليس لها أي داع.
ومن ضمن فريق الائتلاف الحاكم أيضاً، رأى رئيس الكتلة البرلمانية لـ«الاتحاد الوطني الحر»، محسن حسن، أنّ التمديد أمر ضروري وغير قابل للنقاش، «لأن الوضع الأمني في البلاد فيه غموض كبير، ومحاربة الإرهاب تعتبر أولوية وطنية والوضع على الحدود غير آمن». ودعا حسن إلى تعبئة عامة لدعم القوات الأمنية للحفاظ على الأمن في البلاد، وهذا «لا يتم إلا بإجراءات للتمديد في حالة الطوارئ».
في المقابل، أكدت النائب سامية عبو، عن «التيار الديموقراطي» (معارض)، أن «حالة الطوارئ تتخذ عادة لأسباب تعطّل سير دواليب (هياكل) الدولة كإجراء لتحقيق الاستقرار، ولكن استعمال حالة الطوارئ يتم اليوم لتعطيل دواليب الدولة». وأشارت عبو إلى أن في القرار «تمهيداً لخرق الدستور لأنه في حالة الطوارئ، فإن أحكام الدستور والحقوق والحريات تصبح معلّقة»، معتبرة في الوقت نفسه أنّ «قانون الطوارئ اتخذ لإمرار عدة قوانين على غرار قانون مكافحة الإرهاب الذي يدين العمل النقابي ويهدد الإعلام والصحافة ويضرب إمكانية الاحتجاج وحرية التعبير والصحافة والنشر».
(الأخبار، الأناضول)