يلقي كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما خطابات عن الاتفاق النووي، هذا الأسبوع، ليعلنا أنهما يخوضان معركة حياتيهما، وأنهما مستعدان لفعل كل شيء للانتصار فيها.ولفتت صحيفة «هآرتس» الانتباه إلى أن نتنياهو حاول، خلال الأسابيع الأولى التي تلت الاتفاق، تبنّي سياسة حذرة وعدم الدخول في حملة عدوانية وعلنية تجاه الولايات المتحدة؛ لكن يبدو أنه تخلى عن هذا النهج، في الأيام الأخيرة.

وبحسب الصحيفة، فإن سبب ذلك يعود إلى أن نتنياهو اقتنع، أكثر فأكثر، بأنه بات قادراً على إقناع عدد كافٍ من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب بمعارضة الاتفاق، وأيضاً بإسقاط الفيتو الرئاسي الأميركي المتوقّع أن يستخدمه أوباما، بعد تصويت الكونغرس على الاتفاق النووي، في 20 أيلول المقبل.
وقد دفعت مقالات سياسيين ليبراليين ضد الاتفاق النووي، إضافة إلى استطلاع نشرته شبكة «سي. أن. أن.» ــ أظهر أن غالبية الأميركيين تعارض الاتفاق ــ بنتنياهو إلى الاعتقاد بأن الزخم إلى جانبه، وأن عليه، الآن، الانطلاق في ممارسة الضغوط.
ونقلت «هآرتس» عن رئيس الحكومة الإسرائيلية قوله لمجموعة من المراسلين السياسيين: «يوجد انزياح... كلما عرف الناس أكثر (عن الاتفاق) سيعارضونه أكثر، وهذا صحيح أيضاً بالنسبة إلى الجمهور الأميركي».
وأشارت الصحيفة إلى أن شعور نتنياهو ليس من دون أساس، فمسؤولو البيت الأبيض يراقبون حملة الملايين التي يقوم بها اللوبي الإسرائيلي «ايباك»، إضافة إلى اللقاءات الماراتونية لسفير إسرائيل في واشنطن، رون درمر، مع المشرّعين، ومقابلات نتنياهو مع الإعلام الأميركي. لذا، سيضطر المسؤولون الأميركيون إلى خوض معركة قاسية، من أجل الحصول على الأصوات المطلوبة لتمرير الاتفاق.
وأوضحت «هآرتس» أن اللوبي الإسرائيلي الذي يستثمر نحو 20 ــ 40 مليون دولار في الحملة ضد الاتفاق النووي، سيرسل هذا الأسبوع إلى إسرائيل وفداً من عشرات أعضاء الكونغرس من الجمهوريين والديموقراطيين الذين سيلتقون مع نتنياهو وكبار المسؤولين الإسرائيليين.
في المقابل، ذكرت الصحيفة أن الضغط الذي يمارسه البيت الأبيض تمثل في المحادثة التي أجراها الرئيس باراك أوباما مع بضع مئات من الناشطين الليبراليين، المتعاطفين مع الحزب الديموقراطي والمؤيدين للاتفاق النووي. وذكر، خلالها أن «مليارديريين» يموّلون حملة إعلامية وجماهيرية، مدفوعين من الجهات نفسها التي دعمت غزو العراق، و«هم سيعارضون أي اتفاق أياً كان، مع إيران». كذلك أشار إلى جهات عدة، من بينها «آيباك» وراعي رئيس الوزراء الإسرائيلي ومالك صحيفة «إسرائيل اليوم»، الملياردير الأميركي شيلدون أديلسون. وشرح أوباما لهؤلاء الناشطين أن الاحتجاج ضد الحرب على العراق بدأ في وقت متأخر ولذلك فشل، داعياً إياهم إلى ممارسة الضغوط على أعضاء الكونغرس «المتذبذبين» الذين لم يحدّدوا موقفهم، حتى الآن، من الاتفاق، في مقابل الضغوط التي تمارَس من قبل معارضي الاتفاق.
في غضون ذلك، عزّز أوباما ضغوطه ومحاولاته لإقناع أعضاء الكونغرس، بشكل مباشر. ففي الأسبوع الماضي، دعا عشرات المشرّعين من «الحزب الديموقراطي» ليجيب عن أسئلتهم، على مدى ساعات طويلة.

نتنياهو رأى أنه بات قادراً على إقناع عدد كافٍ من أعضاء الكونغرس
ووفقاً لموقع «بوليتيكو»، فقد أجرى أوباما، أيضاً، محادثات هاتفية مع مشرّعين آخرين محاولاً إقناعهم، كذلك دعا عدداً منهم للعب الغولف، من أجل التحدث. ولإيجاد حالة زخم سياسي مؤيّد للاتفاق، طلب الرئيس الأميركي من المشرّعين الذين تحدث معهم نشر بيانات تأييد علنية للاتفاق، في أقرب وقت ممكن.
كذلك من المفترض أن يلقي أوباما، الأربعاء، خطاباً للأمة في الجامعة الأميركية في واشنطن، بعد 24 ساعة على خطاب مشابه لنتنياهو. وفي هذا الإطار، لفتت «هآرتس» إلى أنه قبل 50 سنة، ألقى الرئيس جون كينيدي خطاباً في المكان ذاته، «لمنع حرب نووية مع روسيا بوسائل دبلوماسية». ووفق المتحدث باسم البيت الأبيض، يستهدف الخطاب الإيضاح للجمهور الأميركي: «لماذا يخدم الاتفاق النووي المصالح الأمنية الأميركية».
ويوم الثلاثاء، الموافق يوم ولادة أوباما، سيلقي نتنياهو خطاباً، عبر الإنترنت، أمام أكثر من مئة منظمة يهودية أميركية. ويفترض أن يستمع إلى الخطاب عشرات الآلاف من اليهود الأميركيين، الذين تلقوا دعوة للمشاهدة، عبر حواسيبهم وهواتفهم وعبر الشاشات. ويأمل نتنياهو أن يدفع خطابه حاخامات الجاليات اليهودية الأميركية للتعبير، بشكل علني، عن موقف حازم ضد الاتفاق.
علاوة على ما تقدم، أوضحت «هآرتس» أن المعركة ستجري على الاتفاق في ساحات أخرى، حيث سيلقي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيو آمانو، شهادة سرية، بشكل استثنائي، أمام لجنة الخارجية التابعة للكونغرس. كذلك أشارت إلى الجولة التي يجريها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في المنطقة.
من جهة أخرى، ذكرت «هآرتس» أن الاتفاق النووي مع إيران أظهر الهوّة العميقة التي تفصل بين يهود الولايات المتحدة والمنظمات المفترض أنها تمثلهم. فقد أفاد استطلاع «ذي جويش جورنال» (The Jewish Journal)، بأن 49% من اليهود الأميركيين يؤيدون الاتفاق مع إيران، فيما يعارضه فقط 31%. ووفق استطلاع «جي ستريت»، فقد أيّد الاتفاق 60%. وبحسب اللوبي The Israel Project، المعارض للاتفاق، فإن عدد معارضي الاتفاق أكبر من مؤيديه.
مع ذلك، فقد ذكرت «هآرتس» أن تأييد الاتفاق وسط اليهود الأميركيين كان متوقعاً، لا سيما أن استطلاع اللجنة اليهودية الأميركية، من عام 2013، أظهر أن اليهود الأميركيين «راضون عن الطريقة التي يدير من خلالها أوباما معالجة البرنامج النووي الإيراني».