إنها «بلاك واتر» مجدداً، تنسج صفقات تكاد تقترب من أفلام «هوليوود»، إلا أنها حقيقة. إحدى هذه الصفقات ظهرت في تحقيق نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» قبل 10 أيام، وجاء فيه أن العائلة الحاكمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، تعاقدت مع مؤسس «بلاك واتر» (أكبر شركة مرتزقة في العالم)، الأميركي إيريك بانس، على إنشاء جيش خاص يبلغ عديده 800 رجل، معظمهم من الكولومبيين.الصحيفة نشرت نص العقد الذي تلقى بموجبه برنس (الموجود في الإمارات إثر مواجهته مشاكل قضائية في الولايات المتحدة، وخصوصاً بعد المجزرة التي توفي فيها 17 عراقياً على أيدي مجموعة أمن تابعة له في العراق) 529 مليون دولار لبناء جيش احتياطي للإمارة الخليجية. وُقّع العقد في 13 تموز الماضي، بين قيادة القوات المسلحة ممثلة باللواء الركن عيسى سيف محمد المزروعي وشركة «ريفلكس ريسبونسبس للاستشارات الإدارية».
يمتدّ العقد على فترة 5 سنوات، وهو ناتج من «الحاجة إلى وحدة مستقلة للدعم الأمني الداخلي للإمارات. تتكون هذه الوحدة من أجانب مدربين وموجهين من متعهدين أجانب، يتبعون وحدة الاستخبارات العسكرية لدى العميل. الغرض هو تطوير نواة مجموعة دعم أمني تكون قادرة على العمل في شتى أنحاء الإمارات. وخلافاً للنظام الرسمي، تكون إس إس جي (وهو اسم المجموعة)، ذات تدرج هرمي وقادرة على التوسع في الحجم أو في المهمات، وفقاً لاحتياجات العميل». وبعد أيام، أكدت السلطات الإماراتية وجود عقد تعاون مع الشركة من دون التطرق إلى موضوع بناء الجيش الموازي.
وتشير الصحيفة إلى أن جنود «الجيش» دخلوا البلاد بتأشيرات عمل في مجال البناء، ونُقلوا في حافلات إلى مجمعات عسكرية في الصحراء. ويتألف الجيش من كولومبيين وأفارقة جنوبيين وجنسيات أخرى، ويدربه ضباط متقاعدون من الجيش الأميركي والإنكليزي والألماني والفرنسي.
تقول الصحيفة إن الامارات لا تثق بكفاءة قواتها العسكرية، وإنها تريد لهذا «الجيش الموازي» أن يتولى مهمات داخلية وخارجية، منها حماية أنابيب النفط وناطحات السحاب والتصدي للإرهابيين، إضافة إلى مواجهة الخطر الإيراني، أو تحرك مواطنين مُضربين في الأرياف، أو تظاهرات مؤيدة للديموقراطية.
العقد ليس موقعاً باسم برنس، الذي حوّل عام 2009 «بلاك واتر» إلى «إكس»، قبل أن يبدأ بتفكيك هذه الأخيرة. الناطق باسم البنتاغون لم يعط جواباً حاسماً حول ما إذا كان عمل (برنس) شرعياً أم لا، مع أن القوانين الأميركية تفرض على مواطنيها الحصول على إذن قبل تجنيد مقاتلين أجانب، وقد حوكمت «بلاك واتر» بدفع غرامة مالية قدرها 42 مليون دولار لخرقها هذا المبدأ في العراق.
لكن أحد المسؤولين في ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما يقول، إن «دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً الامارات، ليس لديها الكثير من الخبرة العسكرية. لذا قد يكون من الصواب أن تنظر خارج حدودها طلبا للمساعدة». وأضاف «ربما يريدون أن يظهروا أنه لا يمكن العبث معهم».
وفي ما يتعلق بإيران، تحدثت الصحيفة عن «استخدام الامارات لهذا الجيش الموازي لاستعادة جزرها غير المأهولة في الخليج الفارسي، والتي هي موضع نزاع بينها وبين إيران». وأضافت «بعض المستشارين الأمنيين يعتقدون أن الجهود لتعزيز دفاعات الامارات ضد التهديد الايراني، قد تؤدي بعض الفوائد لأميركا، التي تشارك دولة الإمارات قلقها إزاء الزحف الإيراني في المنطقة».
وتتابع الصحيفة روايتها قائلة إن «إكس» أسست شركة «تور» في جنة ضرائبية في جزيرة قرب بورتو ريكو، بهدف تجنيد مرتزقة من أميركا اللاتينية. وفي كولومبيا، فُتحت صفحة على الفايسبوك تحمل اسم «تور كولومبيا»، بهدف جذب الكولومبيين لتقديم طلبات انتساب إلى امتحانات القبول. وللشركة مكتب في بوغوتا العاصمة، وهو المكتب نفسه الذي جنّد كولومبيين قبل 5 سنوات لصالح «بلاك واتر» قبل ارسالهم إلى بغداد، إلا أن الأجور التي دفعت في العراق للقيام بمهمات حراسة لم تكن تلك التي وعد بها الكولومبيون.
وفي السياق، تقول وسائل إعلام كولومبية مثل شبكة «أونو» التلفزيونية ومجلة «سيمانا»، إن المتدربين تحت إمرة ضابط متقاعد ليسوا بالضرورة أناساً يعلمون تقنيات القتال، بل هم في حالات كثيرة فلاحون تركوا المنجل والرفش بحثاً عن لقمة العيش، ولو بالرشاش، ولو في الشرق الاوسط. يضاف إلى ذلك أن تدريبات الكولومبيين تنفّذ في قاعدة عسكرية للجيش تحمل اسم «فاكاتاتيفا»،
من جهة ثانية، قالت شبكة «أونو» إن مجموعة ثانية من المجندين ستتوجه في الأيام القليلة المقبلة إلى أبو ظبي، لافتة إلى أن شركة ثانية لم تحدد اسمها «ستقوم بالمهمة نفسها وتحصل على 70 ألف دولار شهرياً لكل مجموعة سترسل إلى الإمارات مع الكفاءات المطلوبة».
وعد مسؤولون في الجيش الإماراتي بأنه في حال نجاح هذه الكتيبة الأولى، سيدفعون إلى إنشاء لواء كامل مؤلف من آلاف عدة من الرجال. وأضافوا أن العقود الجديدة ستكون بالمليارات، وستساعد في تحقيق مشروع برنس الأكبر، وهو إنشاء مجمع تدريب للقوات الأجنبية في الصحراء. لكن قبل المضي قدماً، اشترط مسؤولون عسكريون إماراتيون أن تُجرب الكتيبة في مهمة عالمية حقيقية.
على أي حال، لا شك في أن دخول الإمارات في سياق العمل مع المرتزقة لحماية نفسها يطرح تساؤلات عن توجه المنطقة في السنوات المقبلة. والجواب رهن هذه السنوات.



قطر تدعم الثورات مادياً

أعلنت صحيفة «فايننشال تايمز» أمس أن «قطر تجري محادثات مع شركاء في دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط، لإنشاء مصرف للتنمية في الشرق الأوسط بهدف دعم الدول العربية في الانتقال إلى الديموقراطية».
وقالت إن قطر «استلهمت الفكرة من المصرف الأوروبي للإنشاء والتنمية الذي ساهم في إعادة بناء اقتصادات ومجتمعات دول الكتلة الشرقية في نهاية الحرب الباردة»، مضيفة أن «مصدراً مطلعاً أكد أن الخطة القطرية لإنشاء مصرف الشرق الأوسط للتنمية، تهدف إلى تقديم قروض بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً لدعم التحولات السياسية في الدول العربية». ونسبت الصحيفة إلى المصدر قوله إن «قطر تسعى للحصول على دعم السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة لخطة إنشاء مصرف الشرق الأوسط للتنمية». وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم قد أشار إلى المبادرة في وقت سابق هذا الأسبوع، خلال محاضرة في مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية.
(يو بي آي)