يبدو أنّ رئيس «جبهة العدالة والتنمية» الجزائرية، عبدالله جاب الله، يحاول نقل الأزمة القائمة ضمن «تنسيقية الانتقال الديموقراطي»، منذ اللقاء المنفرد في بداية الشهر الماضي بين «حركة مجتمع السلم ــ حمس» ومدير الديوان الرئاسي أحمد أويحيى، إلى موقع آخر، في حراك من شأنه إنهاء الواقع السياسي للتنسيقية القائمة منذ عام ونصف تقريباً، احتجاجاً على ترشح الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية رابعة.
وتحت عنوان «مبادرة التعاون: لمّ شمل أبناء المشروع الإسلامي»، نظّم جاب الله، أول من أمس، تجمعاً في العاصمة الجزائرية دعا فيه «أبناء المشروع الإسلامي للاجتماع من أجل التحاور والتشاور حول واقعنا وكيفية بناء مستقبلنا، بما يحقق الأمل في غد مشرق ينتصر فيه الإسلام وتعز فيه الأمة ويزدهر فيه الوطن وتقوى فيه الدولة»، نافياً أنّ يكون الهدف من المشروع البحث عن تزعم التيار الإسلامي، وموضحاً أنّ المبادرة موجهة إلى الأفراد وليست إلى الهيئات والأحزاب.
وأضاف رئيس «جبهة العدالة والتنمية» أنّ «المتآمرين على الدين والأمة والوطن ما استطاعوا فعل ما فعلوه إلاّ بسبب قلة علمنا وضعف وعينا وتشتت صفوفنا وغلبة مصالحنا الشخصية على مصلحة ديننا وأمتنا ووطننا، وقد حان الوقت لتدارك كل ذلك»، داعياً إلى «التحاور والتشاور الواعي والمسؤول حول حقيقة واقعنا وما يجب فعله لنكون قوة دعوية وسياسية وخيرية وعلمية... من أجل هذا كانت هذه المبادرة من الإطارات المجتمعة في هذا اللقاء الوطني».
ورغم أنّ القائمين على هذا المبادرة قالوا إنّ الإعداد لها يعود إلى سنوات، أي حتى قبل إنشاء «التنسيقية»، وألبسوا التجمع لبوساً إسلامياً شاملاً لا علاقة له بالشأن السياسي المباشر، جاء طرح المبادرة في وقت تعرف فيه الأطراف الإسلامية عدة خلافات، تحديداً تلك الواقعة بين «جبهة العدالة والتنمية» و«حمس» في ما عرف بـ«خلاف إخوان الجزائر».
وقد يكون غياب «حمس» عن تجمع أول من أمس من الدلالات على أنّ «مبادرة لمّ الشمل» غير بعيدة عن الواقع السياسي المباشر، بل إنها تسعى إلى خلق واقع سياسي إسلامي جديد. وذكرت صحف جزائرية أمس أنّ الإعلان عن المبادرة تمّ «في غياب أبرز القيادات الإسلامية من حركات مجتمع السلم والنهضة والإصلاح والبناء الوطني، وجبهة التغيير».
ورأت صحيفة «الخبر» المحلية أنّ الحضور خلال إطلاق المبادرة كان «محتشماً ولم يرق إلى المستوى الذي كان يأمله على الأقل المنظمون»، مضيفة أنه «لا يُعلم سبب ذلك إن كان في طبيعة صاحب المبادرة الذي تلاحقه اتهامات بمحاولة ممارسة الزعامة على التيار الإسلامي، أو في إخفاقه السابق في بناء أحزاب قوية تكون لها صفة الدوام، وقد لا يكون الخلل أصلاً في نوايا المبادرين أو من يكونون، بقدر ما يكمن في فقدان فكرة الوحدة نفسها الحماسة، بعد توالي التجارب الفاشلة».
وفي حديث إلى «الخبر»، قال الأمين العام السابق لـ«حركة النهضة» الجزائرية، فاتح ربيعي، إنه «ليس لدي تفاصيل المبادرة... إلا ما اطلعت عليه عبر وسائل الإعلام، وقضية وحدة الإسلاميين تستهويني وبذلت جهداً برفقة إخوان لي لتحقيق هذا المسعى... الأمل لا يزال يحدونا لإنجاز هذه الوحدة»، واستدرك بالقول إنّ «اجتماع التيار الإسلامي بكل مكوّناته ما زال أملاً بعيداً».
(الأخبار)