عادت العلاقات المصرية الإيرانية إلى المربع الصفر ـــــ مربع الأزمة، بعدما أعلنت القاهرة مساء أول من أمس اعتقال إيراني يعمل في البعثة الدبلوماسية الإيرانية في القاهرة بتهمة التخابر، لتعود وتفرج عنه تمهيداً لترحيله. وقالت أجهزة الأمن المصرية إن المتهم يدعى قاسم الحسيني، وإنه كان يجمع معلومات اقتصادية وسياسية وعسكرية عن مصر وبعض دول الخليج، مستغلاً الحالة الأمنية في البلاد خلال الفترة الماضية، وذلك عبر عملاء له، لم تحدد الجهات الأمنية إن كانوا في الداخل أو في الخارج، ثم إرسال هذه المعلومات إلى طهران.
ولم توضح تصريحات المسؤولين المصريين طبيعة هذه المعلومات، ما جعل السفارة الإيرانية في القاهرة تصدر بياناً تنفي فيه خبر القبض على أي دبلوماسي لديها، أو مثول أي مسؤول إيراني بالسفارة للتحقيق في قضايا تجسس، مبديةً استغرابها توقيت إعلان هذه القضية. ولفتت إلى أن إعلان الخبر «يهدف إلى وقف تحسن العلاقات بين مصر وإيران وعودتها إلى وضعها الطبيعي». ورغم هذا النفي من جانب الإيرانيين، إلا أن مصادر قضائية أكدت أن نيابة أمن الدولة العليا حققت مع المتهم لمعرفة شبكة التجسس والكشف عن أفرادها، ووجهت إليه عدداً من التهم، من بينها ارتكاب أفعال من شأنها «الإضرار بالأمن القومي المصري، والتجسس لمصلحة دولة أجنبية»، حيث ضُبط بأجهزة تجسس غير مسموح بدخولها البلاد، وجمع معلومات اقتصادية وسياسية وعسكرية عن مصر، وعدد من الدول الخليجية عبر عملاء له.
وواجهت النيابة المتهم بتسجيلات أجهزة الاستخبارات والتقارير الواردة التي تكشف تعاونه مع جهات خارجية، وإفشاء الأسرار الداخلية. كذلك أخطرت أجهزة الأمن وزارة الخارجية المصرية لإبلاغ نظيرتها الإيرانية بذلك، ليُعلَن في ما بعد الإفراج عن الدبلوماسي، تمهيداً لترحيله خلال 48 ساعة.
واللافت في هذا الخبر أنه يغلق الباب، ولو مؤقتاً، أمام المساعي الدبلوماسية والجهود المبذولة من جانب دبلوماسيي البلدين خلال الفترة الماضية لفتح قنوات اتصال، تمهيداً لعودة العلاقات بين القاهرة وطهران. ويبدو أن جهود السعودية في تفخيخ الأجواء نجحت إلى حد كبير في تثبيت المشهد المصري الإيراني على صورة التوتر والريبة من كلا الجانبين.
ومن المفارقات أيضاً، أن اعتقال الدبلوماسي أتى فيما كان وفد الدبلوماسية الشعبية، الذي زار إثيوبيا وأوغندا والسودان وحقق عدة مكاسب، منها تعهد الدولتين بعدم الإضرار بحصة مصر في مياة النيل، يستعد للسفر إلى طهران في إطار «المساعي المبذولة لعودة العلاقات المصرية ـــــ الإيرانية»، ما يضع الوفد أمام أزمة.