باريس | قبل أن يتوجّه إلى دوفيل للمشاركة في قمة مجموعة الثماني، حلّ رئيس الحكومة المصري عصام شرف بباريس، حيث التقى رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا فيون، وعقد اجتماع عمل مع عدد من المستثمرين ورجال الأعمال الفرنسيين المهتمين بالسوق المصرية. وقال شرف في حديث لـ «الأخبار»، على هامش هذا الاجتماع: «لقد خرجتُ من لقائي مع المستثمرين الفرنسيين بانطباع في غاية الإيجابية، حيث لمستُ إصراراً واضحاً جداً لدى هؤلاء على الاستمرار في العمل في مصر، رغم وجود بعض المشاكل والصعوبات. ونحن أكدنا لهم أننا سنقوم في الفترة المقبلة بإجراءات وتسهيلات مهمّة لحل المشاكل التي تعترضهم، من أجل استقبال المزيد من الاستثمارات».وعن أهمية تشجيع قدوم الاستثمارات الأجنبية، بوصفها السبيل الأمثل للخروج بالاقتصاد المصري من التبعية للمساعدات الغربية، قال شرف: «إذا قارنّا الربع الأول من عام 2010 بالربع الأول من العام الحالي الذي قامت فيه الثورة، نجد أن هنالك زيادة بمقدار 30 بالمئة في التبادلات التجارية والاقتصادية مع فرنسا، مثلاً. وهذا يدل على أن الشركات الغربية تدرك أهمية السوق المصرية والاقتصاد المصري، وأن التغيير الذي جاءت به الثورة زاد من رغبتها وإصرارها على الاستثمار في مصر...».
وأكدّ شرف لـ «الأخبار» صحة ما يدور الحديث عنه في كواليس الأوساط المالية الدولية، بخصوص احتمال تحويل الديون الخارجية المصرية إلى استثمارات اقتصادية، قائلاً: «لقد تلقينا بالفعل مقترحات مهمّة بهذا الشأن، وهي تندرج ضمن حزمة كاملة من الإجراءات التي قُدّمت إلينا بخصوص تنشيط ودعم الاقتصاد المصري. لذا، فوزارة المال تدرس هذه المقترحات بالتفصيل، ولا يمكن كشف المزيد عنها في الوقت الحالي. لكنها بالتأكيد تعد أمراً إيجابياً للغاية، لأن مفعولها سيكون مزدوجاً، فهي ستخفف من عبء المديونية، وستضخّ الاقتصاد المصري في الوقت ذاته بجرعة مهمّة من الاستثمارات».
بخصوص المشاركة المصرية في قمة مجموعة الثماني، قال شرف: «مسألة توجيه الدعوة إلينا لحضور هذه القمة في حد ذاتها تعدّ أمراً إيجابياً جداً. وأهمية هذه المشاركة أنها فرصة لبحث آفاق الخطوات المقبلة في مجال التعاون مع الدول الكبرى، والتناقش معها في مختلف القضايا المتعلقة بالأوضاع في مصر. ونحن قلنا بوضوح إننا نشترك في هذه القمة من منطلق أن مصر دولة قوية ومركزية، ولها دور فاعل جداً في المنطقة. وبالتالي، فنحن حين نأتي إلى هذه القمة، ونعلن رغبتنا في التعاون المشترك، نقول للدول الصناعية الكبرى إننا نريد أن يجري ذلك بناءً على المصالح المشتركة، التي تخدم مصلحة كلا الطرفين. نحن نرى أن أي مساعدات أو تعاون مع الدول الكبرى هو استثمار في المستقبل. ونحن نؤكد أن توجّهنا ثابت نحو الديموقراطية، وأن ما نفعله حالياً هو حماية وتأمين الطريق نحو الديموقراطية في فترة انتقالية نأمل ألا تكون طويلة».
وعن تزامن مشاركته في قمة مجموعة الثماني مع تنظيم تظاهرة «جمعة الغضب» الجديدة في «ميدان التحرير»، احتجاجاً من «شباب الثورة» في مصر على بطء الإصلاحات، قال شرف: «أنا أقول دائماً، كما أكدت قبل يومين في بيان الحكومة الأسبوعي، إنني أعترض على تسمية مثل هذه المطالب التي تحملها هذه التظاهرات مطالب فئوية. أنا أرى أنها مطالب إنسانية، ولكل إنسان الحق الكامل في أن يعبّر عن رأيه. لكن أرجو فقط ألّا يكون التعبير عن الرأي بأسلوب يمثّل تعدياً على حقوق الآخرين، أو يسبّب إرباكاً للحياة العمومية. عدا ذلك، أنا أتفهم تماماً مطالب الناس، ورغبتهم في أن تجري الأمور على نحو أسرع. بالطبع، كل شخص ينظر إلى الأمور من وجهة نظره الخاصة، أما نحن كحكومة، فإننا نبذل كل جهدنا لكي ننتقل حقيقة بالثورة من الأفكار إلى الأفعال. وأنا أرى، بكل أمانة، أن الاقتصاد المصري، رغم بعض الصعوبات، اقتصاد قوي. البنية الأساسية لاقتصادنا صلبة، ولا تزال كما هي، لم تتأثر. وأنا في كامل الاستعداد للاستماع إلى كل الآراء التي تعبّر عنها هذه التظاهرات، لكنني أتمنى ألا تسبب هذه المظاهرات أيّ تعطيل عمل أو تخريب».