استبقت الحكومة السورية المساعي الأميركية الهادفة إلى زيادة الضغط على دمشق من بوابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فأعلنت استعدادها للتعاون الكامل مع الوكالة في التحقيق بصدد موقع دير الزور الذي استهدفته إسرائيل في عام 2007. وبعد ساعات قليلة على نشر وكالة «فرانس برس» مسودة مشروع أميركي تظهر أن واشنطن تعتزم الطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفع مسألة «النشاطات النووية السورية» المفترضة إلى مجلس الأمن الدولي، قال دبلوماسيون إن دمشق عرضت التعاون كاملاً مع الوكالة الدولية التي تطالب بتفقد موقع دير الزور الذي رجحت أن يكون مفاعلاً نووياً قبل استهدافه. تطوُّر يأتي في توقيت دقيق، بما أنّ الضغط الأميركي يهدف إلى استصدار قرار من مجلس محافظي الوكالة الذي يجتمع بين السادس والعاشر من حزيران المقبل.
وفي خطوة قد تعرقل هذا المسعى، عرضت سوريا، في خطاب بعثت به إلى المدير العام للوكالة الدولية يوكيا أمانو (الصورة) أواخر الأسبوع الماضي، تعاوناً كاملاً مع الوكالة لحل القضايا المعلقة الخاصة بموقع دير الزور. وقال دبلوماسي بارز «سيجعل (التعهد السوري) الأمر أكثر صعوبة، ما من شك في ذلك. إنها خطوة ذكية جداً». لكن مندوباً غربياً توقع أن يكون تأثير الرسالة الإيجابية السورية «شبه منعدم». وتابع: «أعتقد أنه سينظر للخطاب ـــــ باستثناء الأصدقاء المقربين جداً من سوريا ـــــ على أنه إهدار للوقت». ولفت دبلوماسي غربي آخر إلى أن الخطاب السوري يتعهد فقط «بالتعاون في محاولة لتفادي قرار الإحالة على مجلس الأمن. عرقلت سوريا عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة ثلاثة أعوام، وما يحدث الآن يندرج في الخانة نفسها». وتساءل دبلوماسي آخر: «هل القضية جديرة بالإحالة على مجلس الأمن حقاً بسبب أمر حدث في الماضي؟».
وكانت وكالة «فرانس برس» قد أكدت أن مسودة القرار الأميركي ستدعو حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال اجتماعهم الأسبوع المقبل، إلى رفع المسألة السورية إلى مجلس الأمن. وقال القائم الأميركي بالأعمال في فيينا، روبرت وود، في رسالة وزعت على الدول الأعضاء يوم الجمعة الماضي: «نحن نعلم أن الحكومة السورية بعثت رسالة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتعلق بطلب الوكالة من سوريا تقديم التعاون التام». وأضاف أن «مثل هذا التعاون سيكون مرحباً به بالتأكيد، لكن لن يكون له أي أثر على النتيجة التي أفادت بعدم الالتزام (السوري) أو على مسؤوليات المجلس الخاصة بهذه النتيجة». ويتهم القرار الأميركي سوريا بـ«عدم الالتزام» بمسؤولياتها الدولية، ويدعو أمانو إلى رفع تقرير بذلك إلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك، علماً بأن إيران كانت آخر عضو في الوكالة يُرفع تقرير بشأنه إلى مجلس الدولي في أيلول 2005. وجاء في الرسالة الأميركية: «نعتقد أن تحرك المجلس مهم للحفاظ على صدقية الوكالة ونظام الضوابط فيها نظراً إلى استمرار سوريا في عرقلة تحقيقات الوكالة».
(أ ف ب، رويترز)