كانت حماة، أمس، نجمة المشهد السوري الذي تميّز بتظاهرات يوم الجمعة الروتينية تحت شعار «جمعة أطفال الحرية»، مع تسجيل سقوط عدد كبير من القتلى في المدينة الواقعة وسط البلاد. وحصلت تظاهرات يوم أمس على وقع ما نقلته صحيفة «تشرين» عن الرئيس بشار الأسد، أمام رجال دين من مدينة درعا، أنّ «الإصلاحات قادمة إلى درعا وجميع المحافظات السورية». وتضاربت الأنباء بشأن عدد القتلى، إذ بدأت الحصيلة بثمانية، لتصل إلى 37 بحسب ما نقلته فضائية «العربية» عن شهود وناشطين حقوقيين، بينما ظلت تقديرات جهات أخرى تحصر الرقم بـ34 قتيلاً، وأشارت أخرى إلى أن عدد القتلى «قد يتجاوز الخمسين»، واصفة ما جرى بأنه «مجزرة حقيقية».

من جهته، أعلن التلفزيون الرسمي السوري «مقتل ثلاثة مخرّبين خلال اقتحامهم وحرقهم مبنىً حكومياً في حماة وتصدي قوات الشرطة لهم». لكن كان لافتاً تأكيد التلفزيون الحكومي أنّ عدد متظاهري حماة بلغ «نحو 10 آلاف» شخص، بينما اكتفت وكالة الأنباء السورية «سانا» بالتحدث عن «مئات الأشخاص»، فضلاً عن «تجمعات في محافظة إدلب»، شمال غرب البلاد.
ووصل الأمر بوكالة «فرانس برس» إلى اعتبار أن سوريا شهدت يوم أمس «أضخم التظاهرات منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية» منتصف آذار الماضي. وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، فإن عدد المشاركين في تظاهرة حماة «فاق 50 ألف شخص»، مشيراً إلى أن «معظم الشهداء سقطوا في حي الحاضر داخل حماة، قرب مقر لحزب البعث، وفي السوق المركزية في المدينة». ورأى أن «تظاهرات اليوم (أمس) كانت الأضخم في سوريا منذ بدء الاحتجاجات، رغم قرار العفو الذي أصدره الرئيس (بشار) الأسد. وهذا يدل على أن الشعب لم يعد يثق بالنظام».
وفي شمال سوريا، احتشد المتظاهرون في معرة النعمان، وتظاهر آخرون في القامشلي ورأس العين وعامودا ودير الزور. ووفق معلومات أخرى، تظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص في مدينة بانياس الساحلية (غرب)، وهو ما حصل في جنوب البلاد قرب درعا. ووفق رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي، فإنّ آلاف المتظاهرين احتشدوا أيضاً في دمشق والقرى المجاورة. تطورات ميدانية كانت تحصل على وقع تأكيد عدد من المواطنين أن خدمة الإنترنت توقفت في معظم المدن، وخصوصاً دمشق واللاذقية.
وتوقف بعض المراقبين عند كثافة التظاهرات التي تميّزت بها مدن ذات غالبية كردية كإدلب ومدن أخرى في شمال غرب البلاد وشمال شرقها.
وعن المناطق الكردية، شدد عبد الرحمن على أن «قياديين أكراداً انضموا لأول مرة علناً إلى تظاهرات الحسكة، ومن بينهم فؤاد عليكو القيادي في حزب يكيتي، وعبد العزيز تمو القيادي في تيار المستقبل
الكردي».
وعلى صعيد حوار النظام مع المعارضة السورية، كشفت مصادر كردية أن الأسد دعا قادة 12حزباً كردياً محظوراً إلى الاجتماع به اليوم السبت. وقال عضو اللجنة السياسية لحزب «ياكيتي»، فؤاد عليكو، إن محافظ الحسكة، معزى سلوم، أبلغ بعض قادة الأحزاب الكردية أن «اجتماعاً مع الأسد سيُعقد غداً (اليوم)». وأوضح عليكو «من حيث المبدأ نحن موافقون على اللقاء، لكننا طلبنا مهلة يومين أو ثلاثة أيام حتى يجري التشاور بين قادة الأحزاب الكردية»، مؤكداً أن الدعوة وجهت إلى 12 حزباً كردياً. ورأى عليكو أن توجيه الأسد دعوة إلى الاجتماع بقادة هذه الأحزاب يُعدّ اعترافاً بها. يُذكر أن أحد قادة حزب «ياكيتي»، وهو مشعل تمو، كان قد أُفرج عنه أمس من سجن عدرا، بعد سنتين أمضاهما خلف قضبانه. بدوره، رأى رئيس «المبادرة الوطنية لأكراد سوريا»، عمر أوسي، أن الدعوة تمثّل «بادرة طيبة» لحل الأزمة الراهنة.
«التحرير» في الـ«داون تاون»
في هذه الأثناء، كان وسط مدينة بيروت يشهد مواجهة نتيجة محاولة أنصار النظام السوري منع اعتصام للعشرات من مناصري حزب التحرير الإسلامي، أمس، تضامناً مع الشعب السوري في باحة المسجد العمري. وفي ظل انتشار كثيف للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، لم تشهده العاصمة اللبنانية منذ بدء الأحداث في سوريا، احتشد «التحريريون» في باحة المسجد، بعد أدائهم صلاة الظهر.
واتخذ الجيش إجراءات أمنية مشددة حول المكان، وفتّش أفراده الداخلين إلى الجامع. وكالعادة، كما في كل مرة يجري فيها اعتصام مناهض للنظام السوري، تجمّع العشرات من مؤيّدي حزب البعث بالتزامن مع موعد الصلاة، ووقع تلاسن بين أحد المعارضين السوريين ومناصري البعث، تطور
إلى هرج ومرج، نجح الجيش في احتوائه، بدفع مؤيّدي البعث بعيداً عن المسجد، فيما اعتقل أحد المعارضين للنظام. وفي الواحدة ظهراً، أصبح وسط المدينة أشبه بساحة حرب، بعد فصل الجيش بين الفريقين، وارتفاع الصيحات المتبادلة بينهما.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)