غزة | تنشط قوى سياسية وشبابية فلسطينية حالياً في الإعداد والتحشيد لما اتفقت على تسميته «مسيرات العودة» والزحف الجماهيري نحو السياج الحدودي المحيط بقطاع غزة، ويفصله عن فلسطين المحتلة عام 48، في 5 حزيران المعروف بيوم «النكسة»، في استنساخ لتجربة الزحف في 15 أيار الذي صادف الذكرى الثالثة والستين للنكبة. ما حدث يوم النكبة، وزحف آلاف اللاجئين نحو الحدود مع فلسطين المحتلة في لبنان وسوريا والداخل المحتل، يمثّلان بالنسبة إلى القائمين على مسيرات العودة «نقطة نضالية متقدمة» لا يمكن التراجع عنها، بل يجب البناء عليها لخلق حالة ضغط مستمرة على الاحتلال. وتنظر القوى السياسية والشعبية والشبابية إلى تجربة إحياء الذكرى الـ63 للنكبة على أنها النموذج الذي سيكون عليه إحياء يوم النكسة في 5 حزيران الجاري، والمناسبات الوطنية كافة، دون أن تغفل حرصها على عدم إراقة دماء اللاجئين الذين يتوقون للعودة، كما في يوم النكبة الذي شهد سقوط عشرات الشهداء والجرحى في غزة، ومارون الراس اللبنانية، ومجدل شمس السورية. اللاجئ الشاب أحمد أبو رتيمة، عضو قيادة «اللجنة التحضيرية لمسيرات العودة»، يرى في ذكرى النكسة المرتقبة «مرحلة فاصلة» ستحدد طبيعة إحياء الفلسطينيين، وتحديداً اللاجئين في الداخل والشتات، لمختلف مناسباتهم الوطنية في المستقبل. وقال: «في هذا اليوم سنعزز إرادتنا التي لا تلين مع مرور الأيام والسنين بأن حقنا في العودة إلى فلسطين المحتلة عام 48 لن يسقط بالتقادم، وأننا لن نغفر للاحتلال جرائمه، ولن ننسى إرث الآباء والأجداد». ودشّن أحمد ومجموعة من رفاقه صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» بعنوان «مسيرة العودة 2011»، سعياً إلى حشد الجماهير للحفاظ على ما تحقق يوم النكبة بوصفه «إنجازاً وتقدماً» غير مسبوق منذ احتلال فلسطين في عام 48. وقال أحمد «إن إسرائيل أصيبت بالصدمة وفاجأها السيل الجماهيري عبر الحدود في غزة ولبنان وسوريا، ولم يعد مقبولاً أن يجري إحياء المناسبات الوطنية بأقل مما حدث يوم النكبة (...) ومن هنا كان الاستعداد لإحياء يوم النكسة بمسيرات زحف نحو الحدود في غزة، وأعتقد أنه سيكون هناك تحركات مماثلة على الحدود مع دول الطوق المحيطة بفلسطين المحتلة».واتفقت «اللجنة التحضيرية لمسيرات العودة» وقوى سياسية وشعبية أخرى في غزة، بحسب أحمد، على نصب خيام في ميدان العودة في شمال قطاع غزة، المطلّ على السياج الحدودي مع فلسطين المحتلة عام 48. وقال أحمد إن «الخيام تمثّل رمزاً لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين سكنوها بعدما شرّدتهم العصابات الصهيونية من مدنهم وبلداتهم وقراهم في فلسطين المحتلة، ونصبها بعد 63 عاماً يبعث برسالة واضحة: إننا كأبناء وأحفاد لجيل النكبة لن نغفر ولن ننسى هذه الجريمة، وستبقى ذاكرتنا حية».
ويبدي أحمد قلقاً على حياة المشاركين في مسيرات العودة، فهو لا يستبعد أن تتصدى قوات الاحتلال بشراسة لكل من يحاول الاقتراب من الحدود، داعياً إلى توفير الحماية لمسيرات العودة، لأنها تمثّل «تحركاً مشروعاً للمطالبة بعودة اللاجئين تطبيقاً للقانون الدولي والقرارات الأممية». قلق أحمد يبدو مبرراً مع التهديدات التي أطلقتها دولة الاحتلال بأنها «تتهيّأ عسكرياً وسياسياً وإعلامياً لمواجهة أي محاولة لاختراق الحدود» في يوم النكسة. وقال عضو اللجنة المركزية للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، زياد جرغون، إن القوى الوطنية والإسلامية ولجاناً شعبية وشبابية، اتفقت على الزحف في مسيرة جماهيرية نحو السياج الحدودي في بلدة خزاعة جنوب قطاع غزة. وتوقع مشاركة شعبية فاعلة في مسيرة يوم النكسة، إذ يحيي الفلسطينيون ذكراه الرابعة والأربعين هذا العام وهم موحدون، بعد توقيع اتفاق المصالحة لإنهاء أربعة أعوام من الفرقة والانقسام.
وحدد الهدف من إحياء يوم النكسة بإرسال رسالة إلى الاحتلال أن «شعبنا بعد 44 عاماً من وقوع النكسة في عام 1967 لا يزال متمسكاً بحقوقه الوطنية المشروعة في إقامة دولته على حدود ما قبل النكسة (حدود 4 حزيران)، وعاصمتها القدس». وأكد أن «فعالية النكسة» هذه تأتي «استكمالاً لفعاليات ذكرى النكبة الـ63 التي زلزلت وأرعبت كيان الاحتلال الإسرائيلي في تحركاتها باتجاه أراضينا المحتلة عام 1948، في مارون الراس والجولان المحتل وقطاع غزة والضفة الفلسطينية وفي مصر والأردن».
للفلسطينيين قضاياهم وثوابتهم الكثيرة التي تستحق التظاهر، وللأسرى في يوم النكسة «نصيب» من التظاهرات والتضامن، إذ استجابت قوى سياسية وشبابية لنداء الأسرى في سجون الاحتلال بالنزول إلى الشارع تضامناً معهم، وتنديداً بسياسات الاحتلال العنصرية والقمعية بحقهم. وقال الناشط الشبابي في «ائتلاف 15 آذار»، إبراهيم الشطلي، إن توافقاً جرى بين قوى شبابية وسياسية على التجمع في ساحة الجندي المجهول في مدينة غزة في يوم النكسة، والانطلاق في مسيرة موحّدة نحو مقر الأمم المتحدة في المدينة، لإيصال «رسالة غضب» تؤكد ثوابت الشعب الفلسطيني بالحرية والعودة وتقرير المصير، وتحرير الأسرى جزء من هذه الثوابت.