العشرات من الفلسطينيين السوريين استشهدوا على مقربة من قرية مجدل شمس السورية. الإسرائيليون في هذه المرحلة، في أعقاب هذا القتل الجماعي، لا يشعرون بالحرج ولا يظهرون ندماً على من سقط بالأمس بالرصاص الحي الذي وجه للقتل. فهم يتّكلون على أنّ الرأي العام الدولي، في هذه المرحلة، لن يسارع إلى إدانة إسرائيل ولا إلى ردعها، فيما الأخبار تتناقل يومياً وخصوصاً في نهايات الأسبوع عدد القتلى السوريين في تظاهراتهم ضد النظام. لو كان التوقيت مغايراً، أو الظروف السورية الداخلية مختلفة، لكان موت الفلسطينيين على الحدود قد يطرح قضية سياسية عليا أكثر من كونه حدثاً تعتبره تل أبيب رد فعل «حفاظاً على السيادة». ففي نهاية المطاف، الجولان السوري هو محتل، وقرية مجدل شمس هي سورية وفي صلب حدود الرابع من حزيران 1967، لكن قلب سوريا أثّر على حدودها. الإعلام العبري لا يلوم قادة تل أبيب على استعمال الرصاص الحي ضد المتظاهرين، فليس هناك أصلاً استنكار دولي لهذه الممارسات. إذ قال المحلل العسكري لصحيفة «معاريف» عوفر شيلح: «من الواضح أنه في ما يتعلق برد العالم، فإن الأسد هو العدو رقم واحد لإسرائيل: عندما يذبح أبناء شعبه، فإن أحداً لن ينتقد بشدة جيش الدفاع الإسرائيلي عندما يقتل عشرات المتظاهرين الذين يحاولون بالقوة عبور حدود دولية»، ويضيف إنه «في كل ما يتعلق بسوريا ولبنان، فإن العالم يقبل، على ما يبدو، حق إسرائيل في الدفاع عن حدودها، حتى بإطلاق النار على غير مسلحين»، منوهاً إلى أنّ «القصة ستكون مختلفة كلياً في حال اندلاع أحداث مشابهة في المناطق (أي المناطق الفلسطينية المحتلة)».
وكتب عاموس هارئيل وآفي سيخارف في «هآرتس» أيضاً في نفس التوجه الإسرائيلي العام، إذ نوّها إلى أنه كان من «الصعب تقبل صرخات التلفزيون السوري بجدية في أعقاب تجاهله من يقتلهم النظام يومياً». لكنهما أشارا إلى أنه «يخيّل أن معادلة العمل الإسرائيلية حكمها في النهاية أن تهزم نفسها. يبدو أنه لن يمر وقت طويل قبل أن يستنكر الغرب القتل وينادي إسرائيل بإظهار التريث».
وأبدى المحلل السياسي اليميني دان مرغليت في صحيفة «إسرائيل اليوم» رضاه عمّا حدث، واضعاً اللوم على الرئيس السوري بشّار الأسد ونظامه، مبيناً «في المرحلة الحالية، لا يمكن معرفة ماذا سيحصل بعد اليوم». وأضاف إن «نتائج الصدام منذ أمس ستدرس في دمشق وطهران، وهناك سيحسم النظامان الديكتاتوريان ما إذا كانا سيستفيدان من استمرار سفك الدماء أو العكس».
لكن رغم الصمت الدولي على القتل الإسرائيلي عند الحدود السورية، إلا أنّ الإسرائيليين عادةً يخشون من الهبّات الشعبية، ويتخوفون من تحول الحدود في الجولان السوري المحتل إلى مكان دائم للتظاهرات. أحد المسؤولين العسكريين أعرب عن خشيته من أن حاجز الخوف قد سقط، مبدياً تخوفه من تحويل الفلسطينيين السوريين مجدل شمس في الجولان السوري المحتل إلى رمز للصراع.
وفي موازاة ذلك، قام قائد هيئة الأركان الإسرائيلية بيني غانتس، برفقة قائد المنطقة الشمالية بزيارة الى مجدل شمس. بينما أجرى الجيش الإسرائيلي تحقيقاً داخلياً، معتبراً من خلاله أنه رغم العدد الكبير للقتلى فإنّ «إطلاق النار من قبل القناصين كان محدوداً نسبياً، وفعلاً أطلق بعض الرصاص الحي»، مبيّناً أن عدداً من القتلى الذين أعلن عنهم في سوريا «أصيبوا على مقربة من القنيطرة في أعقاب انفجار في حقل الألغام».