غداة إعلان دمشق سقوط 120 قتيلاً في صفوف الأمن في جسر الشغور، بدأ الحديث عن اقتراب عملية عسكرية من المدينة، التي ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن أهلها يناشدون الجيش التدخل ضد «المسلّحين»، رغم بروز روايات عن أن حصيلة القتلى هي نتيجة «انشقاقات». ونقلت وكالة «فرانس برس» أمس عن ناشطين قولهم أمس إن ناقلات جند اتجهت الى مدينة جسر الشغور. وقال ناشط إن «ثلاث عشرة ناقلة تتجه الى المدينة». وأضاف «لقد انطلقت من حلب». وذكرت صحيفة «الوطن» السورية أن «عملية أمنية وعسكرية واسعة النطاق ستشن في قرى منطقة جسر الشغور، بعد معلومات عن وجود مئات الرجال المسلّحين».
لكن وكالة «فرانس برس» نفت المعلومات عن «عصابات مسلحة»، مشيرة إلى أن عناصر الشرطة قُتلوا خلال عصيان في مقر قيادة الأمن في المدينة الواقعة في محافظة إدلب. كذلك قال بيان نشر على موقع «فيسبوك»، ويحمل توقيع «سكان جسر الشغور»، إن مقتل الشرطيين والجنود هو نتيجة الانشقاقات في الجيش، ولا وجود للعصابات المسلّحة في المنطقة. وجاء في البيان، الذي لا يشير إلى الجهة التي كتبته، «نحن أهالي جسر الشغور نؤكد أننا لم نطلب حضور الجيش. ولا أساس للحديث عن وجود مسلّحين في المنطقة (..) واللجان الشعبية في جسر الشغور تتكفل بحفظ الأمن في المنطقة ولا داعي لأي عناصر غريبة عن المنطقة، كي لا ندع فرصة للمندسّين والمخربين والمسلحين الذين ينتحلون الصفة الأمنية. ونؤكد أن القتلى في صفوف الجيش والأمن وقعوا نتيجة انشقاقات في صفوفهم حيث بدأوا بإطلاق النار في ما بينهم على ما يبدو، لأن بعضهم رفض أوامر إطلاق النار على المدنيين العزّل».
غير أن ناشطاً آخر قال لـ«رويترز»، مشترطاً عدم الإفصاح عن اسمه «قصة هرب قوات الأمن غير حقيقية. (افراد الشرطة وقوات الأمن) قتلوا على أيدي المسلحين خلال العملية، وقد تعرضوا لإطلاق النار. بعض الناس في بعض المناطق رفعوا السلاح».
وأضاف «الوضع خطير. ما يحدث يعدّ عصياناً مسلحاً. أنا أعارض العنف من أي طرف كان».
من جهة اخرى, نفى التلفزيون السوري الرسمي ما ذكرته قناة «فرانس 24» الفرنسية عن استقالة سفيرة سوريا لدى باريس، لمياء شكور.
ونفت شكور في اتصال هاتفي مع التلفزيون السوري أن تكون قد استقالت من منصبها كسفيرة لبلادها لدى فرنسا.
وكانت قناة «فرانس 24»، اعلنت استقالة السفيرة السورية من منصبها، رفضاً لـ«دورة العنف» في بلادها وإقراراً بـ«مشروعية مطالب الشعب بمزيد من الديموقراطية والحرية».
من جهة ثانية، أعلن مصدر دبلوماسي تركي أمس أن نحو اربعين سورياً لجأوا الى تركيا نهاية الأسبوع الماضي هرباً من القمع، مشيراً الى وفاة أحدهم متأثراً بجروحه خلال نقله. وأوضح أن «رجلاً مصاباً بالرصاص فارق الحياة في سيارة الإسعاف التي كانت تنقله نحو مستشفى في تركيا بعد عبوره الحدود في حالة خطيرة» في محافظة هتاي (جنوب).
وفي ردود الفعل، ندّد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في مؤتمر صحافي عقده في طهران، بـ«تدخلات» الولايات المتحدة وحلفائها في شؤون سوريا. وقال «إن ايران تقف في خط المقاومة الأول بوجه إسرائيل، وأنا متأكد أن الشعب والحكومة السوريين سيحلان مشاكلهما، ونحن نندّد بتدخلات الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا». وتابع «هناك مع الأسف حكومات في المنطقة تتدخل (في الشؤون السورية) وتتبع الولايات المتحدة.
أنصحهم بعدم القيام بذلك لأن الولايات المتحدة سترتدّ عليهم بعد أن تحقق أهدافها». وأضاف «نحن نقف الى جانب كل الحكومات الثورية، ونعتقد أن السوريين قادرون على إدارة شؤونهم بأنفسهم».
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن فرنسا مستعدّة لأن تطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاقتراع على مشروع قرار يدين سوريا على الرغم من احتمال استخدام روسيا حق النقض. وأضاف أن الرئيس السوري بشار الأسد فقد شرعيته للاستمرار في الحكم، وحان الوقت لأن يجعل مجلس الأمن الدولي آراءه معلنة.
وتابع جوبيه، في كلمة ألقاها في مركز أبحاث في واشنطن بعد يوم من المحادثات مع مسؤولين أميركيين، بينهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، «الموقف واضح جداً. في سوريا عملية الإصلاح ميتة، ونعتقد أن بشار فقد شرعيته لحكم البلاد». وقال «نعتقد ـــــ كلنا معاً ـــــ أنه يتعيّن علينا الآن أن نمضي قدماً ونوزّع مشروع القرار هذا في مجلس الأمن»، مضيفاً «سنرى ما الذي سيفعله الروس. إذا استخدموا الفيتو فإنهم سيتحملون مسؤوليتهم. ربما إذا رأوا أن هناك 11 صوتاً مؤيداً للقرار يغيرون رأيهم. إذن هناك مخاطرة ونحن مستعدّون لتحمّلها».
أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، فرأى أن الرئيس السوري يفقد شرعيته وينبغي له إما الإصلاح أو التنحّي. وأضاف أن بريطانيا تبحث مع شركائها في الاتحاد الأوروبي احتمال فرض مزيد من العقوبات على الحكومة السورية إذا استمر العنف.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)